يعد الزخرفة بالمينا من أشهر الفنون الإيرانية، حيث جاءت بدايتها مع نشأة إيران نفسها، لذا فإنه من الصعب تحديد زمن معين لنشأته، غير أن الآراء الأكبر تشير إلى أنه يعود إلى عصر السلاجقة، وهو يقوم على طلاء المعادن بالمينا مثل الذهب والفضة والنحاس، وحتى الآن تشتهر إيران بهذا الفن المتميز، والذي يعد محط أنظار كثير من السياح الذين يأتون إلى إيران من أجل شراء هذه الأعمال التي تقترب من كونها تحفًا فنية يزينون بها منازلهم، ويبدون كأنهم أحضروا جزء من روح إيران المتمثل في ذلك الفن.
تاريخ
تعود أقدم القطع التاريخية من هذا الفن إلى عصر السلاجقة، زخرفة الجرة وقنينة النارجيلة أو (الشيشة) بالمينا، إلى جانب صينية “ألب أرسلان” التي حفظت في في متحف الصناعات الفاخرة في متحف بوستون بجانب الأعمال المتبقية من عهد الأخمينيين أو الساسانيين، داخل عدد من المتاحف الدولية مثل الأساور و صناديق و مزهريات و أنابيب المياه و لوحات.
ثم انتشر في أصفهان بشكل خاص وخاصة في العصر البهلوي، وحتى الآن تعد أصفهان من أهم المدن الحاضنة لهذا الفن، إذ يذهب السياح إليها من أجل شراء الأعمال هناك، التي تنشر في المحلات هناك.
سبب الصناعة
كان سبب الاتجاه للمينا هو أنها كانت تعويضًا عن الأحجار الكريمة ذات الأسعار العالية لتبدو وكأنها جواهر حقيقية للشخص غير المتمرس، وفي نفس تعطي شكلًا جماليًا للأشياء، ولم يكن ذلك مقتصرًا على ثقافة واحدة بل ظهر في عدة ثقافات أخرى، مثل المصرية واليونانية والفارسية، واستخدم بشكل خاص في الحلى، خاصة أنه تم تطعيمة في المعدن بألوان مختلفة.
وللشكل الجمالي الذي تعطيه المينا للأحجار صارت تعطيها قيمة كبيرة، ورفعت سعرها أيضًا، إذ أصبحت فنًا بحد ذاته يدر أمولًا جيدة بعد أن كانت تصنع لتكون بديلة عن الأحجار الكريمة.
أما مصطلح المينا فقد جاء من المادة التي تكونه، وهي كلمة انتقلت فيما بعد للعالم العربي، أما في التراث الاسلامي فمصطلح المينا مشهور بأنه التزجيج أو معادن مزينة بالزجاج، فقد ذكرها الجاحظ والهمداني باسم المينا، بينما قال عنها أبو الحسن علي بن يوسف الحكيم الى المينا السوداء باسم “المنيّل”.
تطور تاريخي
رسم الصفويون على المعادن والعاج كذلك والأثاث أيضًا، إلى جانب قبضات السيوف والخناجر والعلب، أما في العصر القاجاري بدأت تتطور النقوش على المعادن فظهرت أشكال الزهور والنباتات والأشكال الحيوانية والآدمية، خاصة الوجوه النسائية التي كان يتم فيها الاعتناء بالشكل الجمالي لهن، بعيونهم السوداء المتكحلة وأفواههم الصغيرة.
أما ألوان المينا فقد تطورت على مر العصور، حتى صارت ألوان مختلفة ومتنوعة، وبرزت فيها ألوان الوردي بكل درجاته والأزرق الملكي والفيروزي والأخضر الزمردي والأبيض المعتم.
تقنيات المينا
تتنوع وتتعدد تقنيات المينا، وهي أربعة أنواع:
المينا المفصصة: تتكون المينا المفصصة من أسلاك تملأ بالمينا كل منهم يعد لونًا مستقلًا، وتوضع في النهاية في الفرن من أجل إذابتها ومن ثم تترك لتبرد وتصلب.
المينا المحفورة: الزخارف في هذا النوع تتم عن طريقة يتكون بطريقة الحفر الذي يكوّن شبكة من القنوات الرقيقة، ثم تفصل عن بعضها يتم نشر مساحيق المينا عليها، حتى تملأ الأخاديد المصنوعة، لتسخينها ثم تبرد ليبرز شكلها النهائي.
المينا المرسومة: وهي ما اشتهر بها الإيرانيون، إذ لا يتم فصل ألوان المينا عن بعضها بواسطة الأسلاك أو الحفر، وإنما تتجاور الألوان على سطح المصوغة وهو الأمر الذي يحتاج مهارة عالية من الصائغ إلى جانب مهارة الرسم كي لا يخلط الألوان ببعضها.
المينا السوداء: تعد المينا السوداء عبارة عن مسحوق معدني خليط من الفضة والنحاس والرصاص والكبريت وتزين خاصة الفضة الاسترلينية.