حينما تأتي إيران في الأذهان، يصاحبها تلك الصورة عن الهينة الإيرانية في المنطقة والدول الإسلامية، وتأثيرها الكبير في المجتمع العربي والغربي والإسلامي، ولكن من الناحية الأخرى هناك أمور أخرى قد يتفاجأ بها العديد حول الحياة اليومية للشعب الإيراني المنغلق على نفسه بسبب السلطة الدينية.
وهناك عدة مظاهر تكشف الحياة الخفية في إيران.
انتشار الكحول
تعتبر الخمور من السلع المجرمة والمحظور في إيران، ورغم ذلك الحظر الرسمي للكحول داخل إيران، إلا أن 60-80 مليون لتر من الكحول يتم تهريبها سنويًا إليها.
وفي المقابل، فإن عقوبة شرب الكحول هي الجلد ثمانين جلدة، والتي بدأت بعد خلع الشاه من الحكم عام 1979م، أي منذ قدوم الخميني. وفي إيران، أصبح الكحول تجارة تزدهر لما يقرب 700 مليون دولار سنويًا. وبالإضافة إلى تهريب الكحول، فإنه يتم تصنيعها محليًا وبشكل غير مشروع.
وفي عام 2012م تبيّن أن 26% من سائقي السيارات في طهران كانوا يقودون سياراتهم وهم مخمورون وذلك خلال إجراء فحوصات شرب الخمور خلال شهر واحد من 20 أبريل إلى 20 مايو من ذلك العام.
أما عدد مستهلكي الكحول في إيران فهو مذهل، وبحسب أرقام منظمة الصحة العالمية، فعدد الناس الذين يستهلكون 35 لترًا من الكحول كفيل أن يجعل إيران في المرتبة التاسعة عشر، لتتفوق على روسيا، وألمانيا، وبريطانيا، وحتى الولايات المتحدة.
ينتشر شرب الكحول بين الشباب، والذين يرون أنه طريقة للهروب من القيود المفروضة. وعلى مدى سنوات، رفضت السلطات الإيرانية فعل أي شيء تجاه مشكلة الكحول وحاولت التغطية عليها فقط. وكنتيجة لذلك، أصبحت المشكلة أسوأ لأن متعاطي الكحول لا يجدون العلاج. لكن، في عام 2015م، سمحت إيران بإنشاء 150 مركزًا علاجيًا للتعامل مع هذه المشكلة.
البحث عن العلمانية
من أبرز أسباب الاحتجاجات الأخيرة في طهران، هي أن 60% من الإيرانيين هم تحت 40 عامًا، ما يجعل الشباب هم القوة المؤثرة في الحاضر والمستقبل، فكشفت احتجاجاتهم، طلب الحق في ممارسة الحياة كما يريدون، العيش أكثر تحررًا من ذي قبل في طريقة اللباس والزينة.
وفي بداية ديسمبر الماضي، كشفت وسائل إعلام إيرانية، عن بتوقيف 230 شابا وفتاة بسبب الاختلاط في سهرتين تخللهما تقديم كحول.
وتمت هذه الاعتقالات في منطقة طهران وضواحيها ليل الخميس إلى الجمعة، مع احتفال الإيرانيين بالعيد التقليدي «يالدا» رمز التجدد وانتصار النور على الظلمة بمناسبة بدء فصل الشتاء.
الطبقية
ظاهرة الطبقية منتشره في إيران، حيث يتعمد الأثرياء الظهور في الصور وهم يشربون الخمور، وبصحبة فتيات بلباس فاضح، بالإضافة إلى ذلك فإنهم يركبون أغلى السيارات الرياضية، ويعيشون حياتهم كما لو كانوا في دول غربية.
تهريب الأفلام الأمريكية
قبل وصول الخميني إلى السلطة عام 1979م، كان الإيرانيون يحبون الأفلام الأمريكية، إلا أنه قام بحظرها لأنها تمجّد نمط الحياة الغربية. لكن، لا يزال الإيرانيون يرغبون بمشاهدة الأفلام الأمريكية، لكنها محظورة والطريقة الوحيدة هي تهريب النسخ غير الرسمية منها.
فأصبحت العروض التلفزيونية الأمريكية والأفلام رديئة الجودة، وأشرطة الفيديو تحظى بتقدير كبير، لكن من يختار هذا العمل ربما يُعرّض نفسه للخطر.
وحجة الخميني في حظر الأفلام أن الناس ستقلّد ما تشاهده. فحين انتشر فيلم “Top Gun” في إيران، شاع ارتداء نظارات ريبان، كما بدأ الشباب بتقليد قصة شعر توم كروز، وهو ما عملت السلطات على مقاومته بإجبار الرجال على حلاقة شعر رؤوسهم. ومع اتباع الكثير من الناس للأنماط الغربية، فقد توقفت السلطات الإيرانية على إنفاذ القوانين ضدهم.
وبعد أن أصبحت أشرطة الفيديو طريقة قديمة لمتابعة الأفلام، حلت محلها أقراص الفيديو الرقمية. وعلى الرغم من أن إيران أصبحت منفتحة على الأفلام الغربية في القرن الحادي والعشرين، إلا أن العديد منها لا يزال محظورًا.
وأحد هذه الأفلام «Argo» والذي يصوّر الأحداث في إيران عام 1979م. فقد بيعت مئات الآلاف من النسح غير المرخصة لهذا الفيلم، ما يجعله أحد أكثر الأفلام التي حظيت بشعبية.
زواج المتعة
على الرغم من أن العلاقات خارج إطار الزواج محرمة ومحظورة في إيران كونها من الدول التي تتبع الشريعة الإسلامية. إلا أن هناك إحصاءات ذكرت أن أكثر من ربع الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 19 – 29 عامًا، كانت لهم علاقات خارج إطار الزواج.
واقتصاديًا فقد أصبح الزواج صعبًا لكثير من الشباب بسبب البطالة والتضخم ونقص المساكن. ولحل هذه المشكلة تم إنشاء صندوق الحب للإمام رضا وذلك لتشجيع الناس على الزواج. وربما سبب آخر في الإقلاع عن الزواج هو تنامي الحركة النسوية حيث تميل النساء إلى العمل أكثر من الزواج.
وفي هذا المقام لا بدّ من الحديث عن زواج المتعة وهو الزواج المؤقت الذي يكون بدون أي تبعات اجتماعية أو دينية حيث يعد خيارًا لكثير من الشباب الإيرانيين، وهو يوازي المواعدة عند الغرب.
وزواج المتعة مسموح به في إيران، ولهذا الزواج عدد من المؤيدين من المسئولين ومنهم الرئيس هاشمي رفسنجاني والذي قال عام 1990م أن الزواج المؤقت كان وسيلة للالتفاف على العلاقات غير الشرعية، وتجنب الأمراض الجنسية.
شعبية ألعاب الفيديو
ألعاب الفيديو في إيران مشابهة لتلك الموجودة في الولايات المتحدة، ومع تنامي وجود الثقافة الغربية، أصبحت الحكومة الإيرانية تستخدمها لجذب جيل جديد من الإيرانيين، فمثلًا هناك لعبة قامت الحكومة بتمويلها ضد المؤلف سلمان رشدي مؤلف كتاب آيات شيطانية.
وقد أدت لعبة الفيديو الأمريكية «Prince of Persia» إلى قيام المطورين الإيرانيين لتطوير لعبة “Quest of Persia” وقد أصبحت سلسلة ألعاب الفيديو الأكثر شعبية، حتى أنها حظيت على شعبية في الخارج لشفافيتها التاريخية، ولجمال الصورة.
ومعظم ألعاب الفيديو تصوّر ملاحم السيف في القرون الوسطى، وهي الأكثر مبيعًا في إيران، لكنها قد تجد صعوبة في البيع نتيجة الوضع الاقتصادي. ومن الألعاب الأخرى التي لها شعبية« Special Operation 85: Hostage Rescue» والتي تصوّر عملية إنقاذ علماء إيرانيين من قبضة القوات الأمريكية والصهيونية. وكما الحال بالنسبة للأفلام، فيتم بيع ألعاب الفيديو بذات الطريقة، والتي لها شعبية بين مجموعة من الإيرانيين المستعدين لإنفاق الأموال عليها.
تجارة البشر
في عام 2006م حصلت إيران على أدنى تصنيف في التعامل مع مشكلة الإتجار بالبشر.
وقد وصل عدد الفتيات الإيرانيات اللواتي يتم الإتجار بهن بين 35 ألف – 50 ألف فتاة. ويتم إجبارهن على العمل بالشوارع، أو ورش العمل، أو أي عمل يديره تجار البشر. وتعد إيران نقطة عبور لتجارة البشر من النساء والأطفال والرجال الذين يتم استغلالهم جنسيًا، لذا فهي أكبر مورد للبشر!
وعلى الرغم من أن الدستور الإيراني يحظر تجارة البشر، إلا أن ذلك لم يمنع الأشخاص الذين يتمتعون بالقوة من الامتناع عن ذلك خاصة تجاه المستضعفين. فيتم اختطاف المهاجرين وغيرهم والإتجار بهم إلى أوروبا. وغالبًا ما يقصد المهاجرون إيران من الدول المجاورة كونها الأكثر استقرارًا من دول، مثل: أفغانستان وسوريا، لكنهم مهددون بالعمل القسري بدون أجر، أو ما يُسمى بعبودية الدَّيْن.
وبحسب تقارير منظمات حقوق الإنسان، فلم تفعل الحكومة الإيرانية أي شيء لوقف هذه الانتهاكات المتفشية. ومنذ بروز القضية لأول مرة عام 2004م لم تفعل إيران أي شيء لوقف الإتجار بالبشر. وهناك بعض الشائعات التي تقول بأن تجارة البشر في إيران وصلت إلى المجتمعات الدينية، والتي تمارس تأثيرًا كبيرًا على الحكومة.