لا تزال السلطات الإيرانية، تعلن أن موت المعتقلين داخل سجونها جاءت نتيجة للانتحار، إلا أن الكثير من المجتمع الإيراني يرفض الروايات الرسمية، مؤكدين أن المعتقلين تعرضوا للقتل جراء التعذيب عقابا لهم على خروجهم في احتجاجات.
و كشفت منظمات حقوقية إيرانية عن مقتل سادس معتقل تحت التعذيب بسبب الاحتجاجات الأخيرة، ويدعى علي بولادي، وكان يبلغ من العمر 26 عاماً، وهو من أهالي منطقة تشالوس بمحافظة مازندران شمال إيران.
يذكر أن تصريحات المسؤولين الإيرانيي ، عن المتظاهرين ووصفهم بالعملاء والأعداء والإرهابيين، كفيلة بأن تؤكد يقين الشعب الإيراني أن موت المعتقلين ناتج عن التعذيب وليس انتحار كما تقول الروايات الرسمية.
روايات النظام الإيراني دفعت مجموعة من البرلمانيين الإيرانيين، أمس الأحد، إلى التحقيق في مقتل الرجلين، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء «إسنا» شبه الرسمية.
ويقول أعضاء البرلمان إن هناك حاجة لإجراء تحقيق لأن «الأقارب وشهود العيان» شككوا في المزاعم الرسمية القائلة بانتحار الرجلين.
وعن الروايات الرسمية، الصدد يقول الكاتب الصحفي، شريف عبد الحميد، المتخصص في الشؤون الإيرانية:«هذا الكلام عارٍ من الصحة لأن الجمعة الماضية مات معتقل سادس تحت التعذيب ويدعى «علي بولادي»، ويبلغ من العمر 26 عاماً، وهو من أهالي منطقة تشالوس بمحافظة مازندران شمال إيران، وكان قد اقتيد إلى مركز احتجاز تابع للمخابرات، لكن الأمن أبلغ أهله أمس الأول السبت بأن ابنهم توفي في المعتقل وبإمكانهم استلام جثته».
وأضاف عبد الحميد في تصريح لـ«إيران خانة”:«الاحتجاجات سببت ذرعا لنظام الملالي وتعذيب الشباب ما زال مستمرا في سجون الاستخبارات، وبموت المحتج السادس يظهر لنا أن ما يحدث ليس انتحارا بل تعذيب يفوق الوصف».
وتابع:«وقد توفي 5 من المتظاهرين في المعتقلات بمختلف المحافظات بظروف غامضة، وهذا يظهر القتل تحت التعذيب وهو ما أكدته منظمات حقوقية إيرانية، حتى أن النائب محمود صادقي جمع توقيع 40 نائباً على رسالة وجهوها لرئيس البرلمان علي لاريجاني، طالبوا فيها بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في أسباب وفاة المعتقلين خلال الاحتجاجات الأخيرة في مختلف السجون، وهو ما يؤكد ما نقوله عن أن التعذيب هو الذي قتل 6 من المحتجين وينتظر غيرهم القتل تحت التعذيب».
تقارير دولية
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت تقريرا عبر موقعها الإلكتروني، ذكرت فيه أن مسؤولي الحكومة الإيرانية أعلنوا انتحار اثنين من الشبان المحتجزين، ومقتل آخر وصفوه بأنه كان «إرهابيا» في اشتباكات مع قوات الأمن.
التقرير أشار إلى أن هؤلاء الشبان الثلاثة، من بين أكثر من 25 إيرانيا على الأقل، قُتلوا جميعا في موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اجتاحت البلاد قبل بضعة أسابيع.
وأوضح أن القصص الشخصية للشبان الثلاثة التي ظهرت منذ ذلك الحين، أثارت موجة غضب واسعة ودعوات لمحاسبة المسؤولين في صفوف العديد من الإيرانيين ممن يرون تناقضات صارخة في الروايات الرسمية للوقائع.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الضغوط ترمي لإجراء المزيد من التحقيقات، ومعاضدة الطلب البرلماني للتحقيق في الوفيات في السجون، ما يعني أن الاحتجاجات لم تكن سوى بداية غضب واحتقان وغليان لن يخمد فتيله أبدا.
التقرير نقل عن فرشد جورانبور، المحلل المقرب من حكومة الرئيس حسن روحاني، قوله إن «هذه الأنباء حول عمليات الانتحار المزعومة تجعل الناس غاضبين. إنهم يطالبون بإجابات».
تعقيد جديد
ورجحت الصحيفة أن هذا الغضب يشير إلى تعقيد جديد قوي يواجه المرشد الإيراني علي خامنئي، والذي استهدفته الاحتجاجات بشكل شخصي، لافتة إلى أن استعداد مكونات المجتمع العام الإيراني لرفض رواية السلطات القضائية العليا علنا، يعد أمرا غير اعتيادي في بلد يحكمه نظام دكتاتوري لا يعترف بالرأي الآخر، وربما يكون هذا السلوك محفوفا بالمخاطر وقد يستدعي الانتقام من هذا الجانب أو من ذاك.
وأمس الأحد، أعلنت السلطات القضائية الإيرانية في بيانها حول آخر المستجدات بشأن الاحتجاجات، مقتل 25 شخصا، واعتقال نحو 4 آلاف، بينما تم الإفراج عن المئات من المحتجين الموقوفين، بينهم 500 في طهران.
وقال المدعي العام الإيراني، غلام حسين محسني إيجي، خلال مؤتمر صحفي عقده في طهران: «لا رصاصة من التي عُثر عليها في جثامين القتلى تطابق الأنواع التي يستخدمها ضباط إنفاذ القانون والجيش الإيراني»، مضيفا أنهم «انتحروا بالسجون».
وبعد أن رفعت السلطات الإيرانية، أمس الأول السبت، الحظر المفروض على تطبيق الرسائل الهاتفية الشهير «تلجرام»، الذي يستخدمه أكثر من 40 مليون إيراني، سرعان ما غزت التطبيق شكوك مستخدميه بشأن الروايات القضائية المتعلقة بوفيات السجون.
بائع متجول
وذكرت الصحيفة أن أحد القتلى ويدعى، فاهيد حيدري، بائع متجول في الشوارع، كان يحاول كسب عيشه في مدينة أراك، وسط إيران، وقد اعتقل ليلة رأس السنة خلال الاحتجاجات، وتصر السلطات القضائية على أنه اُحتجز لحيازة المخدرات، وهو ما نفاه محامي أسرته محمد نجفي.
وزعم عباس قاسمي، المدعي العام المحلي في المدينة، في تصريحات لوكالة أنباء «ميزان»، التابعة للهيئة القضائية، أن تسجيل فيديو أظهر أن حيدري طعن نفسه بسكين، دون نشر الفيديو أو توضيح كيف حصل حيدري على سكين في زنزانته.
وفي سجن «إيفين» بطهران، زعمت السلطات القضائية أن الطالب سينا جانباري (23 عاما)، الذي كان محتجزا مع متظاهرين آخرين، شنق نفسه في الحمام يوم 6 يناير الجاري.