تقوم المواطنة آلاله كامران بتسليط بعد الأضواء على ما يحدث. وتقول: «منذ اندلاع الاحتجاجات في وطنها إيران في الأسبوع الماضي، التصق سكان لوس أنجليس بالأخبار ووسائل الإعلام الاجتماعية وتليجرام، التطبيق الذي يستخدمه العديد من الإيرانيين للتواصل».
وتضيف كامران، وهي محامية، “عندما أرى أو أسمع شعب إيران، وهم يهتفون في الشوارع، أشعر بنفس الخوف والهلع والقلق، ونفس الشعور باندفاع الدم للإبطين، والأذنين، والشعور بالبرودة والرطوبة في أصابع يدي وقدمي [كما فعلت مع الثورة]. وتقول، “إنني اختنق وأذرف الدموع وليس لدي أي قوة لوقف الشعور بالعجز والخسارة وفقدان الأرض والحرية والهوية وفقدان الاستقرار والانتماء”.
وبالنسبة لكامران وكثير من المغتربين الإيرانيين الآخرين في الولايات المتحدة، تعيد مشاهدة الاضطرابات في إيران ذكريات الثورة الإيرانية في عامي 1978-1979، عندما أطيح بشاه محمد رضا بهلوي وأعلن آية الله روح الله الخميني إيران جمهورية إسلامية.
وكانت كامران، البالغة من العمر 52 عاما، والتي كانت تبلغ 13 عاما فقط عندما فرت مع آلاف الايرانيين الآخرين من البلاد للاستقرار فى الولايات المتحدة. وهي الآن تشاهد من مختلف أنحاء العالم الاضطرابات وهي تجتاح إيران مرة أخرى.
وذكرت وسائل الإعلام الحكومية أن 21 شخصا على الاقل لقوا مصرعهم فى الاحتجاجات الإيرانية الاخيرة التى أثارتها مخاوف بشأن ارتفاع تكاليف المعيشة والاقتصاد الذي يعاني من الركود ولكنها تطورت إلى احتجاج واسع ضد النظام. وقد أصبحت الاحتجاجات تحديا كبيرا لسلطة الحكومة الإيرانية.
وعبر موقع الفيسبوك في وقت سابق من هذا الأسبوع، شاركت كامران صورة لسيارات الحرس تنقلب ويضرم فيها النار التقطت خلال الاحتجاجات الأخيرة. وهذا يذكرها بشبابها.
وأضافت أن “الشوارع كانت مليئة بالدبابات وكان الجنود يجلسون مع البنادق الموجهة في الهواء، وليس على الشعب”. وقالت “كانت الحالة المزاجية في ذلك الوقت متوترة بسبب كل الاحتجاجات المتواصلة والدائمة، لكنها لم تشعر أبدا بأننا كنا في أي خطر حقيقي أو فعلي. وفجأة، صادفت أنا وأخي مجموعة من المتظاهرين الذين كانوا يسيرون نحو الدبابات التي كانت غير متحركة.
وحينها، لم يكن لدي أي فكرة عما حدث، ولكن الدبابات بدأت تتجه نحو المتظاهرين الذين أصيبوا بعد ذلك بحالة من الذعر وبدأت تفريقهم في جميع أنحاء المكان، وبدأوا يصرخون ويهتفوم، ولا أتذكر رؤية أو سماع أي طلقات نارية، ولكن أتذكر الصيحات”.
إن الآخرين، وخاصة في المجتمع الإيراني الأمريكي في لوس أنجليس، والملقب بـ “طهرانجيلس”، قد شعروا بالكثيرا كلما شاهدوا، من بعيد، كفاح جيل آخر للنظام الإيراني.
وتقول بيتا ميلانيان، وهي منظمة لمجموعة أميركية إيرانية، “إن رؤية الصور تجلب ذكريات تلك الأيام التي لا تزال حية في ذهني، ولكن هذه المرة مختلفة”. وتضيف، “إن الناس أكثر وعيا، ويمكنهم الحصول على معلومات “حقيقية “ولا يمكن غسل أدمغتهم بوعود كاذبة، كما حدث في المرة السابقة عندما تم وعدهم بكل ما لم يقدم لهم”.
إن ميلانيان، التي تعمل في مجال التسويق، كانت تبلغ من العمر 6 أعوام عندما وقعت الثورة. وعاشت في طهران لمدة ثماني سنوات قبل أن تصبح لاجئة في ألمانيا ثم تقوم بالهجرة إلى الولايات المتحدة في وقت لاحق.
ويتفق الكثيرون على أن هذه الاحتجاجات الأخيرة تختلف أيضا عن تلك التي كانت تعرف في إيران باسم “الحركة الخضراء” في عام 2009، والتي اندلعت ردا على الانتخابات المتنازع عليها التي فاز بها الرئيس محمود أحمدي نجاد.
وعقب الانتخابات، كتب تريتا فارسي، مؤسس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي، “تظاهر أكثر من مليون شخص في شوارع طهران”. وأضاف، “على الرغم من شراسة الاحتجاجات الحالية، إلا أنها نادرا ما يفوق عددهم بضعة آلاف في أي مكان محدد.
وكان للاحتجاجات في عام 2009 أيضا أهداف محددة جدا، على الأقل في البداية. وكانت مدفوعة باتهامات بالتزوير في الانتخابات الرئاسية، و كان المتظاهرون يطالبون بإعادة فرز الأصوات.
كما كانت هناك قيادة قوية للاحتجاجات من قبل المرشحين الرئاسيين آنذاك مير حسين موسوي ومهدي كروبي، والذين أعطوا الحركة التنظيم الذي كان يشتد الحاجة إليه. وتظهر الاحتجاجات الحالية بشكل مشتت أكثر، دون وجود قيادة واضحة وبأهداف تحولت خلال الايام الاربعة الماضية”.
يذكر أن البعض يشعر بالتفاؤل بأن الاحتجاجات الأخيرة ستثير تغييرا إيجابيا. ولكن في حين أنهم يدعمون جهود الاحتجاج، إلا أنهم يشعرون أيضا بانعزالهم عنها.
وقالت ميلانيان “إن الذين يعيشون خارج إيران لا يمكنهم سوى أن يدعموا قرارات شعب إيران ورغباتهم”. وتضيف، “أنا شخصيا لا أشعر بأن لدي الحق في الاختيار لهم، وكشخص عاش خارج البلاد لأكثر من 30 عاما، كل ما يمكنني القيام به هو أن أكون داعمة من بعيد، وأقوم بمشاركة الأخبار لرفع مستوى الوعي و وأقوم بدوري من الخارج، بناء على رغباتهم، ولا أعتقد أن لدي الحق في اختيار رئيسهم المقبل”.
ويوافق بويا ديا نيم، رئيس لجنة الشؤون العامة اليهودية الإيرانية، على أن هذه الاحتجاجات، رغم أنها تذكره بالثورة، إلا أن لها انطباع مختلف.
وقال “إننى أتذكر أن المتظاهرين كانوا غاضبين فى عام 1979 ورددوا شعارات سلبية كثيرة”. وأضاف “أرى الآن أن المتظاهرين مفعمون بالطاقة الإيجابية والشعارات الإيجابية والبناءة”.
يذكر أن يوم الثلاثاء كان اليوم السادس للاحتجاجات فى إيران وترك الإيرانيين فى الولايات المتحدة يتساءلون عما اذا كان التغيير سيحدث أخيرا.
وكتب مازيار بهاري، وهو سجين سياسي سابق ورئيس تحرير جريدة إيران واير، في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، “هل هي ثورة؟ ليس بعد. وأضاف “إن الحكومة الإيرانية هي أسوأ عدو لنفسها، والشعب الإيراني يعرف ذلك. إن الآثار الاقتصادية التي تؤدي إلى الاقتتال الداخلي يمكن أن تقضي على هذا النظام الفاسد والوحشي.
وجدير بالذكر أن الفصائل المختلفة داخل الحكومة، في الغالب، وكما يحدث دائما، تختار رفض المظالم الاقتصادية الحقيقية للشعب الإيراني وإلقاء اللوم فيما يتعلق بالاحتجاجات على وكلاء أجانب ومؤامرة أمبريالية صهيونية دولية.
وقد تعلم الشعب الإيراني بعد أن عاش ما يقرب من 40 عاما في ظل الجمهورية الإسلامية، أن يرفع أصواته تدريجيا وبذكاء في الاحتجاجات السلمية التي من شأنها أن تجعل الحكومة تقوم بفصل نفسها”.
ورغم ذلك، قام الإيرانيون في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الممثلون المشهورون ومخرجو الأفلام والكوميديون بالاحتشاد وراء المتظاهرين ، وعبروا عن تأييدهم للمتظاهرين عبر الإنترنت.
وغردت نازانين بونيادي، الممثلة والناشطة، في الأسبوع الماضي، قائلة “ربما يمكن لهذه الثورة الحزينة أن تجلب التغيير الدائم للشعب الإيراني”. وأضافت، “إن الأعداد المتزايدة من الإيرانيين الذين يتحلون بالشجاعة والذين يجتاحون الشوارع تملأني بالأمل في أن هذا يمكن أن يؤدي إلى استفتاء وفي النهاية إلى نظام الحكم الذي يختارونه.
May this blue revolution bring lasting change for the Iranian people. The growing numbers of brave Iranians taking to the streets fills me with hope that this can lead to a referendum and ultimately the system of governance they choose. #FreeIran
— Nazanin Boniadi (@NazaninBoniadi) December 29, 2017
وواصلت نجمة “الوطن” تبادل خبرات عائلتها في إيران.
وكتبت في تغريدة أخرى “لدي أقارب في إيران على وشك الإفلاس ومنهم من لا يستطيعون الحصول على الدواء والعلاج الكيميائي الذي يحتاجون للبقاء على قيد الحياة”. وأضافت “إن الاحتجاجات الجماهيرية تظهر فقط كيف اصبحت هذه المعاناة الاقتصادية تضعف المجتمع، وتحفز الناس في مواجهة الضائقة الأعمق لدولة قمعية”.
كما غردت أيضا الممثلة يارا شهيدي، التي تألقت في برنامج “بلاك- يش.
وقالت، “أرجو أن يبقى جميع المتظاهرين والإيرانيين ورفقائي في مدينة مشهد آمنين”.
Hoping all protesters, Iranians, and my fellow Mashhadies stay safe ❤️#IranianProtests
— Yara shahidi (@YaraShahidi) December 30, 2017
وفي يوم الثلاثاء، دعا الرئيس دونالد ترامب الحكومة الإيرانية “بالوحشية والفاسدة” في تغريدة، واتهم المرشد الأعلى الإيرانى آية الله على خامنئى “أعداء إيران” بإثارة الاضطرابات فى البلاد.