اندلعت مظاهرات في جميع أنحاء إيران، أشعلها السخط من ارتفاع تكاليف المعيشة وتوسعت تلك المظاهرات في شكل مسيرات ضد المؤسسة الدينية والأمنية. وتأتى هذه الاحتجاجات بعد أقل من عام على إعادة انتخاب الرئيس حسن روحانى، وهو رجل دين يؤيد إقامة علاقات أوثق مع بقية العالم.
وقد دُعمت جهوده على إنهاء العزلة الاقتصادية لبلاده من خلال اتفاق عام 2015 للحد من البرنامج النووي الإيراني، ووعد بأن الاتفاق سيجلب الرخاء للوطن أخيرا. وفي إشارة إلى أن الاحتجاجات قد تؤدي إلى مزيد من الاستقطاب للسياسة الإيرانية، قام مؤيدي روحاني باتهام المعارضين بإثارة المخاوف الاقتصادية بين المواطنين الأفقر.
وفي الوقت نفسه، يثير العداء تجاه إيران في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطر انهيار الاتفاق النووي.
ما مدى سوء حالة الاقتصاد؟
يذكر أن نسبة البطالة تبلغ 12 في المائة، حيث يعتبر النساء والشباب من أشد الفئات تضررا. في حين انخفض التضخم من أكثر من 40 في المئة في عام 2013، عندما انتخب روحاني لأول مرة، ولا يزال يتأرجح حول نسبة 10 في المئة. وتقول بعض التقارير إن اللوم يقع في ارتفاع أسعار البيض والدواجن مؤخرا، على عملية الانتقاء بسبب المخاوف بشأن انفلونزا الطيور، وقد يكون ذلك قد أثار الاحتجاجات الأولية فى الأسبوع الماضى.
ما هي استراتيجية روحاني؟
قام روحاني بقيادة الاتفاق الذي حد من قدرة بلاده على تخصيب اليورانيوم ليكون فقط للأغراض السلمية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية التي منعت إيران على سبيل المثال من بيع النفط في الأسواق الدولية. ويعود الإنتاج النفطي الآن إلى المستويات التي كان عليها قبل فرض الولايات المتحدة عقوبات في عام 2011. ويزداد الناتج الإجمالي المحلي مرة أخرى بعد تقلصه في عامي 2012 و 2013، ولكن جميع نسب النمو كانت تتركز تقريبا في صناعة النفط، مع وجود مشاكل الائتمان التي تعرقل الاقتصاد الأوسع. وحتى الآن، لم يشعرالمواطنين العاديين سوى بالقليل من الفوائد. ويخبر روحاني الإيرانيين بأن ذلك سيستغرق وقتا.
ماذا قال روحاني عن الاحتجاجات؟
فى محاولة لتهدئة الاضطرابات، دافع روحانى يوم الأحد عن حق الإيرانيين فى الاحتجاج بينما حثهم على العمل مع إدارته لمعالجة ما قال إنها مظالم مبررة حول الاقتصاد. وفي أواخر عام 2017، قام بتقديم مشروع ميزانية إلى البرلمان بقيمة 337 بليون دولار والتي خصصت نحو 100 بليون دولار لبرامج الخدمة العامة التي من شأنها خلق فرص العمل ومعالجة الأزمة المصرفية والسعي إلى جعل جميع الأسر الفقيرة تعيش في حد أدنى لمستوى المعيشة وذلك من خلال برنامج جديد للضمان الاجتماعي.
ما الذي يحدث مع البنوك؟
لقد كان عدم الحصول على التمويل عائقا كبيرا أمام الشركات الإيرانية خارج قطاع الطاقة، حيث حدد صندوق النقد الدولي أن هناك حاجة ملحة لإجراء إصلاحات مالية، تشمل معالجة المصارف التي تعاني من نقص في رأس المال. وقد اشتد الغضب حول الطريقة التي تسمى مؤسسات الائتمان، أو مقدمي القروض الرخيصة، والتي ازدادت تقريبا منذ عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد.
وفي العام الماضي، احتج العملاء خارج الفروع، مطالبين باسترجاع الودائع مرة أخرى مع تزايد المخاوف بشأن احتمال انهيار بعض أكبر مؤسسات الائتمان. وقال روحانى يوم الأحد إن الحكومة سعت إلى معالجة المشكلة بحزمة مساعدات تصل قيمتها إلى 3 مليارات دولار لهذه الصناعة.
هل تم رفع جميع العقوبات الاقتصادية؟
لا تزال معظم الشركات الأمريكية تعتمد على المستثمرين المترددين بسبب الحظر الشامل الذي فرضته الولايات المتحدة على التجارة والاستثمار في عام 1995، والذي بدء من خلال القلق من ارتباط إيران بالإرهاب. ومنذ أن أصبح ترامب رئيسا في عام 2017، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة تتعلق ببرنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية وقوات الأمن التابعة لها، وهي الحرس الثوري، والتي لا يغطي أي منها الاتفاق النووي. كما طلب ترامب من الكونجرس الأمريكى تحديد ما إذا كان سيتم الانسحاب تماما من الاتفاق النووى.
ما هي شكوة ترامب؟
يقول منتقدو إيران إنه لا يمكن الوثوق بها فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم لأي غرض من الأغراض. وقد رفض ترامب الاتفاق النووي واتهم إيران بنشر “الموت والدمار والفوضى في جميع انحاء العالم”. وادعى أن الاتفاق يعد “اسوأ صفقة على الاطلاق” وقال إنه سيمنح إيران أسلحة نووية. ولكن تغيير شروط الاتفاق سيتطلب تعاون إيران والموقعين الآخرين، وهم الصين وفرنسا وروسيا وألمانيا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبى.
ماذا يفكر الآخرون بشأن الانتعاش الاقتصادي الإيراني؟
يذكر أن البعض في الولايات المتحدة وأوروبا يعتقد أن دعم الاقتصاد الإيراني، بحاولي ما يقرب من حجم اقتصاد النمسا، هو أفضل وسيلة لتعزيز المعتدلين السياسيين الذين يمثلهم روحاني. ويقولون إن اندماج إيران بشكل أفضل فى الاقتصاد العالمى يخلق دوافع للبلاد للالتزام بالاتفاق النووي والمعايير الدولية الأخرى. ويرى المتشككون أن هذا التفكير يستخف بالتزام قادة إيران بتوسيع قوتهم في المنطقة. ويقولون إن إيران بمزيد من المال تصبح أكثر خطورة، وأكثر قدرة على دعم حلفاء مثل بشار الأسد، فضلا عن الجماعات المسلحة مثل حزب الله وحماس. وتشير السلطات الإيرانية إلى أن قواتها لعبت أدوارا هامة في هزيمة الجهاديين في تنظيم الدولة في كلا من سوريا والعراق.
هل ستعود الشركات الأجنبية إلى إيران؟
لقد قامت بعض شركات النفط والبناء، بالإضافة إلى شركات الطيران والسيارات مثل مجموعة إيرباص إس إي وبيجو سيتروين، بتوقيع صفقات، ولكن الاهتمام بين الشركات في الخارج لم يرق إلى توقعات روحاني. وفي نوفمبر، توصلت شركة توتال الفرنسي إلى اتفاق غير ملزم لتطوير حقل للغاز الطبيعي في إيران، وفي الشهر التالي وقعت شركة رويال داتش شل اتفاقا لتقييم ثلاثة من أكبر حقول النفط والغاز في البلاد. وقد جعلت العقوبات الأمريكية المفروضة على المعاملات المالية مع ايران الشركات الدولية حذرة من ممارسة الأعمال هناك. ثم أن هناك خطر سياسي في بلد تمارس فيه المؤسسة الدينية سيطرتها.
ما هي الصلاحيات التي يتمتع بها الرئيس الإيراني؟
يذكر أن الرئيس يتزعم السلطة التنفيذية لكنه يخضع للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. وهناك عدد من الكيانات الحكومية خارج نطاق اختصاص الرئيس، بما في ذلك جهات البث الحكومية، الذي يتم تعيين رئيسها من قبل المرشد الأعلى، وفيلق الحرس الثوري الإيراني.
والحرس هم نخبة من القوة الأمنية التي لديها جناح اقتصادي ومصالح في قطاعات الاتصالات والبنية التحتية والطاقة. وتتمثل مهمتهم في حماية الثورة الإسلامية التي أطاحت في عام 1979 بالشاه وقامت بتعيين آية الله روح الله الخميني. وتعهد الحرس فى نهاية الاسبوع باتخاذ إجراءات صارمة فى حالة استمرار الاضطرابات.