أطلقت بريطانيا مصطلح “هجرة العقول” لوصف هجرة علمائها إلى الولايات المتحدة وكندا في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وفي العصر الحديث تتصدر الدول النامية قائمة هجرة العقول.
و كما أفادت المصادر الإيرانية، تعد إيران السادسة عالميًا في هجرة العقول، إذ يعيش حوالي 6 مليون مواطن في الخارج، أي ما يعادل 7% من المجتمع الإيراني، ويهاجر سنويًا وفقًا لإحصاءات الأمم المتحدة والصندوق الدولي 150 ألف طالب وباحث إلى الدول المتقدمة لإكمال الدراسة أو العمل.
وقد صرح مؤخرًا وزير العلوم الإيراني أن إيران تخسر سنويًا 150 مليار دولار نتيجة لهجرة هؤلاء، حيث تتكفل الدولة بمصاريف البعثات التي تساوي مليون دولار لكل طالب، ومع ذلك يفضلون البقاء هناك، حيث يعود 27% فقط من طلاب البعثات.
قيود دينية
ولعل القيود الفكرية والاجتماعية والدينية التي يُعاني منها المواطن الإيراني، و الظروف الاقتصادية الراهنة، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة من أسباب ارتفاع معدلات الهجرة في إيران.
ففي تصريح للدكتور مهرداد درویش پور عالم الاجتماع، في حوار له مع “صوت أمريكا” قال: اليأس، والبطالة، وعدم استقطاب النخب، من الأسباب الرئيسية لهجرة العقول الإيرانية إلى الخارج.
و أضاف پور: لو لم يتم تحقيق الظروف المناسبة للعلماء، والمفكرين، والنخب، ستزداد المشكلة، ولن تقل إحصاءات الهجرة، وبالتالي ستواجه إيران عواقب وخيمة نتيجة لهذه الظاهرة.
بينما أكد “حميد” الطالب بجامعة طهران أنه سيذهب لإكمال دراسته في كندا، ولن يعود لإيران مرة ثانية، وقد اختار كندا لأنها تهتم بالبحث العلمي، وتوفر الحكومة الكندية الظروف المناسبة للتعليم من حيث الدعم المالي والعلمي .
أما أعظم بهرامي ــ الناشطة الحقوقية ــ التي تخرجت من جامعة إيطالية قالت: القيود و العنصرية في الحرم الجامعي لهما دور كبير في اختيار الطلاب للهجرة كوسيلة للتعلم في الخارج، حيث تضع بعض الجامعات قيود لقبول الفتيات في بعض الأقسام، وتمنعهن من تخصصات بعينها.
يذكر أن هجرة الفتيات تمثل 40% من هجرة العقول الإيرانية.
وتعد أمريكا، وكندا، وإيطاليا، وألمانيا، وأستراليا من أهم الدول التي يقصدها الطلاب الإيرانيين فور حصولهم على الدكتوراه، للدراسة أو العمل في المراكز البحثية.
ورغم انخفاض عدد المهاجرين إلى أمريكا في العقد الأخير، مازال يقصدها ضعف عدد المهاجرين إلى كندا. وقد هاجر 90 من 125 فائز بأولمبياد العلوم الدولي في إيران إلى الولايات المتحدة. و هناك مقولة شائعة بأن أمريكا تضم أكبر عدد للإيرانين بعد إيران.
وقد سجلت جامعات شريف الصناعية، و اصفهان الصناعية، و طهران، و أمير كبير النسبة الأعلى لهجرة الطلاب .
الحد من زيادة هجرة العقول
وتعتبر إيران هذه الظاهرة من أخطر الظواهر على المجتمع، وقد أعرب الكثير من المسئولين عن قلقهم من نقص النخب، والكوادر العلمية في المجتمع الإيراني رغم محاولات الدولة في التنمية، وارسال الطلاب إلى البعثات.
وقد وعد الرئيس حسن روحاني اثناء حملته الانتخابية الأولى بالإهتمام بالمجالات العلمية والتكنولوجية، والحد من ظاهرة هجرة العلماء، وفتح باب العودة للمهاجرين منهم.
وسعت الحكومة لتنفيذ كافة مطالبهم، و توفيرالظروف المناسبة لعملهم، وبالفعل شهدت الأربعة أعوام الأخيرة رجوع البعض، واطلق البعض على الفترة الرئاسية الأولى للروحاني “العصر الذهبي لعودة العقول المهاجرة” ‘ حيث عاد 673 عالم ومتخصص.
ووجه الرئيس روحاني خلال الاحتفال بيوم الطالب خطابه للمهاجرين، وطالبهم بالعودة مرة ثانية إلى بلدهم، مؤكدًا أن الظروف السياسية والاجتماعية تغيرت.