أثار التنافس المتصاعد بين إيران والمملكة العربية السعودية قلق خبراء السياسة الخارجية الذين يعتقدون أنه يمكن أن يتسبب في زيادة زعزعة استقرار المنطقة. ولكن النساء لديهن سبب يدعو للبهجة في التنافس بين النظامين ولكسب عباءة البديل الإسلامي الأكثر اعتدالا، كانت النساء هن المستفيدات.
عندما حصلت المرأة السعودية على حق التصويت أو القيادة أو الترشح لمنصب، لم تولي المرأة الإيرانية اهتماما كبيرا. فالنساء في إيران يتمتعن دائما بهذه الحقوق، وكان نظرائهن السعوديات يلحقون بهم بكل بساطة. ولكن عندما رفعت المملكة العربية السعودية الحظر المفروض على وجود المرأة في الملاعب الرياضية، شعرت المرأة الإيرانية بالغضب على حكومتها.
وكان توقيت الإعلان السعودي في أواخر سبتمبر جيدا، إذا كان إشعال المجتمع المدني الإيراني هو الهدف. وقبل بضعة أسابيع فقط، منعت المرأة الإيرانية من حضور مباريات التأهيل لكأس العالم في طهران بين إيران وسوريا، في حين سمح للنساء السوريات بدخول الملعب.
وقالت مريم ميمارساديغي، المؤسس المشارك لموقع تافانا، وهو موقع مخصص للتربية المدنية في إيران، “عندما أرى إصلاحات في المملكة العربية السعودية، فإنني أشعر بالسعادة المزدوجة، سعيدة للمجتمع السعودي والمرأة على وجه الخصوص”، وأضافت، “ولكن أشعر أيضا بسعادة غامرة لأن السمة الأخلاقية الخاطئة للنظام الإيراني اخترقت، وأن قوانين النظام الإيراني وإجراءاته ضد حقوق المرأة يتم النظر إليها بشكل عكسي حتى من قبل بلد ينظر إليه منذ فترة طويلة على أنه الأكثر تخلفا في المنطقة”.
وكان الناشطون الإيرانيون ينظرون دائما إلى الغرب للضغط على طهران من أجل احترام حقوق الإنسان. لكن ظهور ولي العهد محمد بن سلمان على الساحة يمكن أن يحول الانتباه إلى المملكة العربية السعودية. وبصرف النظر عن نواياه على المدى البعيد، فهو يسلب طهران من الروايات التي التي لطالما كان يعتد بها. وفي إشارة إلى سجل السعوديين الضعيف في إشراك النساء وتعليمهن، فقد عمدت إيران بسهولة إلى قلب الانتقادات الغربية لممارساتها الخاصة.
إن الأمة التي لديها معظم مصادر النفط، والنخبة الأكثر ثراء، والنفوذ أو الجيش الأعظم قد تكون قد احتلت العناوين الرئيسية، ولكن لم تحتل عقول المواطنين العاديين. إن الروتينيات التي تجعل الحياة اليومية أسهل، مثل القيادة والعمل والسفر، هي ما يشغل الناس. ولا يمكن لأي كمية من الاحتياطيات النفطية أن تعوض عن القيود المفروضة على حركة المرأة وأنشطتها.
وكان التكيف مع هذا الواقع أكثر صعوبة بالنسبة للمرأة الإيرانية، التي شهدت نهضة نسوية تحت حكم سلالة بهلوي.
وفي عام 1936، قام رضا شاه، وهو حاكم استبدادي يحمل رؤيه لإيران تشبه رؤية الأمير محمد 2030 للمملكة العربية السعودية، بمنع الحجاب. وروى أقاربه في مذكرات أن مشاهدة النساء في عائلته يخرجون دون تغطية رؤوسهم، كان مؤلما للشاه، لكنه كان يعتقد أنها خطوة أساسية نحو الحداثة.
وفي الوقت الذي اجتاحت فيه الثورة الإسلامية في عام 1979 إيران، كان للمرأة تجربة مع الحرية النسبية على مدار أربعة عقود. وبعد الثورة، كان من الصعب على المرأة الإيرانية العودة إلى حياة دون حق في الحصول على الطلاق، أو حضانة أطفالها أو الحماية القانونية للمساواة في الميراث. و (لم تكن للمرأة السعودية هذه الحقوق مطلقا).
إن الطريقة الوحيدة لعرض مستنقع الشرق الأوسط تتمثل في أنه حصيلة اقتصادات سيئة الإدارة أو آراء دينية متطرفة أقل من كونها مشكلة ناشئة عن إهمال مستحكم. والاختلافات التي تميز إيران عن المملكة العربية السعودية، بما في ذلك الانقسام الشيعي والسني، تتلاشى في ضوء ما بينهم من أمور مشتركة، حيث تعيش نساءهن تحت ظروف قاسية. وفيما يتعلق بالمشاركة الاقتصادية والصحة والتمكين السياسي والحصول على التعليم، فإن كل من إيران والمملكة العربية السعودية من بين البلدان العشرة التي تقع في أدنى مقاييس المنتدى الاقتصادي العالمي.
وغالبا ما يشير الغربيون إلى قواعد إيران المتخلفة بشأن الحجاب لجعل القضية أكثر تسامحا. والحقيقة هي أنه بعد 40 عاما من المقاومة، أصبح النظام ببساطة منهكا. ومع عدد السكان الذي نما إلى أكثر من 80 مليون بعد 40 مليون في ذلك الوقت، والجيش المرهق، فقدت إيران أيضا بعض القدرة على السيطرة.
ويرى البعض أن الأمير السعودي الآن يتبع خطى الشاه. وهذا التشابه لا يغيب عن بال القيادة الإيرانية، التي تقول إن الأمير محمد سيحكم عليه بنفس المصير أيضا بسبب طموحات الحداثة التي تتعارض مع تقاليد شعبه. ولكن النساء الإيرانيات يرون أن البلد المنافس لبلادهن يفعل من أجل النهوض بالمرأة أكثر مما فعلته جميع القوانين الإيرانية الصديقة للمرأة في السنوات التي تلت ثورة 1979.
وبدأت علامات “حسد السعودية” في الظهور، حيث قامت ماسيه علي نجاد، وهي إيرانية ومؤسس حملة ضد الحجاب الإلزامي، بنشر منشورات لنساء إيرانيات سعيدات بالتخطيط للاستلهام من نظائرهن السعوديات، حيث قاموا بنزع الحجاب من على رؤسهن على نحو غير مشروع، والمشي في شوارع طهران وتسجيل رسائل فيديو. ولتخفيف بعض الغضب، قدمت طهران هذا الحل الوسط مؤخرا، والمتمثل في أنه سيتم السماح للاعبات رفع الأثقال من النساء بالتنافس دوليا، وهذه هي المرة الأولى بالنسبة لإيران.
وفي حين أن العداء السعودي الإيراني يثير قلق العالم، فقد استفادت المرأة. والدرس الخالد يثبت هذه الحقيقة مرة أخرى، وهي أنه على الرغم من أن الحكومات قد تكون أعداء، إلا أن الأخوة عالمية.