عندما يتعلق الأمر بالأسلحة السيبرانية، يشبه البعض أمريكا بالفيل وإيران بالبرغوث، ومع ذلك فالبرغوث يمكن أن يسبب إزعاجا مستمرا، لاسيما في عدم وجود حماية.
وهناك دراسة تفصيلية تركز على القدرة الإلكترونية الإيرانية تسمى “التهديد الإلكتروني الإيراني” ينشرها قريبا كولين أندرسون وكريم سدجادبور من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي. وتصف الدراسة بلدا، على الرغم من أنه في “المستوى الثالث” على مصفوفة التهديد السيبراني، إلا أنه لا يزال يمكنه أن يتسبب في أضرارا جسيمة.
الكشف عن الهجمات الإلكترونية الإيرانية يذكرنا بأن الولايات المتحدة وحلفائها يعيشون في نظام بيئي إلكتروني خطير. وكان لموضوع قرصنة روسيا لحملة الرئاسة الأمريكية في 2016 تغطية يومية، كما تم نشر سرقة الصين للأسرار الأمريكية بشكل جيد.
وما يحظى باهتمام ضئيل جدا هو الأسلحة الأقل تطورا ولكنها لا تزال سامة والمتاحة لعشرات البلدان الأصغر حجما. إن الولايات المتحدة، بنظمها المفتوحة نسبيا، يمكن أن تكون هدفا سهلا.
أن دراسة إيران جاءت في الوقت المناسب، حيث أعلنت إدارة ترامب عن رغبتها في مساعدة السعودية وحلفاء آخرين تغيير نظرتهم ضد وكلاء إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط في اليمن وسوريا ولبنان وأماكن أخرى.
إن الدعوة الأمريكية إلى التراجع تعد بلاغية إلى حد كبير، وفي هذه المرحلة؛ لا يوجد سوى القليل من السياسة الواضحة. ولكن حلفاء طهران يمكن أن يقاتلوا، أحيانا بطرق يصعب تحديدها أو تمييزها. وهذا صحيح خاصة مع الأسلحة السيبرانية.
وتصف دراسة كارنيغي قدرة إيران الإلكترونية الضئيلة ولكنها مفيدة، حيث تطورت جزئيا لتصل إلى مرحلة جمع المعلومات الاستخباراتية الأجنبية والتجسس جزئيا على جماعات المعارضة المحلية التي تكتلت في التحرك الأخضر في عام 2009.
وقام المتسللون الإيرانيون بتوسيع دافع الرد أيضا بعد تقارير إخبارية عن هجمات الولايات المتحدة وإسرائيل على البرامج النووية الإيرانية، والتي بدأت في عام 2007 باستخدام “فيرس ستوكسنيت”.
وقبل عشر سنوات، بدأت إيران في تجميع مواردها الخاصة. وتعد ثقافة القرصنة هذه إحدى النتائج الأكثر إثارة للاهتمام في التقرير، وذلك لأنه يمكن تكرارها في عشرات الاقتصادات الناشئة الأخرى. وقال التقرير “يبدو أن قدرات إيران على الإنترنت تتطور محليا، ناشئة عن الجامعات المحلية والقرصنة”.
وذكر التقرير أنه “على ما يبدو أن عوامل التهديد تنشأ فجأة وتعمل بطريقة مخصصة حتى تقوم بتشتيت الحملات، وغالبا ما يكون ذلك بسبب اكتشافهم من قبل الباحثين”.
يذكر أن القراصنة الإيرانيين بدأوا بشكل بطيء في عام 2007. وقامت مجموعة تطلق على نفسها اسم الجيش السيبراني الإيراني بتشويه حسابات تويتر المنشقة في عام 2009، وبعد ذلك بوقت قصير، هاجمت مواقع تابعة لإذاعة صوت أمريكا.
ووفقا لدراسة كارنيغي، أصبحت الهجمات أكثر خطورة في عام 2011، بعد أن اخترق هاكر إيراني شركة هولندية تدعى (ديجينوتار) متخصصة في الأمن المعلوماتي، وقام بفتح البريد الإلكتروني لمستخدمي جوجل في إيران للمراقبة الحكومية.
ثم جاءت الهجمات المضادة الإيرانية، بسيطة ولكنها مدمرة. وبعد أن هوجمت صناعة النفط الإيرانية في أبريل 2012 بواسطة برمجية خبيثة تعرف باسم “لهب” و “ممسحة”، أطلق الإيرانيون هجوما في أغسطس من عام 2012 على شركة النفط السعودية أرامكو باستخدام فيروس ماسح يعرف باسم “شمعون”.
ووفقا لما ذكره باحثو كارنيغي، أثر الهجوم على عشرات الآلاف من أجهزة الكمبيوتربشركة أرامكو السعودية وتسبب في أضرار تقدر بعشرات أو حتى مئات الملايين من الدولارات.
جدير بالذكر أن إيران هاجمت بنجاح الولايات المتحدة أيضا. وفي سبتمبر من عام 2012، بدأت مجموعة من القراصنة تطلق على نفسها اسم “مقاتلي عز الدين القسام السيبرانيين” بالهجوم على المصارف الأمريكية والمؤسسات المالية بهجوم بدائي ولكنه مدمر يعرف باسم “هجمات الحرمان من الخدمات” أو “هجمات حجب الخدمة”، حيث أغرقت بشكل أساسي أجهزة الكمبيوتر المستهدفة بالكثير من حركة المرور مما أدلى إلى تدمير أنظمتها. وهنا أيضا، أدت الاعتداءات إلى قدر مذهل من الضرر.
وقد خلص مكتب التحقيقات الفدرالي إلى أن العملية الإيرانية من عام 2012 إلى عام 2013 “منعت مئات الآلاف من العملاء المصرفيين من الدخول للحسابات لفترات طويلة من الوقت، وأسفرت عن عشرات الملايين من التكاليف من أجل عمليات الإصلاح. وضرحت العديد من المؤسسات المالية التي هاجمها الإيرانيون بالقليل عن الهجمات لتجنب قلق العملاء أو المساهمين.
لماذا قام الإيرانيون بمهادمة البنوك الأمريكية؟ الانتقام هو الجواب البسيط. ويورد تقرير كارنيغي تقييم وكالة الأمن القومي الذي يشير إلى أن المخابرات “تشير إلى أن هذه الهجمات انتقاما من الأنشطة الغربية ضد القطاع النووي الإيراني وأن كبار المسؤولين في الحكومة الإيرانية على علم بهذه الهجمات”.
وتشير قدرات إيران في مجال الإنترنت إلى أن حملة إدارة ترامب الجديدة المناهضة لطهران قد لا تكون بدون ثمن، حتى إذا تم تجنب الصراع المفتوح. وكتب موقع على شبكة الإنترنت يسمى سيبر بريف، والذي يركز على قضايا الاستخبارات، هذا الشهر أن ” قراصنة إيران يستعدون لتوجيه ضربة إذا قام ترامب بخرق الاتفاق النووي”.
وذكرت شركة لأمن للكمبيوتر تدعى فير آي هذا الشهر أن مجموعة من القراصنة الإيرانيين، يطلق عليهم اسم” آيه بي 34 “، وضعت تقنية جديدة خفية لمراقبة الإنترنت.
وإيران لديها ترسانة من الحجارة السيبرانية، إن جاز التعبير، جاهزة لرميها. وفي الوقت نفسه، تعيش الولايات المتحدة في أكبر بيت زجاجي في العالم.