سمع دوي انفجار في العاصمة السعودية الرياض يوم الثلاثاء حيث أطلقت صواريخ باتريوت صافرات في السماء واعترضت صاروخا قادما.
وقال المتمردون في اليمن المجاور إنهم أطلقوا صاروخا على قصر اليمامة في الرياض حيث زعموا أن اجتماعا للقادة السعوديين كان يجري هناك.
يذكر أن الصاروخ لم يصل إلى وجهته. وقال الجيش السعودي في بيان إنه أسقط الصاروخ باستخدام صواريخ باتريوت، ولم تقع إصابات أو أضرار.
إن إطلاق الصاروخ يعد أحدث مثال على التوتر بين القوى الإقليمية للمملكة العربية السعودية وإيران المجاورة.
وتشارك الدول في ما يعتبره الخبراء حروبا بالوكالة في الشرق الأوسط والتي تحرض السعوديين، وهم أغلبية من المسلمين السنة، ضد الإيرانيين وأغلبهم من الشيعة.
وفي اليمن، تدعم الغارات الجوية السعودية القوات الحكومية التي تقاتل المتمردين المعروفين باسم الحوثيين، والذين على صلة بإيران.
ويدعم المسؤولون في طهران الحوثيين ولكنهم ينكرون تسليحهم. ومن ناحية أخرى، تلقي السعودية والولايات المتحدة باللوم على إيران بشأن شن هجمات صاروخية مثل هجوم يوم الثلاثاء.
ووصف العقيد تركي المالكي المتحدث باسم الجيش السعودي هجوم يوم الثلاثاء بأنه “عمل عدائي وعشوائي” يؤكد “استمرار تورط النظام الإيراني في دعم جماعة الحوثي المسلحة”.
وفى الأسبوع الماضى، عرضت نيكي هالي السفير الأمريكى لدى الأمم المتحدة البقايا المتفحمة لما ادعت أنه صاروخا إيراني الصنع تم إطلاقه من اليمن باتجاه الرياض فى نوفمبر الماضي.
واعتبرت ذلك دليلا على أن إيران تنتهك القيود الدولية على تجارة الأسلحة.
وقال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي الذي يتمتع بنفوذا كبيرا في البلاد، بعد إطلاق هذا الصاروخ إن إيران أدينت بـ “عدوان عسكري مباشر” يمكن ان يشكل “عملا من أعمال الحرب”.
ورفضت إيران الادعاء ووصفته بأنه “مزيف وملفق”. ثم قام وزير خارجيتها جواد ظريف بمقارنة هالي مع كولن باول وبيانه في عام 2003 كوزير للخارجية حول أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة.
When I was based at the UN, I saw this show and what it begat… pic.twitter.com/2sAsMB6o4m
— Javad Zarif (@JZarif) December 14, 2017
وفي ظل عهد الرئيس باراك أوباما، انتقدت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة المملكة العربية السعودية الحليفة، ووقعت الاتفاق النووي مع العدو التاريخي إيران، وقالت إن البلدين بحاجة إلى “مشاركة الجوار”.
وعلى النقيض من ذلك، جعل الرئيس دونالد ترامب المملكة العربية السعودية هي أول زيارة خارجية له وقد أدان طهران بشدة.
وكان هذا محورقلق بعض المراقبين في إيران.
وقال فؤاد إيزادى، وهو استاذ مساعد بجامعة طهران، إن الغزو الذى قادته الولايات المتحدة على العراق فى عام 2003 “بدأ بتهم كاذبة ضد الحكومة العراقية”.
وقال “إن رؤية هذه الإشارات مرة اخرى مع إدارة ترامب تثير قلق القادة الإيرانيين لأنهم لا يريدون الدخول في حرب مع الولايات المتحدة”.
وفي حين أن معظم المحللين يقولون إن الحرب الشاملة بين المملكة العربية السعودية وإيران غير محتملة، إلا أن الفيديو الذي انتشر في نهاية الأسبوع أثار شبح ذلك.
ويحاكي الفيديو سيناريو لسفينة حربية سعودية تغرق الزوارق الإيرانية القادمة، وطائرات المملكة تقوم بقنص الطائرات الإيرانية بعيدا عن السماء، وتدور دباباتها في جميع أنحاء طهران وسط هتافات المدنيين بالترحيب.
وتلقى الفيديو ما يقرب من 900،000 مشاهدة خلال أربعة أيام فقط، وترجم باللغات الإنجليزية والعربية والعبرية والتركية والإسبانية واليابانية.
يذكر أنه لا يوجد أي تلميح يشير إلى أن الفيديو تم إنشاؤه أو إقراره من قبل الحكومة في الرياض. ولم تتلق شبكة إن بي سي الإخبارية ردا مباشر عندما وصلت إلى المسؤولين السعوديين. ولم يتم الرد من قبل حساب يوتوب الذي نشر الفيديو أيضا.
ويأتي ذلك بعد عامين تقريبا من انتشار شريط فيديو آخر على نطاق واسع يظهر الصواريخ الإيرانية تضرب العديد من الأهداف السعودية.
وقد شهدت الدولتان علاقات متقطعة منذ عقود، لكن التنافس بينهما قد تضاعف منذ تتويج الملك سلمان عام 2015، وصعود ولي العهد محمد بن سلمان.
وقال بيتر ساليسبري، وهو أحد كبار الباحثين الاستشاريين في معهد “تشاتام هاوس”، وهو عبارة عن خلية تفكير أو بيت خبرة في لندن، “لقد كان ولي العهد محمد بن سلمان يقود استراتيجية في المملكة من حيث السياسة الاقتصادية والاجتماعية، بل وسياسة إقليمية أكثر عدوانية أيضا”. وأضاف “إنه يحاول “جعل المملكة العربية السعودية عظيمة مرة اخرى” وخلق سياق تكون فيه السعودية هي المهيمنة الاقليمية”.
وكان ولي العهد قد صر أذن الغربيين بإصلاحات جريئة في المملكة المحافظة دينيا، وتعهد بمكافحة الفساد، والسماح للنساء بقيادة السيارات ورفع الحظر عن الحفلات والأفلام.
وقد تزامن ذلك مع إشارة أكثر حزما لخطاب السياسة الخارجية، وصلت إلى مقارنة المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، بهتلر في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز في نوفمبر.
ودخلت إيران والمملكة العربية السعودية في حرب باردة، حيث لا تقاتل بعضهما البعض بشكل مباشر ولكنهما تدعمان مجموعة من الوكلاء المتنافسين. وتدور هذه الصراعات في لبنان والعراق وسوريا، حيث تقاتل إيران جنبا إلى جنب مع القوات الحكومية والروسية، وتدعم السعودية المتمردين المحاصرين.
وفي اليمن، أثارت الحرب الجوية السعودية انتقادات دولية خاصة، حيث قدمت الولايات المتحدة وآخرين الأسلحة والاستخبارات والتزويد بالوقود الجوي إلى حملة قصف يقول العديد من المحللين أنها تسببت في أزمة إنسانية.
وتلقى إيران والمملكة العربية السعودية اللوم على الأزمة الاوسع بينهما.
وقال إيزادي، في جامعة طهران، إن الخطاب السعودي الجديد يهدف إلى صرف الانتباه فحسب عن “المشاكل الداخلية الخطيرة”، أي الفساد المستشري الذي يقول ولي العهد إنه يريد استئصاله.
وعلى الجانب الآخر، يقول فراس مقصد، مدير المؤسسة العربية، وهي مؤسسة أبحاث مقرها واشنطن، إن المملكة العربية السعودية اضطرت إلى الرد على “التسلل الإيراني إلى الدول العربية باستخدام الميليشيات الموالية” ومحاولة إشعال الثورات الإسلامية في الخارج.
وقال إن “السعودية في الحقيقة مضطرة حاليا إلى القيام بدورالدفاع ضد جريمة العدوان الإيراني المتزايد”.
وقال ساليسبرى إنه بالرغم من أنه ليس من مصلحة أى من الطرفين شن حرب شاملة، إلا أن حدوث نزاع ليس مستحيلا وذلك بسبب رفض الجانبين التراجع.
وأضاف “إن إيران لديها سنوات جيدة جدا من حيث أهدافها العسكرية ولكنهم لا يرون سببا يجعلهم أقل فاعلية فى المستقبل”. وقال “إن السعودية تريد من إيران العودة مرة أخرى إلى خندقها إلا أن إيران لا ترى أي سبب لقيامها بذلك”.