أظهرت التطورات الأخيرة في اليمن وقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح ما سعت إيران منذ فترة طويلة إلى إخفائه. وقد تعثرت حملة طهران على مقربة من المملكة العربية السعودية عقب النكسات السياسية والعسكرية الكبرى، مما أتاح الفرصة لواشنطن لتصحيح سياسة تحتاج إلى تعديل قوي.
كيف يمكن أن يتطور المستقبل في اليمن الذي من المحتمل إن يتسبب في إثارة سلسلة من الهزائم الكبرى لإيران في جميع أنحاء المنطقة، مما سينتج عنه سقوط سياسة البلاد الهشة وتأجيج المزيد من الاضطرابات المحلية.
ورغم ذلك قد سعى كبار المسئولين الإيرانيين لتصوير موت صالح كخطوة إلى الأمام ضد منافسيهم الإقليميين، وخاصة المملكة العربية السعودية. ووصف رئيس الحرس الثوري الايراني محمد علي جعفري موت صالح بأنه نهاية “الفتنة” او “الخيانة”.
ووصف علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي للشؤون الدولية، صالح بأنه وكيل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، الذي يستحق هذا المصير.
وصور الاثنين، اللذان يعتبران أعضاء دائرة خامنئي الداخلية، الأحداث الأخيرة في اليمن على أنها مؤامرة. ولكن الصورة الأكبر تكشف عن هزيمة كبرى لطموحات خامنئي في شبه الجزيرة العربية.
Chmn @RepEdRoyce: Iranian Leadership Asset Transparency Act will help expose the corrupt nature of the Iranian regime https://t.co/S5qQvIoUzK
— Foreign Affairs Cmte (@HouseForeign) December 13, 2017
قوات صالح كانت قد انفصلت عن الحوثيين المدعومين من إيران، مما تسبب في تجريد طهران من عدد كبير من القوى العاملة الحيوية على الأرض. وحصل صالح على دعم شريحة كبيرة من القوات المسلحة والعديد من القبائل وحزب المؤتمر الشعبي بكل فروعه في مدن اليمن.
يذكر أن الحوثيين، كونهم كيان شبه عسكري، قد فقدو حاليا هذا المصدر الرئيسي لدعم ومشروعية قضيتهم. ولإضافة نوع من الإهانة لخسارة إيران، تعهد جزء كبير من أنصار صالح بالولاء للتحالف الذي تقوده السعودية، وبتوفير قوات برية حاسمة ومخابرات للمساعدة في جهودهم ضد الحوثيين.
وهذا يجعل ادعاءات إيران، التي لا تحظى بالسيطرة الكاملة على صنعاء الآن، لا معنى لها. وحتى بعد وفاة صالح سعت إيران إلى سد جميع الشقوق الناتجة في المشهد اليمني، وفهم معنى فقدان المواليد لصالح. ويمكن اعتبار ذلك أيضا إشارة إلى الوضع الراهن الحرج والضعيف للحوثيين.
ويمكن القول إن هذا التحول في الأحداث قد أنهى أي أمل في إجراء مفاوضات بالنسبة للحوثيين، حيث أنهم قاموا بالكشف عن طبيعتهم الحقيقية. وقد أصبح واضحا لجميع الأطراف في اليمن، وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط، المصير ينتظر أولئك الذين يصطفون مع طهران. وفي البداية، سيصبح لدى قائمة القبائل الطويلة في اليمن الطويلة الآن شكوك عميقة حول نوايا إيران على أراضيها، هذا إن لم يكن حدث بالفعل.
وللإفصاح عن مدى إدراكه لعدم وجود مستقبل ملموس لمبادرة نظامه في اليمن، دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني مرتين إلى المشاركة وإجراء المفاوضات مع الدول الإقليمية.
يذكر أن ذلك يشكل تغييرا صارخا في استراتيجية إيران، حيث أن اليمن بالنسبة لخامنئي يمثل ورقة مساومة، وذلك على أساس التحالف الذي كان يتمتع به سابقا مع الموالين لصالح.
وأصبح اليمن الآن أكثر قطعة عرضة للهجوم في لغز إيران بالشرق الأوسط. كما أن موقف طهران في المنطقة آخذ في التراجع والضعف بشكل عميق، مما يجعل دعوة روحاني لإجراء محادثات مفهومة أكثر.
جدير بالذكر الإخفاقات في اليمن قد أثرت على المساعي السياسية الإيرانية الأخرى. وعقب إطلاق الصاروخ الأخير من اليمن الذي استهدف الرياض، ووجود دليل يوضحأن الصاروخ من أصل إيراني، أعربت فرنسا ودول أوروبية أخرى عن مواقف مختلفة كثيرا عن دعوتهم النمطية إلى المشاركة مع طهران.
وبالتوازي مع محادثات الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون التى تسعى للحد من برنامج الصواريخ الباليستية فى إيران، أشار وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان فى مقابلة أجريت مؤخرا إلى أن باريس لن تقبل التوسع العسكرى لطهران نحو البحر الأبيض المتوسط.
ويمكن اعتبار ذلك بمثابة رد فرنسا على المقال الافتتاحي لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في صحيفة نيويورك تايمز والذي كان يدافع فيه عن برنامجهم للصواريخ الباليستية ، وسقط حرفيا على ركبتيه أمام أوروبا لحماية طهران من التحول الكبير في سياسية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه إيران .
إن إدارة ترامب على وشك تقديم أدلة تثبت أن إيران تقدم الصواريخ إلى الحوثيين.
ومن المقرر أيضا أن تقدم السفيرة الأمريكىة لدى الأمم المتحدة نيكي هالى دليلا إضافيا على انتشار الاسلحة فى طهران، وانتهاكات العقوبات المحتملة للأمم المتحدة، والأعمال المسببة لزعزعة الاستقرار والتهديدات التى يتعرض لها حلفاء الولايات المتحدة.
لقد امتدت هذه التطورات أيضا إلى إيران. وانتقد مصطفى تاج زاده، وهو سياسي إيراني معروف بأنه ينصاع لمطالب خامنئي، تدخل الحرس الثوري الإيراني في اليمن، قائلا إنه لا يوجد “أي شيء يجعل الأراضي اليمنية ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لإيران”.
يذكر أن إيران استغلت سياسة مشاركة أوباما لإحراز تقدم في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك اليمن. ومع تغير الزمن، لا ينبغي توفير المزيد من هذه الفرص لطهران.
ويقوم الكونغرس الأمريكي بدراسة عقوبات جديدة لفرضها على إيران بسبب دورها المدمر في اليمن والسياسات الرامية إلى زعزعة استقرار البلاد من خلال الدعم المستمر للحوثيين، بما في ذلك إمدادهم بالأسلحة.
ولزيادة المشاكل بالنسبة لإيران، ووفقا لتقارير تم نشرها، قامت روسيا هذا الأسبوع بإجلاء موظفي سفاراتها ومواطنيها في صنعاء،. ويستطيع أي أحد أن يستنتج أن موسكو لا ترى أي مستقبل مبشر في أي وقت قريب في اليمن، وفقدت طهران على الأرجح شريك يمكن أن يساعدها في مواجهة التحديات المتزايدة.
في الواقع، إن الموقف القوي في اليمن وتحرير هذا البلد من الحوثيين يجب أن يستخدم كمنطلق من قبل المجتمع الدولي لبدء السيطرة على السياسة التوسعية الإيرانية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
ومن المقرر ان يحدد ترامب اول استراتيجية خاصة به للأمن القومى الأسبوع القادم. وبعد رفض التصديق على الاتفاق النووي الإيراني المثير للجدل، وتسجيل الحرس الثوري الإسلامي كمنظمة إرهابية، والتصريح مرة أخرى عن أن بشار الأسد ليس له مستقبل في سوريا، هناك حالة من الإطمئنان إلى أن دور إيران في الشرق الأوسط سيكون موضوعا رئيسيا في مخطط واشنطن الجديد.