عقدَ وزراء خارجية العرب، اليوم، في مقر الجامعة العربية، في القاهرة، اجتماعًا طارئًا بطلبٍ خاص من المملكة العربية السعودية، وكان هدفه بحث سُبُل وكيفية التعامُل مع الدور الإيراني القائم في منطقة الشرق الأوسط.
أيد طلب المملكة للاجتماع العاجل كُلٌ من البحرين والإمارات والكويت.
قامت المملكة أثناء إلقائها لكلمتها عبر وزير الخارجية السعودي، عادل الجُبير، بنشر ورقة تشمل معلومات إحصائية حول هجمات الحوثيين التي ضربت أهدافًا سُعودية بدعمٍ من إيران، وعنونتها باسم “بدعم مباشر من إيران ميلشيا (الحوثي- صالح) تنتهك القوانين الدولية”، استهدف فيها الحوثيون مُنشآت وأشخاص، عبر 80 صاروخًا باليستيًا و66092 قذيفة، مُوقِعين 95 مدنيًا قتلى و828 مُصاَب. ووُزِعت هذه الورقة على المُشاركين في الاجتماع.
وفي كلمة السُعودية الافتتاحية، شدد الجُبير على أن المملكة لن تسكت أو تقف مكتوفة الأيدي على ما وصفته بـ “اعتداءات إيران الغاشمة”، عبر عُملائها في المنطقة، وأن لن تُصبِح أي عاصمة عربية في أمان من هذه الصواريخ الباليستية. كما عبر الجُبير عن شُكرهِ لاستجابة “الأشقاء” السريعة لطلب السعودية للاجتماع مُعبرًا عن مدى استشعار الدول العربية للخطر الإيراني على أمن المنطقة. كما أضاف أن على الجميع تحمُل مسؤولياته القومية وصيانة أمن دول المنطقة. وتابع الجُبير أن إيران ضربت عرض الحائط بكافة القوانين والأعراف والمبادئ والأخلاق الدولية، واستمرت في نهج الثورة الإيرانية القائمة على تصديرها وعدم احترام الحدود القومية للدول، وأنها أصبحت دولة عدوانية، وأن تراخي الدول العربية سيكون سببًا مُفضيًا لتماديها العدواني في المنطقة.
وصرح الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أن إيران تريد، ومن خلال تزويد الحوثيين بصواريخها، توجيه رسالة مفادها أن العواصم العربية في مرمى نيرانها. وأن تهديدات إيران ومخاطرها تجاوزت كل حد، وبرنامج صواريخها الباليستية أصبح يدفع بالمنطقة للهاوية، وأضاف أحمد أبو الغيط، أن الدول العربية قادرة على الدفاع عن استقرارها وأمنها وهي لن تكون تحت ظل الترهيب أو الخوف.
وأكمل وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، منظومة الهجوم على إيران، وصرح مُحذرًا من خطورة حزب الله اللبناني “الإرهابي” -كما وصّفه-، وأن لبنان أصبحت تقبع تحت سيطرة الحزب الذي أصبح أكبر ذراع إيراني في المنطقة ومُتواجد في لُبنان وسوريا؛ وهذا دليلٌ على تحدٍ للأمن العربي، وهذا يُؤدِي بالعرب أن يتعاونوا لصيانة الأمن المشترك. وقد عبر خالد آل خليفة منذ عدة أيام، على حسابه على تويتر، أن من لا يرى خطر إيران أعمى أو يتعامى.
غياب عدة دول وشجب إيراني للاجتماع
غابت عن الاجتماع عدة دول ، نخُص بالذكر، دولة العراق والتي أنابت وفدًا لها لحضور الاجتماع ، وهذا يُعطِي مؤشر هام على مدى قٌوة النُفُوذ الإيراني الذي يُلقِي بظلاله على العراق، حتى أن الوفد العراقي أعرب عن تحفُظات على بُنُودٍ أو فقرات قرارا الجامعة. دولة أُخرى مثل لُبنان، والتي كانت مرصودة تحت العدسات لمعرفة حُضُورها من عدمه، وقد قررت عدم الحُضُور لتُشيِر هي الأُخرى إلى تفاقُم قضية سعد الحريري وأنها لم تضع أوزارها بعد في ظِل دُخُول السعودية كعامِل أول فيها، كما أشار الإعلام اللُبناني إلى قيام جُبران باسيل، وزير الخارجية اللُبناني، بالعديد من الاتصالات لتحييد موقف بلاده في بيان الجامعة الختامي الخاص بالتدخُلات الإيرانية. وغابت عن الاجتماع أيضًا دول، الجزائر، وقطر، وسلطنة عُمان.
نقطة أُخرى، تعبير خالد الجُبير، في الاجتماع، أن المملكة تدرس الذهاب لمجلس الأمن والأُمم المُتحدة لردع إيران وبحث الخطوات المُقبلة ضدها بالاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية.
ذلك بينما شنّ وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، قبل سويعات، هجومًا على المملكة بأنها تُغذِّي الإرهابيين، ومن المُثيِر “للسخرية” أن تتهم السعودية إيران بأنها راعية للإرهاب، وهي أحد الجُناة. وتتبنى سياسات خطيرة تُصعِد من حدة التوتر في المنطقة، وهذا التهكُم وهذا النوع من الخطاب الدبلوماسي الإيراني، يُظهِر بونًا واسعًا بين الدبلوماستين ومدى الثقة التي تكتسبها إيران في ردها على السُعودية التي تُريِد أن تولي شطرها قِبل مجلس الأمن والأُمم المتحدة.
وأخيرًا، دُبلوماسية الخطاب المصري، والذي حاول بقدر الإمكان الابتعاد عن المناطق المُلتهبة كحالتي خطابي السُعودية والبحرين، وظهرت هذه الدبلوماسية في محاولة إمساك العصا من النصف، وعدم تشديد اللهجة أو الغِلظة في حديثها عن إيران ليتسق خطابها مع تصريحات عبد الفتاح السيسي التي جالت وكالات الأنباء منذ عدة أيام بعدم نيته بالمشاركة في توجيه ضربات لحزب الله أو إيران رافضًا التدخُل العسكري ضدهما.
فماذا ستكشف الأيام القادمات عن الوضع العربي- الإيراني؟