يرى السياسي البريطاني وزعيم حزب الديمقراطيين الأحرار بادي أشدون، أن الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها منع العواقب العالمية الناجمة عن الصراع الإقليمي بين الرياض وطهران هي البدء في معاملة بلدانهم بالمثل.
ويقول إن هناك قول معروف بالشرق الأوسط ينص على “إذا كان هناك كلب ينبح في الشرق الأوسط، فالمخابرات البريطانية وراء ذلك”. قم باستبدال كلمة “البريطانية” بالـ “الأمريكية”، وسنظل نرى أن هذا القول لا يزال صحيحا.
ولكن الأمر ليس كذلك. لقد أسفرت الحروب في العراق وأفغانستان وليبيا وسوريا عن العديد من الضحايا. وكان هناك إيمانا بأسطورة القمع الغربي.
ويضيف أشدون إن التهديد الأكبر للسلام العالمي والذي يأتي من الشرق الأوسط حاليا ليس الإرهاب، بل خطر نشوب نزاع ديني سني شيعي أوسع وتنجر فيه القوى العظمى، موضحا أن الهجمات على الدول الغربية ليس هي الحرب الحقيقية، ولكنها مجرد أضرار جانبية في صراع أوسع نطاقا.
ويتابع السياسي البريطاني أن هذا لا يقلل من التهديد الذي يواجه لندن، أو أن ذلك يجعلهم لا يأخذون هذه المسألة على محمل الجد. إن ضحايا التفجير والإعتداء على المدن الغربية، والمشوهين والجرحى جراء القصف العشوائي في الضواحي المزدحمة في صنعاء، هم ضحايا الحرب نفسها والتي تتمثل في الصراع بين السنة والشيعة الذي يقف الآن على حافة صراع مفتوح.
وفي حقيقة الأمر أن هذا لا يتعلق بالدين بشكل فعلي، لا في الحروب المتعلقة بالدين في القرن 17، أو الصراع في ايرلندا الشمالية، أو إراقة الدماء في البوسنة. ففي كل ما يسمى بالنزاعات الدينية الكبرى، ما يكمن وراء هتافات رجال الدين هو التنافس بين قوة الأمم.
وفي واقع الأمر، يعد الوضع الحالي مسابقة بين الرياض وطهران للهيمنة في الشرق الأوسط.
ويقول أشدون إن هذا الصراع كان قد طال انتظاره، حيث قد تم تعزيز القوة والتابعين والأسباب من خلال الحروب بالوكالة في العراق وسوريا، والتمرد بالوكالة في مالي وليبيا واليمن، والهجوم الإرهابي بالوكالة في العواصم الغربية الكبرى.
ويتسائل لماذا يزعجنا هذا في بريطانيا؟ ألم نحصل على ما يكفينا من المحاربة في معركتنا الخاصة مع الاتحاد الأوروبي؟ أليست هذه مجرد بلد بعيدة لا نعرف عنها سوى القليل؟
إن الصراع الإقليمي بين الرياض وطهران، والذي يثيره الخلاف الديني وتدعمه روسيا من جهة والغرب من جهة أخرى، يشكل تهديدا للسلام العالمي على الأقل بنفس قدر التهديد الذي تشكله كوريا الشمالية – لا سيما، وكما يبدو شبه مؤكد، إذا كانت إسرائيل متورطة فيما يحدث.
وقام ماو تسي تونغ بتصنيف الحربين العالميتين الكبيرتين في القرن الماضي بـ”الحروب الأهلية الأوروبية”. وهذا لا يعد وصفا غير دقيق، وذلك لأنه يذكرنا بأن الصراعات الإقليمية يمكن أن يكون لها أصداء عالمية.
يذكر أن هناك الكثير فيما يتعلق بما يثار حول الشرق الأوسط اليوم والذي يذكرنا بالبلقان في عام 1914.
فماذا ينبغي أن تكون سياسة الدول الغربية لمواجهة هذا الخطر الوشيك؟ إن الجواب الدقيق يتمثل في عدم الانحياذ لأي من الجانبين.
ويقول أشدون إنه يجب أن يكون لدينا علاقات جيدة مع تلك البلدان ومعاملتهم بالمثل تماما، مضيفًا أنهم إذا قاموا برعاية الإرهاب، فينبغي لنا أن نعارضهم بلا رحمة، وبالأحرى ألا نغض الطرف عن الفرصة المناسبة على المدى القصير.
وإذا كانوا يشاركون في نزاعات بالوكالة، لا ينبغي لنا أن نلقي الوقود على النار من خلال دعم جانب واحد ضد آخر، خاصة وقبل كل شيء من خلال دعمهم بالأسلحة. وإذا ارتكبوا جرائم حرب، فينبغي لنا أن ندين ذلك بكل وضوح. كما ينبغي لنا أن نسعى باستمرار لتشجيع الحوار بينهما.
ويرى أشدون أنه بالإضافة لذلك يجب أن تجنب أي خطوة تتخذ من جانب الغرب ويتم من خلالها تأييد جانب واحد (السنة) ودعم وروسيا للجانب الآخر (الشيعة). إن هذا هو الخطر الأكبر، والذي نحن على وشك الاقتراب منه.
والذي يقودنا إلى بريطانيا والمملكة العربية السعودية واليمن. ومن وجهة نظر أخلاقية، يعد دعم بريطانيا للإجراءات السعودية في اليمن حماقة تستحق التوبيخ.
ويضيف أشدون انه من الواضح جدا أن القصف السعودي للمدنيين واستخدام المجاعة كسلاح من أسلحة الحرب يعد أمرا غير مشروع وذلك بموجب القانون الدولي. ويعتبر صمت بريطانيا على جرائم الحرب هذه أمرا مرعبا ويعدو للخجل. وحقيقة أنه يتم توريد الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية توحي بأكثر من ذلك.
ويقول الكاتب، إن الحكومة تخبرنا أنه لا توجد أسلحة بريطانية مستخدمة. ويضيف، أنا على علم بالقليل من إغراءات وفوضى الحرب، وببساطة أنا لا أصدق ذلك.
وينبغي أن تعلن الحكومة وقف بيع الأسلحة فورا إلى الرياض، وذلك إلى أن يتم رفع الحصار المفروض على إمدادات المعونة وانتهاء عمليات القصف العشوائي للمدنيين.
ويقول، إنني أفهم أن كلا الجانبين يرتكب جرائم في هذه الحروب القذرة. وأنا متأكد، على سبيل المثال، من أن المتمردين الحوثيين في اليمن يستخدمون المساعدات والجوع كأسلحة للحرب.
لكننا لا ندعمهم، في حين أن الرياض حليف وهي مانقوم بتوريد أسلحة الحرب لها. أعرف أن هناك أشياء أخرى متضمنة هنا، وتتمثل في التجارة ومكافحة الإرهاب والحفاظ على النفوذ الغربي والانتشار النووي.
وأشك في ما إذا كان التخلي عن مبادئنا لصالح منفعة قصيرة الأجل على هذه الجبهات سيوفر أي قدر من الفائدة لنا على المدى الطويل.
ويختم قائلا، إن مثل هذه النتائج المشجعة، إذا كانت تحققت، كان سيتم القضاء عليها منذ امد بعيد نتيجة أهوال الحرب الدينية الآخذة في الانتشار والتي تم سحب القوى العظمى إليها. وهذا هو الخطر الذي يواجهنا الآن.