كغيرهم من الأقليات الدينية والعرقية في إيران، يعانى المسيحيون من مشكلات عدة، أهمها الإقصاء السياسي، الاجتماعي والإقصاء الاقتصادي. ودائمًا ما ينتظر المسيحيون كغيرهم من الأقليات تحسين ظروفهم المعيشية في ظل نظام القمع الإيراني وخصوصًا بعد انتصار الثورة الإيرانية عام 1979 م.
المسيحيون في إيران .. خلفية تاريخية
للمسيحية في إيران تاريخ طويل، ويعود إلى السنوات الأولى من تاريخ المسيحية. على الرغم من قدم تاريخها في البلاد إلا أنها دائمًا دين الأقلية، إذ كانت ديانات الدولة الرسميّة الزرادشتية قبل الفتح الإسلامي، والإسلام السني في العصور الوسطي والإسلام الشيعي في العصر الحديث، ولكن أعداد المسيحيين في إيران ظلت تتناقص منذ القرن العشرين وخصوصًا بعد انتصار الثورة الإيرانية عام 1979 م.
يمثل المسيحيون اليوم في ايران بين 200 و300 ألف نسمة. وقد تقلص عددهم منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979م بسبب إجراءات النظام الإيراني والحكومة الإيرانية الشيعية تجاه الأقليات الدينية بشكلٍ عام حيث تشير بعد الإحصائيات غير الرسمية إلى تناقص عدد المسيحيين في إيران إلى ما يقرب من 90 ألف في الألفية الجديدة.
أدت ثورة الخميني إلى هجرة الكثير من المسيحيين بعد السياسات الدينية الصارمة التي انتهجتها الحكومة الإيرانية بعد الثورة تجاه أسلمة الدولة في إيران وفرض المذهب الشيعي مذهبًا رسميًا للبلاد بشكلٍ متزايد، وكانت العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران أو الجمهورية الإسلامية الإيرانية – الجمهورية الوليدة في الشرق الأوسط – أحد أهم أسباب هجرة المسيحيين من إيران خوفًا على حياتهم وحياة ذويهم وخصوصًا بعد إعلان الخميني قطع العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ومصر وإسرائيل باعتبارهم قوى الشر والاستكبار – على حد قوله – .
المسيحيون في إيران .. اضطهاد لا نهاية له
على الرغم من المراوغة الإعلامية التي ينتهجها النظام الإيراني لترويج حماية الأقليات الدينية في إيران ودعم ممارسة الشعائر الدينية للطوائف الدينية بحرية تامة، إلا أن الوضع الحقيقي مغاير تمامًا لهذه المراوغات الإعلامية حيث تعانى الأقليات الدينية والمذهبية من قمع واضطهاد الأجهزة الأمنية الإيرانية لهم في كافة الأمور بدءًا من ممارسة الشعائر الدينية بحرية تامة وصولًا إلى عدم الملاحقات الأمنية وتلفيق التهم لأبناء هذه الأقليات.
تعانى إيران من ملف حقوق الإنسان على المستوى العالمي وتريد دائمًا إخفاء الحقائق عن العالم ببعض المراوغات الإعلامية التي لا جدوى منها التي تُصَوِر النظام الإيراني يمارس الحرية والديمقراطية تجاه أبناء الأقليات المذهبية والعرقية في إيران على الرغم من أن النظام الإيراني أكبر عدو لحقوق الإنسان وحقوق الأقليات في إيران. وتعد الطائفة المسيحية من بين الطوائف الدينية التي تعانى على كافة الأصعدة من قمع واضطهاد النظام الإيراني تجاه أبنائها وتجاه رجال الدين المسيحيين.
يعيش المسيحيون والأقليات الدينية الأخرى في حدود من 2 : 5 % من تعداد السكان في إيران، حيث يُدين من 95 : 98 % من سكان إيران بالمذهب الشيعي. ويُقَدَر عدد المسيحيين في إيران فيما بين 200 : 300 ألف نسمة وتناقص هذه العدد من المسيحيين بعد الثورة الإيرانية عام 1979 م.
وينقسم المسيحيون في إيران إلى أربعة طوائف رئيسة وهى: كالبروتستانتية، الرسولية الأرمنية، والآشورية، والكلدانية. ويعيش أبناء المسيحيين في إيران في وضع مأسوي وحرج جدًا، والأكثر مأساوية هو وضع المتحولين من الإسلام إلى المسيحية حيث يتعرضون إلى متابعات أمنية وملاحقات قضائية مشددة ويصل الأمر إلى أحكام قضائية تقضى في نهاية المطاف بالإعدام أو السجن بحق الشخص المتحول من الإسلام إلى المسيحية.
أما بالنسبة لإقامة الشعائر والطقوس الدينية في الكنائس والكاتدرائيات الدينية المسيحية في إيران فتدعى السلطة الحاكمة والنظام الإيراني أن النظام يسمح للمسيحيين في إيران على اختلاف طوائفهم بممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية بمنتهى الحرية، فإن هذا الأمر منافي تمامًا للصحة حيث يقيم أبناء المسيحية شعائرهم الدينية في كنائسهم في إيران تحت مراقبة مشددة من عناصر الأمن الإيراني وخصوصًا الشرطة والمخابرات الإيرانية والحرس الثوري الإيراني بالإضافة إلى منع إقامة الصلوات والشعائر الدينية باللغة الفارسية خوفًا من تزايد التبشير في إيران.
يضطر بعض المسيحيين في إيران إلى إقامة الشعائر الدينية الخاصة بهم باللغة الفارسية في كنائس صغيرة في أحد المنازل في مقر إقامتهم ذلك بالإضافة إلى منع السلطات الإيرانية ووزارة الثقافة والإرشاد القومي طباعة أي من الكتب الدينية المسيحية باللغة الفارسية ومن يفعل ذلك يُعَد خارجًا على القانون وتتم معاقبته بالسجن لمدة تتراوح فيما بين 3 : 5 سنوات على الأقل.
يخشى أبناء المسيحية في إيران من المخابرات الإيرانية وذراعها الطويلة التي تلاحق أبناء الطوائف الدينية والأقليات العرقية والدينية في البلاد وتُلحِق بهم الأذى حتى بعد هجرتهم من إيران إلى الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية حيث تقوم المخابرات الإيرانية بسجن وتعذيب المسيحيين وخصوصًا المسلمين المتحولين إلى المسيحية ويتم إجبارهم على التخلي عن المسيحية وإما القتل أو عمليات الإعدام الوهمية وعمليات التعذيب الممنهجة وإما دفع مبالغ طائلة كفدية للإفراج عن المقبوض عليهم.
وتُعَد إيران دولة بوليسية بكل المقاييس حيث تمنع السلطات الإيرانية المسلمين من دخول الكنائس المسيحية حتى لحضور مراسم عرس أو زفاف أو أعياد مسيحية أو خلافه، حتى المسلم الذي يعتنق المسيحية يظل في سجلات النظام الإيراني مسلمًا ولا يتحول في السجلات إلى مسيحي ويُمنَع من دخول الكنائس وإن حدث ودخل كنيسة يتم سجنه وتعذيبه بأعنف الطرق.