لا أحد يعلم على وجه التحديد متى بدأت قراءة الفنجان لتصبح جزء هام من ثقافة العديد من الشعوب لمعرفة مستقبلهم، ظنًا منهم أنهم يمكنهم تلافي قدرهم من معرفته الحاضرة، أو ربما للاطمئنان من الغيب المجهول، يحيل البعض زمن قراءة الفنجان إلى العصر الفرعوني، في حين يشير البعض إلى أن قراءة الفنجان كانت عادة تركية قديمة حيث قام بها الأتراك في المعابد.
القهوة في إيران
ليست القهوة مشروبًا مشهورًا في إيران بعكس الشاي الذي يعد مشروبًا وطنيًا عامًا في إيران، حيث يعتقد الإيرانيون أن شرب القهوة هي عادة إفرنجية، أما الكيفية التي دخلت بها القهوة إلى إيران فقد كانت خلال القرن الخامس الميلادي، حيث انتقلت عن طريق القوافل التجارية، واشتهر بشكل خاص في “أصفهان” حيث كان الشاه عباس الأول الصفوي أول من أدخله بعدما تسلم رسالة من “كاشف الدين صفوي”، أحد خبراء الأعشاب في البلاط، الذي شرح له له فوائده ومميزاته، كما أحبه المتصوفة كذلك، والذين استعملوه ليستيقظوا طوال الليل فيستطيعوا استكمال شعائرهم.
اقتصر شرب القهوة في هذه الفترة على علية القوم من الشعب الإيراني نظرًا لزيادة سعرها، غير أنه الآن بالطبع مع قلة أسعارها النسبي فإن كثير من فئات الشعب الإيراني يشربونها، وإن كان هناك تفضيل من قطاع أكبر لصالح مشروب الشاي.
الاهتمام بالطالع
بشكل كبير في الماضي كان الناس يؤمنون بقراءة الطالع بكل السبل الممكنة، ورغم الآن بعد كل تلك السنوات لايزل هناك اهتمام واسع بقراءة الفنجان، رغم قبضة السلطة الدينية على منع القيام بتلك الممارسات، نظرًا لكونها مخالفة للعقيدة الإسلامية.
ويعد معظم قراء الفناجين من النساء، وكذلك معظم زبائنهن؛ من مختلف الطبقات والأفكار والأعمار. ويغلب على جو القراءة الهدوء بعد ارتشاف فنجان القهوة، كما قد تطلب العرافة من الزبونة غلق المحمول لضمان هذا الهدوء. وتستغرق هذه الجلسة من ساعتين فأكثر، وتختلف تكفلتها من جلسة إلى أخرى.
وبحسب إحصائيات وزارة الصحة الإيرانية فإن 10% من الإيرانيين يهتمون بقراءة الفنجان، غير أن الاهتمام الموسع للإيرانيين على وسائل التواصل الاجتماعي،يوضح أن العدد ربما يتجاوز هذه النسبة.
قراءة الفنجان
قراءة الفنجان تتم عن طريق قلب الفنجان نفسه بعد شربه على الصحن الصغير الذي يأتي معه، ثم تقرأ الآثار التي خلفتها القهوة على الفنجان، وكأن لمس الشفاه وارتشافها للقهوة يتسبب بشكل ما في تغيير مسار القهوة، إذ تتغير الأشكال بين شخص وآخر، ويجب أن تقرأ القهوة في فنجان وليس كوبًا، كما تتم قراءة الفنجان بعكس عقارب الساعة، وكل رمز أو خط تصنعه خطوط القهوة يتم قراءته ليفسر شيئًا ما.
وبسبب إنه في إيران يكثر شرب الشاي فتتم في كثير من الأحيان استحداث أسلوب جديد وهو قراءة فنجان الشاي بدلًا من فنجان القهوة.
ملاحقة أمنية
ولأن قراءة الفنجان لا يعد أمرًا دينيًا مستحبًا فتتم عديد من الملاحقات الأمنية للذين يقومون بقراءة الفناجين، وهذا الأمر ليس قاصرًا على الوقت القديم، فقد حارب رجال الدين المقاهي قديمًا أيضًا، فبجانب صرفها الناس عن أهمالهم كان قراء الفناجين ينتشرون حول المقاهي لقراءة فناجين رواد المقاهي.