يبدو إن الصراع في سوريا يتمدد ليصل بنا إلى صراع عالمي حول منطقة الشرق الأوسط بتكن تلك المنطقة مسرحًا للأحداث العالمية في هذا القرن، ويبدو إن الصراع السوري اتخذ منحًا أخرًا غير كونه ثورة شعبية ضد نظام يراه السوريون إنه نظام فاشل وفاسد في إدارة شئون البلاد وتحقيق الطموحات الوطنية للسوريين. والجدير بالذكر إن الساحة السورية صارت مسرحًا لحروب ومعارك وجيوش من شتى أنحاء العالم ولكن تبقى الضحية الأولى والأخيرة في هذا الصراع هم المدنيين السوريين.
بدا الصراع السوري بين الشعب السوري وقوات النظام السوري بقيادة بشار الأسد الذي سرعان ما انضمت إليه إيران في هذا الصراع وأعوانها من قبيل حزب الله اللبناني والفصائل الشيعية الأخرى في العراق وغيرها متسلحين بشعار المذهبية الشيعية العلوية والإمامية الإثنا عشرية من أجل قمع ثورة الشعب السوري التي بدأت سلمية وسرعان ما انتقلت من مرحلة السلمية إلى مرحلة الحرب العالمية الطاحنة التي يتناحر فيها جيوش أكثر من 30 دولة من دول العالم.
طبقًا لتصريحات مفوض الأمم المتحدة لشئون حقوق الإنسان والمبعوث الخاص إلى سوريا فإن هناك ما لا يقل عن 212 ألف شخص من المدنيين قد قُتِلوا أثناء المعارك الدائرة في سوريا حيث يتحمل مقتل 90 % من عدد المدنيين في الحرب الدائرة في سوريا نظام بشار الأسد الرئيس السوري بالإضافة إلى الميليشيات الشيعية التي تديرها إيران والحرس الثوري الإيراني بينما يتحمل تنظيم داعش والتنظيمات المتطرفة الأخرى أمثال تنظيم ” فتح الشام ” الإرهابي مسئولية مقتل حوالي 2 % من عدد المدنيين المقتولين في سوريا بينما تأتى القوات الروسية في المرتبة الثالثة في ارتكابها المجازر ضد المدنيين السوريين في الوقت الذي جاءت فيه القوات الكردية في الأقاليم ذات الاستقلال الذاتي في الشمال السوري في المرتبة الرابعة والأخيرة من حيث عدد القتلى والضحايا المدنيين المقتولين على يد قوات البيشمرگة الكردية والقوات الكردية الأخرى.
طبقًا للإحصائيات الخاصة بالمرصد السوري لحقوق الإنسان فإنه منذ بادية الصراع الدائر في سوريا ومنذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011 م وحتى سبتمبر من العام الحالي فإن هناك حوالي 212 ألف و 786 من المدنيين قد لقوا حتفهم في سوريا نتيجة الحرب الدائرة هناك.
تتقارب الإحصائية الرسمية الخاصة بمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومبعوثها الخاص لسوريا مع إحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان – مرصد توثيق حالات القتل والتعذيب ورصد يوميات الثورة السورية – حيث أعلن كلا التقريرين إن نسبة الضحايا من المدنيين السوريين منذ بدء الصراع وحتى شهر سبتمبر من العام الحالي وصلت إلى حوالي 212 ألف قتيل، يتحمل النظام السوري ” نظام بشار الأسد ” وميليشيات إيران الطائفية في سوريا مقتل حوالي 192 ألف و 793 من الأشخاص المدنيين بنسبة وصلت إلى 90.6 % من النسبة الكلية للضحايا المدنيين في سوريا.
قامت السلطات والنظام الإيراني بتقديم كافة أشكال الدعم لبشار الأسد منذ بداية الثورة السورية في عام 2011 م حيث تعتبر إيران بشار الأسد أحد حلفائها الإستراتيجيين في المنطقة الإقليمية ومحيط الشرق الأوسط بالإضافة إلى أنها تعتبر النظام السوري أحد أركان المقاومة الإيرانية ضد التواجد الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط على حسب تعبير القادة الإيرانيين والمرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران على خامنئى.
قبل عدة أيام أرسل بشار الأسد رئيس النظام السوري برقية تهنئة وشكر للقائد الأعلى والأعلى للثورة الإسلامية في إيران على خامنئى يهنئه فيها بفك الحصار عن منطقة دير الزور السورية بمعاونة القوات الإيرانية ووصفه في هذه البرقية بحضرة الإمام مما يدل على الطابع المذهبي الطائفي للصراع السوري في منطقة الشرق الأوسط.
وذكر استيفان دي ميستورا، المبعوث الخاص للأمم المتحدة بشأن سوريا إن إيران تقدم على الأقل 6 مليار دولار كمساعدات سنوية إلى نظام بشار الأسد في حين تحدثت مصادر غير رسمية إن إيران تقدم مساعدات عسكرية وغذائية وبترولية إلى النظام السوري بمبالغ تتراوح فيما بين 15 : 20 مليار دولار سنويًا.
جدير بالذكر إن إيران تؤمن الاحتياجات البترولية الخاصة بسوريا منذ بداية الصراع والثورة السورية منذ العام 2011 م وحتى الآن حيث تقوم بتصدير حوالي 60 ألف برميل من البترول الخام ومشتقاته إلى النظام السوري عن طريق ميناء بانياس الخاضع لسيطرة النظام السوري بقيادة بشار الأسد.
وتُعَد إيران أيضًا من أهم مصدري الأسلحة إلى النظام السوري حيث تشمل هذه الأسلحة المعدات العسكرية والمهمات الخاصة بالجنود بالإضافة إلى المعدات والأسلحة العسكرية الخفيفة والصواريخ.
إضافة إلى ذلك، اعتبرت إيران كانت أول دولة وقفت إلى جوار بشار الأسد إبان اندلاع الثورة السورية في العام 2011 م وتبعتها روسيا ودعمت إيران والنظام الإيراني النظام السوري بكافة الأشكال بداية من المقاتلين المتمثلين في القوات الإيرانية وقوات الحرس الثوري الإيراني بالإضافة إلى قوات من الميليشيات الإيرانية الأخرى الموجودة في المنطقة مثل قوات حزب الله الإيرانية وقوات حزب الله العراقية بالإضافة إلى قوات فيلق القدس الإيراني وقوات فاطميون والقوات الأفغانية المرتزقة الأخرى التي تم تدريبهم على يد الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس والبسيج الإيراني وتدفع لهم الحكومة الإيرانية مرتبات شهرية مقابل القتال في صفوف قوات النظام السوري.
من بين أشكال الدعم اللوجيستى الإيراني لنظام بشار الأسد في سوريا هو وجود عدد كبير من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني والقوات المسلحة الإيرانية كمستشارين عسكريين إيرانيين في ساحات المعارك الدائرة بين قوات النظام السوري وقوات المعارضة بالإضافة إلى جسر المساعدات الغذائية والمساعدات العسكرية الممتد من طهران حتى دمشق، حيث يرى النظام الإيراني إن الحرب في سوريا هي حرب بقاء وليست حرب مصالح حيث إذا سقطت دمشق بالنسبة لهم وسقط بشار الأسد ونظامه فإن الوجود الإيراني في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية مهدد ولذلك يسخر النظام الإيراني كافة إمكانيات الشعب الفقير في إيران وكافة مقدراته من أجل خدمة أغراضه الخاصة الخبيثة في المنطقة العربية ومنطقة إقليم الشرق الأوسط.