عن قصة حقيقية، أخذ فيلم رجم ثريا أحداثه، والتي كتبت في رواية الكاتب الصحفي الفرنسي من أصل إيراني “فريدوني ساهيبجام” عام 1980، ليتحول إلى فيلم سينمائي عام 2008، حيث كتبه السيناريست “فريدون صحاب جم” ويصبح من أكثر الأفلام إثارة للجدل في العالم كله.
قصة الفيلم تدور حول الصحفي الذي تتعطل سيارته في قرية “كوبابيه” بإيران، فيكتشف حكاية تخبيئها القرية، ولا تبوح بها إلا “زهرة”، وهي سيدة قتلت ابنة اختها “ثريا”، بعد اتهامها بالزنا، حيث رجمت حتى الموت، ولكن دون وجه حق، فزوجها هو ما اتهمها بهذا الاتهام حتى يستطيع الزواج من أخرى، بعد أن رفضت زواجه، خاصة أنه لا يريد أن يدفع نفقتها لها وبناتها، ولأنها تطالب بحقها الشرعي في المال ولا تريد التنازل عنه، فيقرر أن يلفق لها تهمة الزنا، وذلك بالتعاون مع شيخ القرية الذي حاول الزواج من “ثريا” ولكنها رفضت.
عرض الفيلم في كثير من المهرجانات العالمية، مثل مهرجان “إنسان” السينمائي الدولي، وحظى بالكثير من ردود الفعل المشجعة عالميًا، إلا أن الأمر كان مختلفًا بعض الشىء في إيران نفسها، إذ احتجت على وجوده بدعوى أنه يسىء إلى الإسلام، وطالبت رسميًا من تركيا على سبيل المثال أن توقف عرض الفيلم، إلا أن تركيا عادت وأكدت أنه “لا يوجد أي مانع من عرض الفيلم إلا ضرورة التنويه لعرضه للكبار فقط” ولكن الأمر لم يكن مرفوضًا من الجانب الإيراني كله.
قد رأت الصحيفة الإيرانية “بايفند إيران نيوز” عكس ذلك، حيث كتبت أن “هذا الموقف يظهر فساد البعض بادعاء الإسلام، من أجل تحقيق أهداف شخصية وهو الأمر الذي يجب أن يكون له حل، وظهر ذلك عبر أحاديث زهرة بأن الله يراقبهم وشاهد ظلمهم، أي أن النهاية يجب أن تختص بالظلم فقط ومن يمثله”.
وتابعت الصحيفة أن: “شخصية حاكم القرية فاسدة في الفيلم لأنه يدَّعي على الإسلام ما ليس فيه، خاصة حينما قال أن المرأة مذنبة حتى تثبت براءتها، والرجل بريء إلى أن تثبت إدانته، لكن هذا لا يدل على أن الفيلم ضد الإسلام نفسه”.
يبدأ الفيلم بجملة واضحة للغاية، تقول هذه االجملة “لا تتصرف كالمنافق، الذي يظن أنه يستطيع إخفاء حيله، بينما يجهر بالقرآن” وهي جملة مأخوذة عن “حفيظ” وهو شاعر إيراني مشهور عاش في القرن الرابع عشر، وهي تعد كاشفة للغاية عن مسار واتجاه الفيلم، الموجه لأولئك الذين يدعون التدين، وهم في حقيقة الأمر ليسوا سوى منافقين.
كما يعرج الفيلم على بعض التقاليد التي لا تمت صلة بالدين، كحرمانية المرأة من حقها من النفقة، وعدم استطاعة الرجل النظر إلى زوجته بعد موتها، وهي تقاليد تضر الرجل أيضًا كما تضر المرأة نفسها، إلى جانب معضلة الاتهام، التي تم معاقبة المرأة فيها وليس الرجل.
في النصف الأول من الفيلم اعتمدت أغلب المشاهد على المساحات الضيقة، ثم فيما بعد انتقلت الكاميرات إلى الشارع، لتصف لحظة رجم ثريا، والاستعدادات لها، ورغم وطئة الأحداث إلى أن الكادارات الواسعة، التي تشبعت بألوان يغلب عليها نور الشمس، بعدما كانت قاتمة، قد ساعدت بشكل كبير في تخفيف ثقل اللحظة، حتى لحظة الرجم نفسها، كأنها تستعيد حق ثريا.
فالعدد الأول من الحجارة لم يصب رأسها، حتى مع دعاء والدها أن يوفقه الله في إصابتها، تزامنًا دعاء “إبراهيم” أحد الأشخاص المسئولين –قبل حادثة الرجم- في أن يعطيه الله إشارة تبين له إن كام ما يقوم به صائب أم لا، في الرجم تصيح إحدى النسوة “ربما هذه علامة على أنها لم تفعل شيئًا” يتردد جميع المتواطئين، ثم يشرع زوجها في إصابتها بأول حجر فيصيب رأسها مباشرة، بينما يقف “إبراهيم” ساكنًا لا يستمع إلى الإشارة التي سبق وطلبها.
الفيلم فقط لم يبد كثير من التنوع إزاء الشخصيات الكثيرة التي استخدمها لحبكته، فثريا هادئة لا يظهر منها الكثير رغم كونها بطلة الفيلم، وخالتها رغم دورها المساعد إلا إن شخصيتها تبدو الأبرز والأقوى في الفيلم رغم قلة حيلتها، بينما أغلب الرجال هم قساة القلوب يشبهون بعضهم وكأنهم واحدًا دون أن تظهر فروق جوهرية فيما بينهم، فيما عدا الرجل المغلوب على أمره الذي يتهموه بالزنا معها.
وقد ترجمت الرواية نفسها إلى ثلاثين لغة حول العالم، بما فيها اللغة العربية، والتي قام بها المترجم التونسي وليد سليمان عن دار”مسكيلياني” للنشر، والذي قال عن سبب اختياره لترجمة هذه الرواية بالذات أن “كل كاتب مطالب في اعتقادي بأن يقف في وجه الاستبداد بكل أشكاله.
من هذا المنطلق وجدتُ في الرواية عملًا فنيا يستحق الترجمة لأنه يتناول جملة من القضايا المُلّحة التي لا يعاني منها المجتمع الايراني فقط، بل العديد من المجتمعات العربية والإسلامية”.