قال مسؤولون أوروبيون أن الحكومة الفرنسية والبريطانية والالمانية، تبحث إمكانية تفعيل حسابات البنك المركزي الايراني مع بنوكها المركزية الوطنية، في محاولة لفتح قناة مالية للحفاظ على الاتفاق النووي الايراني.
ويعد هذا الإجراء أول دليل ملموس على قدرة أوروبا على الوفاء بوعدها باتخاذ خطوات للحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني، مما يضع الحكومات الأوروبية بشكل مباشر ضد سياسة العقوبات التي تفرضها إدارة ترامب في إيران والتي تهدف إلى عزل طهران اقتصاديًا.
وفي أعقاب انسحاب أمريكا من الصفقة في مايو، أعلنت إيران أنها ستتوقف عن الالتزام بالاتفاق النووي ما لم تستمر في تلقي الفوائد الاقتصادية لاتفاقية 2015. وشهدت تلك الصفقة أن معظم العقوبات الدولية المفروضة على طهران قد رفعت في مقابل فرض قيود صارمة لكن مؤقتة على النشاط النووي الإيراني.
وقال المسؤولون المشاركون في المناقشات، إن خيار قيام البنوك المركزية بتنشيط حسابات البنك المركزي الإيراني، هو أحد الخيارات التي تدرسها الحكومات الأوروبية بنشاط، وقد وضعت الحكومات الأوروبية الثلاث خططها لإيران خلال المناقشات التي جرت في وقت سابق من هذا الشهر بين وزراء الخارجية وكبار المسؤولين في فيينا، وقال المسؤولون انهم ما زالوا يحاولون تسوية التفاصيل.
وقال مسؤولون آخرون إن الحكومات الأوروبية الأخرى، من بينها النمسا والسويد قالت إنها ستفكر هي الأخرى في القيام بالمثل.
ومع ذلك، أكدّ المسؤولون أنه في الوقت الذي بدأت فيه المناقشات مع البنوك المركزية، إلا أنها لم تتلق حتى الآن قبولًا، وقال مسؤولو البنك المركزي الأوروبي إن هناك ترددًا في إقامة روابط مالية مع إيران في الوقت الذي تستعد فيه أمريكا لإعادة فرض العقوبات.
وقال المسؤولون إن إيران ستحتاج أيضًا إلى تطبيق تشريعات للوفاء بمعايير مكافحة غسيل الأموال التي وضعتها هيئة رقابة دولية معنية بالإجراءات المالية.
ولم يكن لدى بنك إنجلترا أي تعليق، ولم تستجب البنوك الوطنية الفرنسية والألمانية على الفور للمطالبات بالتعليق.
وفي الأسبوع الماضي، رفضت واشنطن طلبًا أوروبيًا رسميًا من الولايات المتحدة لمنح الشركات الأوروبية إعفاءات واسعة من العقوبات، والتي ستسعى إلى تقليل صادرات الطاقة الإيرانية والروابط التجارية للبلاد مع الشركات الأجنبية.
وقال وزير الخزانة ستيفن منوشين، ووزير الخارجية مايك بومبيو ردًا على الطلب الأوروبي: “إلى أن تصبح طهران مستعدة لإجراء تحولات ملموسة وثابتة ومستمرة في السياسات التي ذكرناها، سنعمل على تطبيق ضغوط مالية غير مسبوقة على النظام الإيراني”، وفقًا لرسالة استعرضتها وول ستريت جورنال.
وحذر المسؤولون الأمريكيون صراحةً من التعامل التجاري مع البنك المركزي الإيراني، قائلين إنه “لا ينبغي اعتباره مؤسسة شرعية، ويجب على البنوك الأوروبية عدم المشاركة فيها”.
وقال مسؤولون أمريكيون مرارًا وتكرارًا إنه يمكن استهداف الشركات الأوروبية إذا استمرت بممارسة الأعمال التجارية في إيران فور عودة العقوبات الأمريكية تمامًا في نوفمبر، حيث تنطبق العقوبات الأمريكية على الشركات الأجنبية والمحلية.
ومع إعلان الشركات الأوروبية الكبرى عن خططها لمغادرة أو تجميد الاستثمارات في إيران بشكل شبه يومي، ظلت إيران تضغط من أجل حلول سريعة من أوروبا لتأمين الفوائد الاقتصادية للاتفاقية النووية.
وقد طالب وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف باتخاذ بعض الاجراءات قبل اعادة فرض اول مجموعة من العقوبات الامريكية في السادس من اغسطس، وهو جدول زمزمني وصفه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان بانه غير واقعي.
ولكن بعد الاجتماع الذي عقد في فيينا في 6 يوليو، قال السيد ظريف إنه متفائل بالعمل الأوروبي، والروسي والصيني حول مخاوف إيران الرئيسية، حيث يتم دراسة فتح القنوات المالية لإيران والسماح لإيران بمواصلة تصدير النفط.
وقال ظريف في ذلك الوقت على تويتر: “التحرك في الاتجاه الصحيح لاتخاذ خطوات ملموسة لتنفيذ الالتزامات في الوقت المناسب”.
وقد تعهدت فرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا والصين -الدول التي تفاوضت على الاتفاقية النووية لعام 2015 إلى جانب الولايات المتحدة وإيران- في فيينا بحماية “المشغلين الاقتصاديين” من أجل الاستثمار أو تنفيذ “أنشطة تجارية ومالية”، في إشارة إلى إمكانية وجود قنوات الدفع المصرفية المحتملة.
وفي يوم الإثنين، قالت رئيسة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، إن المجموعة عازمة على الاستمرار رغم رفض الولايات المتحدة منح إعفاءات.
وقالت عن رد الولايات المتحدة: “لا أرى أن هذا الرد قد جلب أي شيء جديد إلى العمل الذي نقوم به”.
ووفقاً لمسئولين، فإن الأمل معقود على تمكن إيران من تفعيل حسابات اليورو والجنيه الاسترليني وغير ذلك من الحسابات للبنك المركزي الإيراني في أوروبا، حيث ستتمكن إيران بسهولة من إعادة عائدات تصدير النفط إلى الخارج – أو على الأقل استخدام تلك العائدات لشراء المنتجات الرئيسية، مثل قطع الغيار لصناعة السيارات في أوروبا.
وقد رفضت معظم البنوك التجارية الغربية الكبيرة فتح حسابات إيرانية، خوفًا من أن تقطع السلطات الأمريكية وصولها للدولارات.
في حين يأمل المسؤولون الأوروبيون في حماية البنوك المركزية الأوروبية من العقوبات، فإنهم يعترفون بعدم وجود ضمانات، ويمكن للولايات المتحدة فرض عقوبات على حكام البنوك المركزية وأعضاء مجلس الإدارة، أو حتى أن تحرمهم من الوصول إلى الأسواق المالية الأمريكية، على الرغم من أنه قد تكون هناك تكاليف اقتصادية واسعة للقيام بذلك.
وقد فرضت الولايات المتحدة بالفعل عقوبات على محافظ البنك المركزي الإيراني، حيث وصفته بكونه إرهابيًا، لنقل الأموال إلى وكيل حزب اللبناني.