في واقع الأمر، إن الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في ديسمبر 2017، والتي فاجأت الديكتاتورية الدينية في إيران، لم تهدأ أبداً لتبدأ من جديد، فقد وقعت المظاهرات في يناير 2018، ثم مرة أخرى في أبريل.
ومنذ منتصف مايو، ازداد غضب الرأي العام في الدولة الإيرانية إلى درجة أن وحدات الأمن الداخلية للنظام أطلقت النار على المتظاهرين.
وفي إشارة واضحة للديكتاتورية، لا توجد حصيلة دقيقة للقتلى حتى الآن، مما يذكرنا بالمظاهرات اللي قامت في ميدان تيانانمن في يونيو 1989 بالصين، ولم يعرف أحد حتى هذه اللحظة كم عدد الأشخاص الذين قتلوا فيها.
وقد أفادت وسائل الإعلام الاجتماعية والخدمات السلكية عن وقوع أعمال عنف متفرقة خلال شهر يونيو، حيث احتج المتظاهرون على التدهور الاقتصادي لإيران.
كما ربطت وسائل الإعلام الاجتماعية هذه المظاهرات بالقضية الحقيقية في البلاد وهي فساد النظام.
وفي الأسبوع الماضي، تصاعد العنف السياسي الداخلي لإيران، وقد اعترف بعض الموالين للنظام، بأن مسلحًا مجهولًا في مدينة عبادان بدأ إطلاق النار خلال مظاهرة في 30 يونيو وأصيب شخص واحد.
وأفادت مصادر إيرانية وإسرائيلية في 1 يوليو بأن المحتجين في عابدان بدأوا القتال مع قوات الأمن واستمرت “مناوشات” الشوارع في الليل.
كما أضرت الاحتجاجات بمدينة خورامشهر، وتقع كلتا المدينتين في محافظة خوزستان المنتجة للنفط بالقرب من الحدود العراقية، ويسكن عدد كبير من العرب فيهما.
وروجت قناة إيرنا الإعلامية، أن تلوث المياه وندرتها هو السبب وراء مظاهرات عابدان، ولم يكن ذلك إلّا جزءًا من الحقيقة، فلا يمكن لأحد أن ينكر أن الجفاف الشديد يؤثر على أكثر من 90٪ من إيران، إلّا أن مئات الأشخاص في خوزستان قد مرضوا في شهر يونيو عندما شربوا المياه الملوثة.
ومن الصعب إخفاء هذا النوع من الحوادث القاسية في منطقة إيرانية قريبة للعراق، إلّا أن الاعتراف بهذا الأمر سيعرض الديكتاتورية للإهانة، وسيؤكد على أن تلوث المياه هو سبب المرض.
وتعطي حركات الغضب للحكومة تغطية مؤقتة لدورة إخبارية أخرى أو اثنتين لتجنب القضايا الحقيقية والحاسمة مثل التدهور الاقتصادي وفساد النظام.
وتم نشر مقطع فيديو على وسائل الإعلام الاجتماعية بالأسبوع الماضي في طهران للمتظاهرين وهم يهتفون: “الموت لروحاني”، وحسن روحاني هو الرئيس الحالي لدولة إيران، وقد نظر إليه الرئيس السابق باراك أوباما كسياسي جدير بالثقة.
ووفقًا لأحد المصادر، لا يوجد أي متظاهر في طهران قد نادى بالموت لخامنئي هو الآخر، ربما لأن السخرية من خامنئي يعد أمرًا أخر، فهو من يملك السلطة الحقيقية، وخامنئي هو المرشد الأعلى الحالي لإيران، وتولى منصبه منذ عام 1989.
والسؤال الذي يطرح نفسه في إيران، متى سيكون الشعب الإيراني على استعداد لإراقة دماءه لمواجهة الدكتاتورية الدينية؟
وبالطبع يعد هذا النداء صعب للغاية، فقد قام باراك أوباما بتفجير فرصة كبيرة لتمديد الحرية عندما فشل في الاستجابة بسرعة للمطالب الإيرانية للإصلاح في يونيو 2009، مما أدى لظهور الحركة الخضراء، وتم قمع تلك الحركة بوحشية في عام 2010، إلّا أن الديكتاتورية الإيرانية قلقة من أن التدهور الاقتصادي قد يكون عاملًا مؤثرًا في الإجابة على ذلك التساؤل.
وفي أبريل، أفادت إذاعة أوروبا الحرة أن إيران تعاني ذعرًا من “شراء الدولار على نطاق واسع، بدافع الهبوط في قيمة الريال الإيراني”، وقد خسر الريال نصف قيمته مقابل الدولار منذ يناير السابق.
ومما لا شك فيه، أن الأوضاع الاقتصادية في إيران ستزداد تدهورًا، فقد حذرت أمريكا الشركات التجارية التي تتعامل مع إيران من أنها ستفرض عقوبات مالية عليها إذا أخفقت في قطع العلاقات معها بحلول نوفمبر.
وينوي نظام الخميني الذي تأسس عام 1979 على الاحتفال بمرور 40 عامًا منذ تأسيسه عام 2018، ويبدو أن إدارة ترامب تنوي مساعدة الشعب الإيراني على جعل السنة الأربعين صعبة للغاية.