لحسن الحظ، لم تحصل إيران على أسلحة نووية بعد، خلافًا لكوريا الشمالية، ولكن بمجرد انتهاء الوقت المحدد للقيود في إطار خطة العمل المشتركة بشأن تخصيب اليورانيوم ونشر أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، فإن الطريق نحوها سيتم فتحه مرة أخرى.
بعد انسحاب أمريكا من خطة العمل المشتركة، عرض وزير الخارجية مايك بومبيو تطبيعًا كاملًا للعلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع إيران، في مقابل تغيير سلوكها.
إلّا أن قادة إيران لم ولن يقبلوا بهذه الصفقة. ومن غير المحتمل أن يصل الضرر الناجم عن فرض العقوبات الأمريكية إلى مستوى كافٍ لتغيير التفكير الإيراني بشأن الأسلحة النووية، إلّا أن مزيدًا من الضغط قد يؤدي إلى تعزيز هذه الحسابات.
ولكن هناك بديل، فيمكن لأمريكا أن تلتزم مجددًا بخطة العمل المشتركة، وأن ترفع العقوبات العامة ضد إيران، في مقابل قرار مجلس الأمن الدولي الذي ينشئ صندوقًا دوليًا كمستلم لجميع عائدات صادرات النفط الإيرانية. وسيكون للصندوق الخصائص التالية:
أولًا: سيكون هناك حد للإعادة الأسبوعية للعائدات من صادرات النفط الإيرانية التي سيتم تحديدها بطريقة محايدة من حيث الإيرادات. سيعادل معدل إعادة التوطين الأثر الإيجابي المقدر لرفع العقوبات الأمريكية عن إيرادات الحكومة الإيرانية من المصادر المحلية.
ونتيجة لذلك، سيشعر الاقتصاد الإيراني عموما بالارتياح من العقوبات، ولكن ليس من قبل الحكومة الإيرانية. أما العائدات المتبقية، والتي ستشمل الإيرادات المتولدة حديثاً من حقول النفط غير المطورة أو المتخلفة حالياً، فستُستثمر في أسواق رأس المال الدولية، في أعقاب المبادئ التوجيهية للاستثمار التي تستخدمها صناديق الثروة السيادية.
ثانياً: سيكون صندوق الأمم المتحدة بمثابة آلية رادعة، فسيطالب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بتعليق عملية إعادة الأموال إلى وطنه كلما وطالما رفضت إيران الانصياع لأي من قراراتها، سواء كانت متعلقة بالأسلحة النووية أو بالصواريخ أو غيرها.
ثالثًا: سيغير صندوق الأمم المتحدة الحوافز التي تواجه الحكومة الإيرانية، ويمكن لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يزيد من معدلات الإعادة إلى الوطن المحددة بموافقة الولايات المتحدة.
ومن شأن ذلك أن يوفر للإدارة الأمريكية آلية إضافية لاستخراج تنازلات من إيران من خلال المفاوضات الثنائية.
والفكرة ليست سابقة في تاريخ إيران، ففي عام 1951، عندما قامت إيران بتأميم شركة البترول الأنجلو-إيرانية، ردت بريطانيا بفرض حصار بحري، مما منع إيران من تصدير النفط. وعرض البنك الدولي التوسط في إنتاج وتصدير النفط الإيراني، مع تقاسم العائدات، إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق دائم.
وخلافًا لخطة 1951، التي تم رفضها جزئياً لأنها اعتمدت على الخبراء الأجانب لإدارة آبار النفط الإيرانية، فإن هذا الاقتراح سيترك السيطرة على الصناعة في أيدي إيران.
وسيؤدي فقط إلى فرض رقابة دولية على بيع النفط لأسواق التصدير. لذلك، فإن تنفيذه لن يتطلب بالضرورة موافقة إيران، إلا أنه سيتطلب امتثال مستوردي النفط الإيراني.
ومن شأن مبادلة عقوبات (أمريكا-الأمم المتحدة) أن تترك متسعًا أقل بكثير أمام إيران كي تتحدى قرارات الأمم المتحدة.
وبوجود رادع جديد يمكن استخدامه ضد خزنة إيران التي تعتمد على النفط، فإن مجلس الأمن الدولي سيكون قادراً على ضمان عدم اقتراب إيران مطلقاً من امتلاك سلاح نووي يمكن تسليمه، وتحويل خطة العمل المشتركة إلى ترتيبات دائمة بحكم الواقع.
وعلاوة على ذلك، فإن ميزان القوى الجديد سيجبر على التغيير في حسابات القيادة الإيرانية على اعتبار أن استمرار كونها دولة مرتدة سيصبح غير قابل للتحمل.
هل يرغب الأعضاء الدائمون الآخرون في مجلس الأمن الدولي في إبرام هذه الصفقة مع أمريكا؟
وبالإضافة إلى معالجة مسألة التهديدات النووية وغير النووية الإيرانية، فإن تبادل العقوبات سيعود بالنفع على الأعمال التجارية غير الأمريكية، وخاصة الشركات الأوروبية، حيث سيتم رفع العقوبات الثانوية التي تفرضها الولايات المتحدة.
ومن شأن ذلك أن يفيد المستهلكين العالميين للطاقة، ولا سيما الصين، لأنه سيزيد بشكل كبير من إمدادات إيران من النفط إلى الأسواق الدولية.
وليس هناك داعيًا للذكر، بأن وجود نظام مفتوح للعمل سيؤدي إلى المزيد من الرخاء بالنسبة إلى الإيرانيين العاديين وفرصًا جديدة للشركات الأمريكية التي يمكن أن تستأنف العلاقات الاقتصادية مع إيران بعد عقود من العقوبات.
وحتى إذا ما قررت روسيا استخدام حق الفيتو، فإن القرار سيظل انتصارًا دبلوماسيًا لأمريكا، لأنه سيجعل الكرملين مسؤولًا بشكل مباشر عن التطبيق المستمر للعقوبات الأمريكية الحالية، فضلاً عن أوجه القصور في الصفقة الحالية.
ويتمتع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بسلطة وضع الإجراءات الخاصة بعقوبات (أمريكا-الأمم المتحدة)، بغض النظر عن اعتراضات إيران.
وباعتباره صاحب صفقة استثنائية، يمكن للرئيس ترامب أن يقدر أن هذا الاقتراح سيقدم له الطريق لحل أفضل بكثير للمشكلة الإيرانية من الاتفاق الطموح الذي أبرمه مع كوريا الشمالية.