قبل 4 أيام، نفذت السلطات الإيرانية حكم الإعدام بحق محمد سلاس العضو في جماعة «غونابادي» الدينية؛ بعد أن أدين في فبراير بقتل 3 أفراد من الشرطة الإيرانية بالعاصمة طهران، في عملية دهس بحافلة نفذها؛ احتجاجًا على سجن نعمة الله ريحاني زعيم جماعة «غونابادي» الدينية بالبلاد.
وجماعة «غونابادي» طريقة صوفية شيعية أسسها سيد شاه نعمة الله ولي، في القرن الثامن الهجري، حيث يتبعها طلاب الجامعات والطبقة المثققة، وتدعو الجماعة إلى الإسلام بطريقة مغايرة للمفهوم الشيعي التقليدي، الأمر الذي جعل السلطات الإيرانية تنظر إليها على أنها مصدر «تهديد في البلاد».
أمريكا تدين
قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت: «تشير التقارير إلى شنق السيد سلاس صباح اليوم في سجن رجائي شهر السيئ السمعة الذي صنفته وزارة الخزانة الأمريكية مؤخرا لأسباب تتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد الأشخاص في إيران، وتم اعتقال ما لا يقل عن 300 صوفي يطالبون بالإفراج عن أحد زملائهم في الديانة بغير وجه حق وما زالوا خلف القضبان بعد مواجهة مع قوات الأمن الإيرانية في فبراير».
وتابعت نويرت قائلة: «تشير التقارير إلى استمرار النظام الإيراني في قمع الصوفيين بسبب ديانتهم في مختلف أنحاء البلاد منذ ذلك الوقت، ويشمل ذلك ادعاءات مقلقة بوقوع وفيات أثناء الاحتجاز أو بسبب الضرب على أيدي قوات الأمن، ويمثل إعدام السيد سلاس السريع أحدث مثال على تجاهل النظام الإيراني لحقوق الإنسان لمواطنيه، وأشارت التقارير إلى أنّ السيد سلاس حُرم من الوصول إلى محام قبل محاكمته».
وأردفت المتحدثة بالقول: «ندعو شركاءنا وحلفاءنا حول العالم للانضمام إلينا في إدانة الإعدام الوحشي والظالم للسيد سلاس على يد النظام الإيراني. كما ندعو السلطات الإيرانية إلى إطلاق سراح المئات من الصوفيين الذين ما زالوا في السجن بسبب معتقداتهم، بما في ذلك زعيم جماعة غونابادي الصوفية الدكتور نور علي تابنده البالغ من العمر 91 عاما والذي ما يزال رهن الإقامة الجبرية طيلة الأشهر الأربعة الماضية».
قمع الصوفيين
يذكر أن تقارير عدة تؤكد تعرض «الصوفيين الشيعة» إلى قمع واضطهاد مستمرين منذ أن بدأت ظاهرة الانتماء إلى هذه الطريقة تتسع في مختلف أنحاء إيران على حساب المؤسسة الدينية الشيعية الرسمية التي تحتكر السلطة في إيران وترفض أي قراءة للمذهب الشيعي إلا من خلال قراءتها الرسمية.
وتعد الطريقة الصوفية الجنابادية إحدى الطرق الصوفية الشيعية في إيران وتعود إلى مؤسسها الشاعر الصوفي الإيراني «سيد نورالدین شاه نعمة الله ولي الماهاني الكرماني» الملقب بـ«شاه نعمة الله ولي» الذي عاش في نهاية القرن الثامن وبداية القرن التاسع الهجريين.
وأول عملية قمع ضد الصوفيين في إيران تمت في عام 2009 عقب إصدار بيان من قبل إمام جمعة مدينة أصفهان ضد الصوفيين حيث قامت الجرافات التابعة للبلدية بتدمير ضريح «الدرويش ناصر علي» في مقبرة «تخت فولاذ» بأصفهان وتم نهب مقتنيات الضريح.
وذكرت حينها جريدة «أمير كبير» أن عدد المهاجمين على المقبرة بلغ 170 شخصا من عناصر وزارة الأمن والبلدية وموالين للمؤسسة الدينية الرسمية، وكان الضريح مسجل كأثر تاريخي في إيران وكان يستخدم كمكان لتجمع الصوفيين لأداء مراسمهم وطقوسهم وفقا لطريقتهم التي يتبعونها.
وبعد ذلك بدأت الاحتجاجات تتسع في مختلف المدن الإيرانية التي تضم صوفيين من أتباع الطريقة الجنابادية حيث في شتاء 2009 تجمع أعداد منهم في العاصمة طهران أمام مجلس الشورى الإيراني واعتقلت السلطات 60 منهم.
وخلال حكم محمود أحمدي نجاد تعرضت حسينيات وتكايا تابعة للصوفيين في مدينة قم وبروجرد وشرامين إلى الهجوم واعتقلت السلطات المئات من أتباع الطريقة ومنع الكثريين منهم من الدراسة في الجامعات.
وتطلق المؤسسة الدينية الرسمية اسم «خانقاه» على تكايا وحسينيات ومساجد الصوفيين وتتعرض هذه الأماكن إلى الهجوم من قبل قوات الحرس الثوري والباسيج التي تشكل اليد الضاربة للسلطة الدينية في إيران والتي تقوم بالقمع خارج إطار القانون.
ونددت منظمات حقوقية إيرانية ودولية مرارا بالتعامل اللاقانوني للسلطات الإيرانية مع الصوفيين الشيعة الذين يطلق عليهم باللغة الفارسية «دراويش» ودعت طهران إلى الحد من الضغوط التي تمارس ضد أتباع الطرق الصوفية في إيران.
إضرابات واعتصامات
بالأمس، أعلنت نحو 6 نسوة معتقلات من طائفة الصوفيين الجناباديين أو ما تُعرف باسم «الدراويش»، المناهضة لنظام ولاية الفقيه في إيران، إضرابا مفتوحا عن الطعام؛ بسبب سوء أوضاعهن في معتقل قرتشك الواقع بمنطقة صحراوية خارج العاصمة طهران، وذلك على أثر تعرضهن لاعتداءات بدنية من قبل عناصر أمنية.
وأوردت لجنة حقوق الإنسان في إيران، يقع مقرها في نيويورك، تقريرا تشير في سياقه إلى أن هؤلاء المعتقلات الصوفيات دخلن في إضراب مفتوح عن الطعام، في ظل قمع نظام الملالي لأنشطة الطائفة الدينية والثقافية، إلى جانب فرض قيود إجبارية على مقر إقامة أحد قادة الطائفة، ويدعى نور علي تابنده، منذ وقوع مصادمات بين مليشيات إيرانية ومحتجين صوفيين، في فبراير الماضي.
وفي السياق ذاته، أوردت النسخة الفارسية لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، نقلا عن تقارير محلية، وجود حالات انتهاكات على مدار الأيام الماضية ضد بعض النسوة المعتقلات من طائفة الصوفيين الجناباديين المناهضة لولاية الفقيه، بمعتقل قرتشك، وصلت إلى حد الاعتداء البدني بالضرب، والمعنوي بالتهديد وتوجيه السباب لهن.
والمعتقلات المضربات عن الطعام هن: «شكوفه يداللهي، وإلهام أحمدي، وسبيده مرادي، ونازيلا نوري، ومريم فرسيابي، ومعصومه برايويي»، واللواتي تعرضن للضرب والإهانة مؤخرا بسبب تذمرهن من تدهور الأوضاع الصحية لهن داخل الزنازين، وتحريض مسؤولي المعتقل للسجينات الجنائيات على الاشتباك معهن، وكذلك الاعتداء عليهن من قبل حارسات المعتقل بالهراوات والصواعق الكهربائية.
بحسب بوابة العيد الإخبارية، أشارت صديقة خليلي، والدة الناشطة الصوفية المعتقلة سبيده مرادي، إلى أن أسر المعتقلات تجمهرت أمام أسوار السجن الواقع في منطقة صحراوية خارج طهران؛ لمعرفة مصيرهن، الأمر الذي قوبل بتدخل من عناصر أمنية لتفريقهم، قبل أن يخبروهم بوقوع فوضى داخل زنزانات المعتقل، تصدى لها الحراس وأجبروا السجينات على الخضوع لأوامرهم، على حد قولها.