ذكرت مواقع إيرانية، أن عددا من الناشطين السياسيين الإيرانيين وقعوا على رسالة وجهوها لمسؤولين رفيعين في البلاد، للمطالبة بإعادة النظر بملف العلاقات مع الولايات المتحدة، محذرين مما وصفوه بـ«خسارة الفرصة المناسبة».
واعتبر الموقعون على الرسالة أن «هذه المحادثات تستطيع أن تحافظ على المصالح القومية، وأن تحل المشكلات في إيران»، ومن الأسماء الموقعة على الرسالة «غلام حسين غرباستشي، حميد أصفي، أحمد منتظري، جميلة كديفر وغيرهم».
حوار دون شروط
وأكد أمين حزب «كوادر البناء» غلام حسين غرباستشي، في حوار مع صحيفة «اعتماد» الإصلاحية، صحة الرسالة، مشددا على أنه «بحال ضمنت أميركا أنها لن تنكث وعودها فمن الممكن أن يكون الحوار طريقا لحل المشكلات العالقة معها دون وضع شروط مسبقة».
ووصف «غرباستشي» هذه الرسالة بالبيان الذي يحمل تحليلا لهؤلاء الناشطين، ولا يمثل رأيا رسميا للمحسوبين على صناعة القرار في البلاد، وهو البيان الذي يستند إلى المشكلات التي ستواجه إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، معتبرا أن «وضع العلاقات الأميركية الأوروبية ليس جيدا في الوقت الراهن، ومن الممكن أن تستفيد إيران من ذلك».
واعتبر كذلك أن الأجواء الراهنة في البلاد «سلبية للغاية، وخاصة مع عودة التركيز مجددا على إعادة فرض العقوبات على طهران، والتي ستؤدي لضغوطات جديدة»، وقال إنه «سيكون جيدا إذا ما قرر الساسة فتح الباب للحفاظ على النظام والثورة وحل المشكلات المعيشية للمواطنين، فالحوار يستطيع أن يحل الكثير من المشكلات»، حسب وصفه.
وسيطر هاجس الانسحابات من السوق الإيراني، من قِبل الشركات والبنوك العالمية، حيث أعلنت كلًا من شركة «توتال» الفرنسية، وشركة الصلب الإيطالية «دانييلي»، وشركة «ساغا» النرويجية للطاقة الشمسية، والشركة الإيطالية ANI، وشركة «مايرسك» الدنماركية، بنك التجارة والاستثمار السويسري، انسحابهم من السوق الإيراني.
مفاوضات جديدة
وفي تصريحات سابقة، نسبت وكالة الإعلام الروسية إلى القائم بأعمال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف قوله، إنه سيكون من المستحيل الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران من دون أن تقدم طهران تنازلات.
ونقلت «إنترفاكس» عن «ريابكوف» قوله: «من الممكن مناقشة مستقبل الاتفاق النووي دون مشاركة أمريكا، وأضاف أن قرار ترامب بشأن إيران كان «متسرعا» في ظل المحادثات النووية بشأن شبه الجزيرة الكورية».
من جانبه، أكد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أن إيران مستعدة للاستمرار بالاتفاق الدولي حول برنامجها النووي، فيما أكدت وزيرة الخارجية البريطانية، تيريزا ماي، أن الاتحاد الأوروبي سيناقش مقترحات للحفاظ على هذا الاتفاق.
وبحسب موقع الرئاسة الإيرانية، أكد روحاني، خلال اتصال هاتفي مع وزيرة الخارجية البريطانية، أن «حفظ الاتفاق النووي بدون الولايات المتحدة ممكن، أما بدون ضمان حق إيران فهو غير ممكن».
وأضاف أن «الضمانات يجب أن تكون واضحة وشفافة في حق إيران ببيع النفط، والارتباط البنكي، والاستثمار، وغيرها»، محذرا من أن «أي وضع كان موجودا قبل الاتفاق النووي وسيعود وسيظهر الآن ستتحمل أمريكا المسئولية عنه».
ونقلت الرئاسة الإيرانية عن ماي قولها إن «الاتحاد الأوروبي حضر مجموعة من الاقتراحات لحفظ الاتفاق النووي سيتم مناقشتها يوم الثلاثاء»، مؤكدة أن «حفظ الاتفاق هو هدف للاتحاد الأوروبي».
وبفضل العلاقات الإيرانية الروسية، تحاول موسكو استقطاب مشاورات دبلوماسية لمحاولة إنقاذ الاتفاق، وأعلن الكرملين أن موسكو وحلفاءها في الفضاء الروسي سيوقّعون اتفاقًا للتجارة الحرة مع إيران، مرجّحًا تقاربًا روسيا – أوروبيًا نتيجة رفض الجانبين قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق المُبرم عام 2015.
ثقة أمريكية
يبدو أن الاتفاق بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الكوري الشمالي، كم جونغ أون، انعكس على الموقف الإيراني، حيث أكد «ترامب» أن سلوك إيران سيتغير، وأن طهران ستقبل بمفاوضات جديدة.
وقال «ترامب» خلال مؤتمر صحفي عقد بعد قمته مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الثلاثاء الماضي، في سنغافورة: «إن تغيرات مهمة طرأت على إيران وتوجهاتها السياسية في الفترة الأخيرة».
وأضاف: «أمل بأنهم سيعودون لبحث صفقة جدية في الوقت المناسب بعد فرض عقوبات، سبق أن قلت إنها ستكون شديدة.. لكن الوقت لم يحن لذلك بعد»، واعتبر أنه «فيما يتعلق بالاتفاق النووي».
وأوضح: «لا أظن أنهم يعيرون نفس الاهتمام بمنطقة البحر المتوسط وسوريا، كما كان الأمر سابقا. لم يعودوا يمتلكون ذات الثقة الكاملة (بالنفس) التي كانت لديهم في الماضي، باتت إيران الآن تختلف عما كانت عليه قبل ثلاثة أو أربعة أشهر».
منذ توقيع الاتفاق النووي الإيراني سعت الشركات الأوروبية المتعطشة للأسواق الخارجية، خاصة أسواق الشرق الأوسط الغنية بالنفط والغاز، إلى عقد صفقات تجارية وتوقيع عقود طاقة وطيران وتمويل مصرفي مع إيران تفوق 60 مليار دولار.
وذكرت صحيفة «يسرائيل هايوم» العبرية، في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء الماضي،أن الرئيس دونالد ترامب يخنق الاقتصاد الإيراني، خطوة تلو الأخرى، بعد إعلانه الخروج من الاتفاق النووي، الشهر الماضي، وإعادة العمل بالفترة التي سبقت الاتفاق، مما يعني العمل بفرض عقوبات اقتصادية على إيران، وهو ما جعل المواطن الإيراني يدرك أن البرنامج النووي يجلب له الكوارث.
أفادت الصحيفة العبرية بأن إيران تدرك أن نتائج القمة التاريخية بين الرئيسين، الأمريكي والكوري الشمالي، سيكون لها تداعيات خطيرة على طهران، فضلا عن أن بهرام قاسمي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية قد أوضح هذا الأمر، حين تحدث عن أن الاتفاق النووي الإيراني تم توقيعه إبان ولاية الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، وبأن واشنطن لا يمكن الوثوق بها، للدلالة على أن خروج إدارة ترامب من الاتفاق النووي قد أضر باقتصاد بلاده.