منذ دخول إيران للأراضي العربية السورية، من أجل الوقوف بجوار الرئيس السوري بشار الأسد، ضد الثورة، وتعمل الولايات المتحدة الأمريكية على منع وصول الجمهورية الإسلامية الإيرانية للبحر المتوسط.
حيث اعتبر ديفيد شينكير، المرشح لمنصب مساعد وزير خارجية أمريكا، أن وجود قوات بلاده في سوريا لـ«منع طهران من إقامة جسر بري إلى المتوسط»، فضلاً عن تعزيز مواقع واشنطن بمواجهة روسيا.
الدبلوماسية أولًا
وجرى البحث في مستقبل سوريا خلال جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بالكونجرس الأمريكي، فقام «شينكير» برسم معالم استراتيجية أمريكية لمواجهة إيران، وأبدى تفهمه لمخاوف السعودية والإمارات الأمنية في مواجهة طهران، ومع ذلك أعرب عن قلقه من العملية التي ينفذها التحالف العربي في الحديدة.
وفي بداية جلسة الاستماع ذكر السناتور بوب منينديز، وهو كبير الديموقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية، أن الكونجرس طلب من الإدارة تقديم استراتيجية كاملة بشأن التعامل مع إيران بحلول يناير 2018، قائلاً: «مع أننا في يونيو 2018، لم نر شيئاً حتى الآن»، وسؤل شينكير: «في حال تثبيتك بالمنصب، هل تتعهد بالعمل مع وزير الخارجية لوضع مثل هذه الاستراتيجية»، فأجاب فورا: «نعم».
واعتبر «شينكير» أن عناصر هذه الاستراتيجية، تشمل، في رأيه، أولاً استخدام الدبلوماسية التي تقضي بالعمل مع الحلفاء الأوروبيين لإقناعهم بالانضمام إلينا في مسألة العقوبات، فرغم وجود ثمة خلافات بيننا، «هم يشاطروننا موقفنا من خطط إيران المتعلقة بالانتشار النووي وتطوير الصواريخ والنشاطات الإقليمية المزعزعة للاستقرار»، وثانيًا، الحفاظ على وجود عسكري في سوريا لمنع إيران من إقامة جسر بري إلى البحر المتوسط. وثالثاً، العمل مع الحلفاء لمنع شحن قطع الصواريخ إلى اليمن. ورابعاً، السعي إلى علاقات جيدة مع العراق لعدم ترك بغداد في مهب طهران.
الطريق للبحر المتوسط
في تقرير لموقع «بي بي سي عربي»، أكد أنّ بوصول قوات الحشد الشعبي إلى الحدود مع سوريا يعني أن الفرصة باتت سانحة أمام طهران للسير قدما في إنشاء خط مباشر يصلها بالساحل السوري على البحر المتوسط عبر الأراضي العراقية والسورية مما يمكنها مستقبلا مد الحكومة السورية والمليشيات التي ترعاها في سوريا أو لبنان بالسلاح والعتاد والرجال.
وأوضح التقرير أن تنفيذ هذا المخطط ووضعه موضوع التنفيذ مباشرة الآن يتوقف إلى حد بعيد على موقف أكراد سوريا الذين تدعمهم الولايات المتحدة الأمريكية، في حربها ضد التنظيم في سوريا وموقف واشنطن التي أعربت في أكثر من مناسبة عن قلقها من دور المليشيات الإيرانية في سوريا.
والمنطقة الكردية في سوريا والتي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي تمتد من حدود إقليم كردستان العراق وصولاً إلى الغرب من مدينة منبج في محافظة حلب وهي متصلة جغرافيا بمناطق سيطرة الحكومة في ريف حلب.
تعيش هذه المنطقة في ظل حصار اقتصادي فعلي مما يترك الباب مفتوحاً للمساومات بين طهران ودمشق من جهة والإدارة الكردية في سوريا من جهة أخرى والتوصل إلى تفاهم ما يخدم مصالح الطرفين.
وفي حال لم تتوصل طهران ودمشق والادارة الكردية في سوريا الى اتفاق او تفاهم في هذا المجال، فلن يبقى امام طهران سوى التوجه جنوباً نحو منطقة القائم، وأقرب مواقع القوات الحكومية السورية إلى الحدود مع العراق تقع في مدينة دير الزور وهذه القوات يحاصرها التنظيم منذ فترة بعيدة.
وكانت القوات الامريكية قد قصفت قبل عدة ايام رتلا من المليشيات الشيعية كان متجها من دمشق الى المعبر الحدودي مع العراق في منطقة التنف في المثلث الحدودي الصحرواي بين سوريا والاردن والعراق، وتسيطر على هذه المنطقة قوات معارضة سورية تدعهما واشنطن واقامت الاخيرة فيها معسكرا لقوات خاصة قوات امريكية و بريطانية.
وتمسكت الولايات المتحدة في الاتصالات التي أجريت مع روسيا بمنع مرابطة ميليشيات تابعة لإيران في المنطقة الممتدة من القنيطرة في الجولان إلى درعا وريف السويداء وصولاً إلى معبر التنف، مع إمكان أن يكون لنظام الأسد وجود رمزي في معبر نصيب مع الأردن.
لذا فالأرجح أن معركة إيران لتأمين طريق إلى البحر المتوسط ستكون أكثر صعوبة على الجانب السوري للحدود، منها على الجانب العراقي الذي تسيطر قوات «الحشد الشعبي» على منطقة واسعة منه تتيح لها التحرك بسهولة بين نينوى والحسكة.
حدود جديدة
الفريق السابق في الحرس الثوري الإيراني، والمستشار العسكري الحالي للمرشد الإيراني، يحيى رحيم صفوي، قال إن حدود بلاده الحقيقية ليست كما هي عليها الآن، «بل تنتهي عند شواطئ البحر الأبيض المتوسط عبر الجنوب اللبناني».
وأضاف: «حدودنا الغربية لا تقف عند شلمجة (على الحدود العراقية غربي الأحواز) بل تصل لجنوب لبنان، وهذه المرة الثالثة التي يبلغ نفوذنا سواحل البحر الأبيض المتوسط»، في إشارة إلى حدود الإمبراطوريتين الأخمينية والساسانية الفارسيتين قبل الإسلام، وفق ما ذكره موقع أورينت نيوز السوري في مايو 2014.
وفي 9 أكتوبر 2016، قالت صحيفة جارديان البريطانية، إن إيران على وشك إكمال مشروعها الاستراتيجي بتأمين ممر بري يخترق العراق في نقطة الحدود بين البلدين، ثم شمال شرقي سوريا إلى حلب وحمص، وينتهي بميناء اللاذقية على البحر المتوسط.
وأشارت إلى أن قوات كبيرة من المليشيات الشيعية باتت تضع اللمسات الأخيرة على «خطط للتقدم» نحو تنفيذ مشروع الممر الذي ظل في طور التبلور خلال العقود الثلاثة الماضية، وأن الشريط البري غرب الموصل الذي ستعمل فيه المليشيات الشيعية يُعتبر أساسياً في تحقيق الهدف الإيراني للوصول للبحر الأبيض المتوسط.
وفي حالة وصول إيران إلى المتوسط، فإن التهديد الإيراني لتركيا بات قاب قوسين جنوباً من جهة البحر؛ ما جعل أنقرة تتحرك شمال شرق سوريا، برغم كون التحرك جاء متأخراً، إلا أنه محاولة لتعطيل المشروع الإيراني، خاصةً بعدما لاحظت أنقرة أن هناك علاقة بين إيران والأكراد الذين يُعتمد عليهم في تنفيذ جزءٍ كبيرٍ من الممر وتأمينه، حسبما أشارت الجارديان.
نجاح إيران في تحقيق حلمها بشق الطريق البري يمكّنها، كذلك، من السيطرة على المنطقة العربية والخليجية، بعدما صارت تحيطها من جميع الاتجاهات، فضلاً عن إحكام سيطرتها على العراق وسوريا أكثر، ويسهل لها تهريب السلاح والمخدرات وزيادة عدد القوات الموالية لها دون رقيب.