فاينانشال تايمز
وصف الرئيس دونالد ترامب قمته مع رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ بأنها تعد تقدما كبيرا، فبينوغ يانغ لم تعد تهديدًا نوويًا لأمريكا، على عكس إيران التي وصفها “بنظام إرهابي فظيع” رغم عدم امتلاكها لأسلحة نووية.
كما مزق ترامب مؤخرًا الاتفاق النووي مع طهران والذي استغرق سنوات للتفاوض بشأنه.
لأي حد يختلف مستوى تهديد كوريا الشمالية عن إيران؟
يؤكد الخبراء على أن التهديد النووي من كوريا الشمالية أكثر خطوة من إيران، لأن بيونغ يانغ طورت ترسانة نووية قد تعرض أمريكا للخطر.
وزعم ترامب يوم الأربعاء أنه لم يعد هناك تهديد نووي من كوريا الشمالية، على خلاف تقدير العلماء لامتلاك لبيونغ يانغ لعشرات الرؤوس النووية وغيرها من الأسلحة، ولا يزال الكثير من البرنامج النووي محاطًا بالسرية.
وعلى النقيض من ذلك، فلا يُعتقد أن إيران قد طورت أسلحة نووية وأنها أغلقت مرافق تخصيبها النووي، وأنها تقبل عمليات التفتيش الدولية، كما أن مدى صواريخها الباليستية يبلغ 2000 كيلومتر، وليس لديها خطط لتطوير مداها لتصبح عابرة للقارات.
تملك إيران الكثير من الأعداء في المنطقة مثل إسرائيل والسعودية، وعدد قليل من الحلفاء.
بينما تملك كوريا الشمالية علاقات مع جيرانها مثل الصين وكوريا الجنوبية بالأخص التي يحرص رئيسها للتوصل على سلام دائم بينها وبين كوريا الشمالية، وهو ما يمثل تهديدًا أكبر.
ما مدى اختلاف النهج؟
يفتخر الرئيس ترامب بقدرته على إجراء الصفقات الكبيرة، ومعالجة إدارته لبعض المشاكل السياسية الشائكة بالخارج.
ووفقًا لجون وولفستال، المدير الأعلى السابق لمراقبة الأسلحة وعدم الانتشار في مجلس الأمن القومي أثناء إدارة أوباما: “إن إيران ستكون سعيدة للتوقيع على نفس الصفقة التي وقعت عليها كوريا الشمالية بسنغافورة، ولكن على ما يبدو فإن ترامب لن يقدمها لهم”.
وقال توماس كونتريمان، الرئيس السابق لعدم الانتشار في وزارة الخارجية الأمريكية، أن ترامب كان يطالب إيران بأشياء لم يطلبها من كوريا الشمالية مثل التخلي عن الصواريخ الباليستية، وتغيير سياسته الإقليمية واصفًا ما يحدث: “بأنه ليس هناك اتساق”.
كما يرى المؤيدون الجهد المبذول لتحويل بيونغ يانغ من ضفة العدو إلى الصديق على النقيض من إيران التي لم تكن أبدًا دولة حليفة لأمريكا، ويقول أحد المطلعين على التحضيرات للقمة من الجانبين: “إن تحويل كوريا الشمالية لصف الحلفاء لهو هدف أكبر”.
هل يريد ترامب صفقة مع كوريا الشمالية أكثر شمولًا من تلك اللي مزقها مع إيران؟
والإجابة هي نعم، وهذا احتمال غير وارد، وتقول ألكسندرا بيل، المسؤولة السابقة في شئون الحد من التسلح في وزارة الخارجية الأمريكية: “إذا حدثت مثل هذه الصفقة فستكون أكثر قوة من الصفقة الإيرانية، وأكثر صفقة تعقيدًا تم التفاوض عليها، مما سيجعل صفقة إيران تبدو وكأنها نزهة”.
هل يقدم ترامب مزيدًا من التنازلات لكوريا الشمالية أكثر مما يفعل مع إيران؟
وجواب هذا السؤال أيضًا هو نعم، ويقول الخبراء أنها ربما تستحق ذلك، فمستوى إيران ما زال أقل من أن يطلق عليه تهديدًا، ولا يستدعي أن تحاول أمريكا استخدام قوتها لإملاء الشروط عليها.
ويقول السيد وولفستهال مدير مجموعة الأزمات النووية: “أن قرار ترامب بإلغاء المناورات العسكرية بين أمريكا وكوريا الجنوبية على الرغم من كونه خطوة أثارت قلق الكونجرس والنقاد إلا أنه كان تنازلًا معقولًا وغير مبالغ فيه”
“وبلا شك فإن إعطاء الرئيس ترامب لكيم وجهًا كافيًا ليتمكن من العودة إلى كوريا الشمالية، كان خطوة ذكية، فلم يمنحه شيئًا حول قضية العقوبات وهي قضية مهمة، بل أعطاه فرصة للترقب” كما أضاف أن “الرئيس كيم واجه ضغوطًا داخلية من الداعمين لموقف البلاد المعادي لأمريكا”.
هل تختلف أنظمه التفتيش والتحقيق بين الدولتين؟
شككت إدارة ترامب في ما إذا كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أجرت عمليات تفتيش صارمة بما يكفي في إيران.
وعلى الرغم من أن كوريا الشمالية تمتلك أخطر برنامج في العالم، لم يذكر في قمة كوريا الشمالية شيئًا عن “التفتيش”، وقد أصر الرئيس ترامب أن التحقق من وجود الأسلحة سيكون جزءًا من أي صفقة.
يقول الخبراء أن التأكد من قدرات كوريا الشمالية سكون أصعب من إيران، لأنه لم يسمح للمفتشين دخول البلاد منذ ما يقرب عقد من الزمان، وتم إخفاء جزء كبير من برنامجها النووي.
وقال مايكل إيلمان، مفتش الأسلحة السابق: “كان لدينا رؤية جيدة لما في حوزة الإيرانيين، وكم أنتجوا من المواد، حتى قبل عقد الصفقة، لكن الوضع مع كوريا الشمالية يعد أكثر غموضَا، فتفكيك البرنامج النووي لكوريا الشمالية سيستغرق عشر سنوات على الأٌقل”.
ومع ذلك قال مايك بومبيو، وزير خارجية الولايات المتحدة، إن الإدارة تريد عملية نزع سلاح كبرى خلال فترة رئاسة ترامب الأولى.
هل هناك أسباب أخرى تجعل ترامب يعامل كلا الدولتين بشكل متخلف؟
في حين جادل البعض بأن التعامل مع كوريا كان يستدعي الحرص الشديد لأنها أكبر تهديدًا، إلا أن البعض الآخر يعتقد أن ترامب ينظر إلى السياسية بطريقة مختلفة جوهريًا، وأنه قام بتضخيم العداء تجاه إيران.
ويقول السيد كونتريمان: “لأسباب مختلفة، قرر البيت الأبيض أن إسرائيل والسعودية والإمارات هم أكثر الدول أهمية لأمريكا من حلفاء آسيا، لأنهم غير مهتمين بإقامة صفقة دبلوماسية مع إيران”، كما جادل بأن السيد ترامب ببساطة لا يستطيع أن يدعم أي خطوة خطاها من سبقوه، وأن إدارة أوباما لم تحاول بنفس العزم مع كوريا الشمالية لأنها ركزت على ضمان النجاح مع إيران.
وعلى حد قول البعض، فإن ترامب يريد أن ينظر إليه على أنه حل المشكلة التي لا يستطيع الاخرون حلها.