من جديد عاد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الحديث عن عقوبات أمريكية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، خاصة بعد إنسحاب تراب في 8 مايو الماضي، وتوقيع عقوبات ضد البنك المركزي الإيراني، وشخصيات سياسية.
وقال «ترامب»، في مؤتمر صحفي عقب مباحثات تاريخية مع زعيم كوريا الشمالية في سنغافورة، من السابق لأوانه الحديث عن عودة إيران إلى طاولة المفاوضات، كاشفا عن عقوبات شديدة جدا ستطبق على إيران مستقبلا.
تمهيد للعقوبات
نهاية الأسبوع الماضي، دعت وزارة الخزانة الأميركية حلفاء الولايات المتحدة وشركاءها والقطاع الخاص، إلى بذل جهود أكبر لضمان ألا تستغلهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لتمويل ما وصفتها بـ«الأنشطة الشائنة» الإيرانية، وفق ما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.
وقالت سيغال ماندلكر وكيلة وزارة الخزانة في خطاب: «عليكم تشديد شبكاتكم المالية، وإلزام شركاتكم بإجراء فحوص فنية إضافية حتى لا تقع في شبكة إيران الخداعية، وتوضيح المخاطر الشديدة جدا للقيام بأعمال تجارية مع شركات وأشخاص في إيران».
كما اتهمت «سيغال» رئيس البنك المركزي، ولي الله سيف، باستخدام صلاحياته ونفوذه بصفته رئيسا للبنك المركزي الإيراني للتستر على عمليات تمويل أنشطة «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» ووكلائه في الشرق الأوسط على رأسه «حزب الله».
وتطرقت ماندلكر إلى «إساءة استخدام إيران للنظام المالي الدولي»، ولفتت إلى أن إيران «تستخدم تكتيكات خادعة، بما في ذلك شركات وهمية لاستغلال الأسواق في كثير من البلدان لتمويل أنشطتها الشائنة».
وفي توضيح التكتيكات الإيرانية المخادعة قالت ماندلكر إنها قامت بـ«تزوير الوثائق، وتعتيم البيانات، وإخفاء الأنشطة غير المشروعة تحت غطاء رسمي من الكيانات الحكومية، ضمن أشياء أخرى كثيرة».
كما اتهمت المسؤولة الأميركية، رئيس البنك المركزي الإيراني ومسؤولين آخرين وفريقا من فيلق القدس بـ«استغلال القطاع المصرفي العراقي من أجل نقل الأموال بشكل سري نيابة عن قوة القدس و(حزب الله)».
وصرحت ماندلكر بأن رئيس المركزي الإيراني ولي الله سيف إلى جانب مساعد مدير الإدارة الدولية للبنك المركزي، كانا جزءا من هذا «المخطط مع فيلق القدس لإخفاء حركة ملايين الدولارات بعملات متعددة من خلال النظام المالي الدولي، بما في ذلك البنوك العراقية».
كما اتهمت الحكومة الإيرانية بالتورط في عملية غسل الأموال عبر «فيلق القدس» الذراع الخارجية للحرس الثوري لإخفاء مشترياتها لقطع غيار لشركات الطيران «التي تنقل الإرهابيين الإيرانيين إلى جبهة القتال في سوريا».
العقوبات السابقة
وحول تأثير قرار الرئيس الأمريكي، على إيران، ذكرت صحيفة «هآرتس»، أن تقديرات رفعتها الاستخبارات الإسرائيلية للمسؤولين السياسيين، تشير إلى أن الخطوة الأميركية أتت بنتائج أفضل بكثير مما كان متوقعا.
وبحسب الصحيفة: «لكن وعلى الرغم من ذلك لا يزال مبكراً القول إن استقرار النظام الإيراني في خطر»، وأضافت: «قرار ترامب المذكور ألحق بإيران وبشكل مباشر أضراراً اقتصادية كبيرة، لجهة خفض الاستثمارات والعقود التجارية».
وأضافت الصحيفة أن «الاستخبارات الإسرائيلية تعتقد أن الضغوط الاقتصادية المضاعفة، من الداخل والخارج تفاقم الخلافات الداخلية في صفوف قيادة النظام، حيث يتمحور جزء من هذه الخلافات حول موضوع المساعدات الإيرانية لمنظمات إرهابية ومليشيات تنشط في الشرق الأوسط، إذ تنفق طهران وفق بعض التقديرات، سنويا نحو مليار دولار، وتحول أموالاً أيضا لحزب الله ومليشيات تقاتل بالوكالة عن إيران إلى جانب نظام بشار الأسد في سورية، والحوثيين في اليمن ولحماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة».
ووفقا للتقديرات الإسرائيلية، فإن المعسكر المعتدل في القيادة الإيرانية «يؤيد تقليص حجم هذه المساعدات، وقد رفعت في بعض المظاهرات التي اندلعت في إيران مؤخراً، مطالب وشعارات تعارض تخصيص هذه الأموال لهذه الفصائل والمليشيات على حساب الشعب الإيراني».
وبحسب هذه التقديرات أيضاً، فإن القيادة الإيرانية قلقة من الضغوط التي تمارس عليها في الملف السوري، لتقليص وجودها العسكري خاصة في جنوب سورية، عند الحدود مع إسرائيل، وأن تحركات قاسم سليماني في الجولان وسورية، تثير معارضة داخلية في صفوف القيادة الإيرانية، تحسباً من تصعيد المواجهة العسكرية مع إسرائيل.
انسحابات
وأصدرت شركة «توتال» للنفط والغاز الفرنسية؛ بيانًا أعلنت فيه أنها ستضطر إلى الإنسحاب من مشروع جنوب فارس للتنقيب عن الغاز، نظرًا لانسحاب أمريكا من الاتفاق وعودة العقوبات الأميركية.
بدورها توقفت شركة الصلب الإيطالية «دانييلي»، عن تنفيذ عقود لصالح إيران بقيمة 1.5 مليار يورو «1.8 مليار دولار»، حيث قال أليساندرو تريويلين، الرئيس التنفيذي للشركة إنه «نظرًا لانسحاب الولايات المتحدة من اتفاق إيران، لم تعد البنوك مستعدة لتمويل مشاريع إيران بسبب المخاوف من مواجهة عقوبات ثانوية»، هذا بالرغم من أنه في عام 2016، وقعت صفقة مع إيران تبلغ قيمتها نحو 5.7 مليار دولار.
وانسحبت شركة «ساغا» النرويجية للطاقة الشمسية، عن تنفيذ عقد بقيمة 2.5 مليار يورو لمدة خمسة أعوام مع شركة الطاقة «أمين» الإيرانية كانت قد وقعته في أكتوبر 2017، من جهتها، أعلنت شركة «إيرباص» الأوروبية في ديسمبر 2016 أنها وقعت عقدًا لتسليم 100 طائرة إلى إيران، وحتى الآن تم تسليم ثلاث طائرات فقط إلى هذا البلد.
أما الشركة الإيطالية ANI التي وقعت اتفاقية لدراسة حقول النفط والغاز مع إيران في يونيو 2017 فقررت إلغاء اتفاقها مع إيران. وأخبر كلاوديو ديكالسي، مدير الشركة، مساهميه في اجتماعه السنوي أنه سحب من إيران كل استثماراته وليس لديه نية لتنفيذ مشروع جديد في إيران.
كما أعلنت شركة «مايرسك» الدنماركية، أكبر شركة شحن في العالم، يوم الخميس أنها ستوقف جميع أنشطتها التجارية مع إيران خوفا من العقوبات الأميركية، وكذلك، أعلنت « أليانز» وهي شركة خدمات مالية متعددة الجنسيات مقرها في ميونيخ، بألمانيا، يتمحور نشاطها حول تقديم خدمات التأمين، عن قرارها بمغادرة إيران بعد إعلان انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.