كان من المفترض أن تبدأ العقوبات الأمريكية على إيران، بعد 90 يومًا، عقِب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إنسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، الذي تم إبرامه في 2015 وساهم في رفع العقوبات الاقتصادية.
لكن عقِب الإنسحاب الأمريكي بنحو أسبوع، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، فرض عقوبات ضد إيران، تستهدف 4 أشخاص على علاقة بالحرس الثوري و«حزب الله»، ومن بين الأشخاص محافظ البنك المركزي الإيراني.
وأكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن «شعبه لا يخشى تهديدات الولايات المتحدة الأمريكية الفارغة، وهو أعظم شأنا بكثير من دونالد ترامب ومايك بومبیو وجون بولتون وكل المتطرفين في واشنطن»، حسب تعبيره.
وقال روحاني أمام حشد من الرياضيين مساء الثلاثاء الماضي: «الشعب الإيراني انتصر وصنع المفاخر في كل ساحات التاريخ وهنا أقول للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن هذا الشعب سينجح وينتصر في مواجهتكم».
المستفيدين
تعتزم الشركات الروسية الاستفادة من عودة العقوبات الأمريكية على طهران بتعزيز مواقعها في إيران، وذلك بعد خروج الشركات الأوروبية من هذا البلد خشية إغضاب واشنطن.
وسلط موقع «ExpertOnLine» في تقرير نشره أمس الثلاثاء الضوء على فرص الشركات الروسية والصينية الواعدة في إيران، مشيرا إلى العقود والاتفاقيات المبرمة بين هذه الشركات والشركات الإيرانية في الآونة الأخيرة.
روسيا
وتعتبر روسيا إيران شريكا تجاريا مهما، فقد تم توطيد علاقات تجارية مهمة بين موسكو وطهران خلال السنوات الماضية، حيث تقوم الشركات الروسية ببيع معدات الحفر لشركات الطاقة الإيرانية، التي لا تستطيع الوصول إلى التكنولوجيا الغربية.
كما أن شركة النفط الروسية «روس نفط» وقعت العام الماضي على «خارطة طريق» لتنفيذ مشاريع استراتيجية مشتركة في مجال النفط والغاز في إيران، بإجمالي استثمارات تصل إلى 30 مليار دولار.
ويضاف ذلك لعقد آخر وقعته شركة «زاروبيج نفط» بقيمة 700 مليون دولار لتطوير حقلين نفطيين، كانت شركتا «بي بي» البريطانية و«وينترشال» الألمانية تأملان الفوز به.
التنين الصيني
أما شركة النفط الصينية العملاقة «سينوبك» فوقعت في مايو صفقة بقيمة 3 مليارات دولار لتطوير حقل يادافاران، لتحل الشركة الصينية محل شركة «رويال داتش شل»، التي قررت عدم المجازفة والخروج من إيران لتجنب غضب واشنطن.
كذلك تأمل مؤسسة البترول الوطنية الصينية «CNPC» بالاستحواذ على حصة شريكتها «توتال» في تطوير حقل غاز «جنوب بارس»، وذلك بعد انسحابها من المشروع الشهر الجاري بسبب العقوبات الأمريكية.
كما أن الشركات الصينية تتعاون مع نظيراتها الإيرانية في مجال بناء السكك الحديدية ومترو الأنفاق ومصانع السيارات، ويأتي ذلك في وقت تعد فيه الصين أكبر شريك تجاري لإيران، حيث قام التنين الصيني بشراء نحو ثلث النفط الإيراني في 2017.
وزادت التجارة بين البلدين خلال العام الماضي بنسبة 19% إلى 37 مليار دولار، أما روسيا فقد تضاعفت تجارتها مع إيران خلال 2017 مقارنة بـ 2016 لتتجاوز ملياري دولار، بفضل صادرات القمح والمعدات الصناعية.
في دراسة حديثة صادرة عن معهد بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجيّة في تل أبيب، نشرها موقع «نون بوست» حاولت إلقاء الضوء على المخاطر التي من الممكن أن تسفر عن خطوة ترامب الأخيرة، محذرة الإدارة الأمريكية من عدم الوقوع في هذا الفخ الذي سيقوض نفوذ واشنطن في المنطقة بصورة من الصعب استعادتها في الآونة الأخيرة.
تجديد العقوبات أو إلغاء الاتفاق سيدفع طهران إلى الارتماء في أحضان التنين الصيني، خاصة حال خضوع أوروبا لإملاءات ترامب، وهنا ربما تعيد إيران تشكيل خارطة تدفق الغاز الطبيعي لديها والذي يبلغ 24.6 مليار متر مكعب، رابع أكبر احتياطي في العالم ومرجح أن يصل إلى المركز الثاني مستقبلاً.
هذه الخطوة ووفق الدراسة ستُشكّل عاملاً رئيسيًا في السعي إلى تشكيل البنية المستقبلية للطاقة الأوراسية، مما قد يدفع طهران إلى تفضيل بكين بدلاً من أوروبا في تخصيص الفائض المتوقع خلال السنوات الخمسة القادمة، مما ينعكس إيجابًا على قوة الصين الاقتصادية ومن ثم السياسية.
جزئية أخرى حذرت منها الدراسة العبرية تتعلق بتشكيل تحالف يضم الصين والهند وروسيا يهدف إلى إحكام السيطرة على الشرق الأوسط وسحب البساط من تحت أقدام الولايات المتحدة، وهو ما ينعكس على إمكانية تسليح دول المنطقة بأسلحة متقدمة في ظل ما تشهده دول هذا التحالف المتوقع من إمكانيات هائلة، بعضها قد يصل إلى مرحلة التسليح النووي خاصة إن انضمت كوريا الشمالية إلى هذا التحالف مستغلة التوتر الشديد مع واشنطن.
وتسعى الصين إلى توسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة في محاولة لإحياء دورها العالمي مرة أخرى، وربما تجد في التحالف مع إيران بما لديها من إمكانيات وموارد فرصة سانحة لتحقيق هذا الحلم مستغلة تراجع الدور الأمريكي بشكل واضح.
الدراسة كشفت النقاب عن أن الصين -وفق المعطيات السابقة- ستكون المستفيد الأكثر من وراء تأرجح الولايات المتحدة حيال ملف الاتفاق النووي الإيراني، وإن كانت تتجنب الصدام مع واشنطن إلا أن ذلك لا ينكر حقيقة تأهبها للقيام بهذا الدور الإقليمي الجديد.حراج الحليف الأوروبي.
سوق النفط
تناولت شبكة (سي إن إن) الأمريكية في تقرير لها بعنوان «من الخاسر الحقيقي جراء انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني؟» النقاط الأبرز لتداعيات الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني.
يشير التقرير إلى أن إيران تمثل رابع أكبر احتياطي من النفط الخام في العالم، عدا عن نحو خمسة احتياطيات الغاز الطبيعي، حيث زادت إيران من الإنتاج منذ توقيع الاتفاق وتخفيف العقوبات إلى حوالي 3.8 مليون برميل في اليوم، بمقدار مليون برميل نفط يوميًا بشكل إضافي على معدل عام 2015 (أي قبل التوقيع على الاتفاق).
وفي حال فرض عقوبات جديدة على صادرات النفط الإيرانية، فإنه سيؤثر على المعروض العالمي من النفط، وقد يتسبب في ارتفاع الأسعار، وقد ارتفع السعر بالفعل بنسبة 14% هذا العام إلى أعلى مستوى له في ثلاث سنوات.
ويقول (جو مكمونيجل) كبير محللي سياسات الطاقة في مركز «Hedgeye Risk Management» للأبحاث، إن «السبب الرئيسي وراء ارتفاع الأسعار هو سياسة الرئيس ترامب تجاه إيران»، وأضاف «الوضع يتعلق بكمية كبيرة من النفط معرضة للخطر، وأن أي تهديد لها ينذر بارتفاع الأسعار».