ميدل إيست آي
كتب “سيد محمد ماراندي” أستاذ الأدب الإنجليزي والاستشراق في جامعة طهران هذا المقال الذي يتسم بنبرة ساخرة لـ “ميدل إيست آي” عن شروط الولايات المتحدة الأخيرة، وترجمت إيران خانه:
مع اقتراب الذكرى الأربعين لقيام الجمهورية الإسلامية، يزداد هاجس الزعيم الأمريكي أكثر وأكثر بإيران، وتفشل كل المحاولات لإثنائه. ويسعى الثلاثي “دونالد ترامب وجون بولتون ومايك بومبيو” بلا هوادة نحو هدفهم.
شروط بومبيو الإثنا عشر:
قبل أقل من عام، في خطاب موجه لجمع من مجاهدي حركة خلق الممولة من الغرب، وهي جماعة شبه دينية كانت تحت قيادة نظام صدام حسين وسيطرته، وقف بولتون متوهمًا كما بدا وادعى أنهم سيحتفلون جميعًا معًا في طهران قبل نهاية هذا العام في الذكرى 40 للثورة.
وفي الآونة الأخيرة قام بومبيو بإعلان شروطه الـ12 على الشعب الإيراني، محذراً رجال ونساء وأطفال إيران من أن قائده لن يفرض عقوبات “مؤلمة” فحسب، بل ستكون “أقوى عقوبات في التاريخ”. وأضاف وزير الخارجية الأمريكي، الذي كان يشغل منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في السابق، أنه سوف “يسحق” عملاء إيران.
ويبقى ما إذا كان ترامب يستطيع التفوق على أشكال مختلفة من همجية باراك أوباما -مثل “عقوباته المعوقة”، وزراعة المتطرفين في سوريا، وحروب الطائرات بدون طيار، والعمليات في ليبيا ونشر الجوع في اليمن – موضع تساؤل.
فبعد كل شيء، هناك طرق قليلة لقياس الاثنين بشكل موضوعي، حيث يبدو أن إمبراطوريات الإعلام الغربي غير مدركة تمامًا أن التمويل الأمريكي للمتطرفين التكفيريين، وإثارة حرب أهلية قذرة، واحتلال الأراضي، والضربات ضد القوات المسلحة السورية كلها غير قانونية وتشكل جرائم ضد الإنسانية، وفقًا للقانون الدولي.
وبدلاً من ذلك، يبدو أن إمبراطورية الإعلام تركز أكثر على حجم يد ترامب، والدور الحاسم لروسيا في نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وتقديم تفاصيل حول ظواهر الطقس الأخيرة.
وبالتالي، لا يمكن إلقاء اللوم عليهم لفشلهم الجماعي في فهم أن الضربات الجوية الإسرائيلية على سوريا هي أيضًا غير قانونية. وبعد كل شيء، هذه ليست لبنان، حيث نجح “إرهابيو” حزب الله في طرد قوة الاحتلال الإسرائيلي من بلادهم بعد أن قتل المحاربون الأعداء ما يصل إلى 20 ألف لبناني وفلسطيني.
والأمر مفهوم. ففي النهاية، هذه المنطقة معقدة للغاية لدرجة أن وسائل الإعلام الغربية تعتقد أن الشباب الفلسطيني قد تم دفعهم في طريق الرصاص الإسرائيلي البريء بواسطة عائلاتهم وحماس والجهاد الإسلامي. إنهم يفترضون أن الشعب الفلسطيني، مثل السود في جنوب أفريقيا في مذبحة شاربفيل خلال الفصل العنصري، لا يفهم قيمة الحياة. “الإسرائيليون يلحقون الأذى بغزة: وآمل أن يكون لكل رصاصة يطلقونه ما يبررها” كما جاء في عنوان “نيويورك تايمز”.
ربما، إذا أخذ الفلسطينيون أطفالهم إلى ديزني لاند، بدلاً من بقائهم في معسكرات اعتقال غزة القاتمة، فإنهم سيكتسبون فِهم العالم المتحضر إلى جانب قيمه العائلية. ربما، لو لم تكن عهد التميمي مدللةً وغير عقلانية وشرقية، لما كانت قد بالغت في رد فعلها تجاه قتل الأصدقاء والأقارب من قبل المستعمرين الأوروبيين.
وتلك المرأة، لمجرد أن ابنها محمد، البالغ من العمر 15 عاماً، قد أصيب برصاصة في رأسه من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، لم يكن لها الحق في صفع جندي احتلال يحترم القانون. في الواقع، يجب عليها أن تعتبر نفسها محظوظة بأنها ليست ذات شعر أسود أو بشرة داكنة أو ترتدي حجابًا، وإلا لما حصلت على أي من التعاطف الفاتر غير المستحق من بعض “المراسلين الجريئين” في وسائل الإعلام الخاصة بالشركات.
وبالعودة إلى شروط بومبيو، وخاصة السابع منها الذي يقول: “يجب على إيران احترام سيادة الحكومة العراقية”. وكما نعرف، لا أحد مؤهل أكثر من الأمريكان لإصدار الأحكام على القضايا المرتبطة بالسيادة العراقية.
فبعد كل شيء، هم لم يتدخلوا عندما قام صدام حسين بتدمير عشرات الآلاف من شعبه بالأسلحة الكيماوية التي منحوه إياها. وبعد “تحرير” العراق، بمباركة الشعب العراقي والقانون الدولي، أخذوا أفضل أرض في بغداد وبنوا مدينة جديدة رائعة اسمها السفارة الأمريكية.
وقد عززوا القضاء العراقي عن طريق إنشاء سجون مثل سجن أبو غريب، حيث أقاموا دورات تعليمية حول الجنس الأول في العالم للأطفال بصحبة آبائهم. وللأسف، فُقِدت معظم اللقطات والصور الفوتوغرافية، التي تشبه إلى حد كبير تجارب رئيسة CIA الجديدة في سجن في تايلاند.
وبطريقة صارمة لا تعتمد على التدخل، اتبع الأميركيون أيضًا سياسة تدريجية بـ “لا تسأل”، لا تقل كلمة عندما يتعلق الأمر بالقاعدة التي تمولها السعودية في العراق، والتي تطورت فيما بعد إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وفي النهاية، كان هذا شأنًا عائليًا: حيث يتشارك تنظيم داعش وتنظيم القاعدة وحركة طالبان وبوكو حرام والمملكة العربية السعودية في نفس الكتب الدينية والقيم الإيديولوجية السامية.
ومع ذلك، من الواضح أن الإيرانيين الأشرار سيتجاهلون الشروط الإثني عشر. ولا شك في أن نظام الفصل العنصري في فلسطين وحلفائهم المعتدلين محبي الديمقراطية في المملكة العربية السعودية سيكونون سعداء، على الرغم من أن العالم سوف ينظر إليهم بقسوة، كمشجعين متهورون ومتعطشين لعدم الاستقرار الإقليمي والعالمي.
وفي حين أن هناك دائمًا موجة أمل في الإمبراطورية والناطقين فيها باللغة الفارسية عندما يرون أضعف إضطراب في إيران، يبدو من الواضح تمامًا أن الإيرانيين العاديين، الذين يسعى ترامب إلى خنقهم بمحبة بيده الصغيرة، سيظلون قطعًا غير شاكرين لسلطوية ترامب.
وبدلاً من التشكيك في إنسانية تهديدات البيت الأبيض والقلق بشأن مصير الرجال الأبرياء والنساء والأطفال الذين يتم استهدافهم، يبدو أن المحللين الغربيين “المستنيرين” يهتمون أكثر بمن “سيستفيد” من سياسات الولايات المتحدة المؤذية في إيران.
وعندما يتعلق الأمر بالدفاع عن السيادة والكرامة -باستثناء مجموعة صغيرة من المدافعين الغربيين- فكلنا متشددين بصورة أكبر أو أصغر.
لقد فشل النظام في واشنطن بالفعل.