عقِب قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 8 مايو الجاري، الإنسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، المبرم بين إيران ومجموعة (5 + 1) قررت عددًا من الشركات الأوروبية الإنسحاب من السوق الإيراني، خوفًا من العقوبات الأمريكية.
ورجحت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، في مؤتمر صحفي مشترك بعد محادثات مع رئيس مجلس الدولة في الصين لي كه تشيانغ، أن العقوبات الأمريكية على طهران، من المحتمل أن تقود إلى أن بعضا من الشركات ستضطر لمغادرة إيران.
وحول ما إذا كان بمقدور الشركات الصينية أن تملأ الفراغ الذي ستخلفه الشركات الأوروبية في حال انسحابها من إيران، قالت «هذا القرار يخص الجانب الصيني، وفي الوقت نفسه، أكدت ميركل أن ألمانيا ستواصل احترام الاتفاق النووي الإيراني».
انسحاب الشركات
وأصدرت شركة «توتال» للنفط والغاز الفرنسية؛ بيانًا أعلنت فيه أنها ستضطر إلى الإنسحاب من مشروع جنوب فارس للتنقيب عن الغاز، نظرًا لانسحاب أمريكا من الاتفاق وعودة العقوبات الأميركية.
بدورها توقفت شركة الصلب الإيطالية «دانييلي»، عن تنفيذ عقود لصالح إيران بقيمة 1.5 مليار يورو «1.8 مليار دولار»، حيث قال أليساندرو تريويلين، الرئيس التنفيذي للشركة إنه «نظرًا لانسحاب الولايات المتحدة من اتفاق إيران، لم تعد البنوك مستعدة لتمويل مشاريع إيران بسبب المخاوف من مواجهة عقوبات ثانوية»، هذا بالرغم من أنه في عام 2016، وقعت صفقة مع إيران تبلغ قيمتها نحو 5.7 مليار دولار.
وانسحبت شركة «ساغا» النرويجية للطاقة الشمسية، عن تنفيذ عقد بقيمة 2.5 مليار يورو لمدة خمسة أعوام مع شركة الطاقة «أمين» الإيرانية كانت قد وقعته في أكتوبر 2017، من جهتها، أعلنت شركة «إيرباص» الأوروبية في ديسمبر 2016 أنها وقعت عقدًا لتسليم 100 طائرة إلى إيران، وحتى الآن تم تسليم ثلاث طائرات فقط إلى هذا البلد.
أما الشركة الإيطالية ANI التي وقعت اتفاقية لدراسة حقول النفط والغاز مع إيران في يونيو 2017 فقررت إلغاء اتفاقها مع إيران. وأخبر كلاوديو ديكالسي، مدير الشركة، مساهميه في اجتماعه السنوي أنه سحب من إيران كل استثماراته وليس لديه نية لتنفيذ مشروع جديد في إيران.
كما أعلنت شركة «» الدنماركية، أكبر شركة شحن في العالم، يوم الخميس أنها ستوقف جميع أنشطتها التجارية مع إيران خوفا من العقوبات الأميركية، وكذلك، أعلنت « أليانز» وهي شركة خدمات مالية متعددة الجنسيات مقرها في ميونيخ، بألمانيا، يتمحور نشاطها حول تقديم خدمات التأمين، عن قرارها بمغادرة إيران بعد إعلان انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.
الخسائر
منذ توقيع الاتفاق النووي الإيراني سعت الشركات الأوروبية المتعطشة للأسواق الخارجية، خاصة أسواق الشرق الأوسط الغنية بالنفط والغاز، إلى عقد صفقات تجارية وتوقيع عقود طاقة وطيران وتمويل مصرفي مع إيران تفوق 60 مليار دولار.
على صعيد التمويل الخارجي لمشاريع مشتركة بين شركات عالمية ومحلية وتمويلات تجارية في إيران، من المعتقد أن تخسر إيران تمويلات تفوق 30 مليار دولار، بعد قرار الانسحاب، ومن بين الصفقات التي ستخسرها صفقات تمويل من بنوك في إيطاليا والنمسا تخص صفقات كانت في طور التوقيع لشركات أوروبية في إيران.
وتقدر قيمة هذه التمويلات بنحو 30 مليار دولار، وكانت طهران قد أعلنت عن هذه العقود في أغسطس الماضي، ووقعت إيران في العام الماضي أكبر صفقة ائتمانية لها في السنوات الأخيرة مع بنك «اكسيمبانك» في كوريا الجنوبية، وتهدف الصفقة إلى تقديم قروض تصل إلى 8 مليارات يورو لتمويل مشاريع مختلفة من قبل شركات كورية جنوبية في إيران.
يذكر أن الحكومة الإيرانية وقعت خلال زيارة الرئيس حسن روحاني إلى روما خلال العام الماضي اتفاقيات مع شركات إيطالية في مجال الطاقة والبنى التحتية تقدر قيمتها بـ17 مليار دولار.
ومن المتوقع أن تكون كل هذه الصفقات معرضة للإلغاء في أعقاب توقيع انسحاب أميركا من الاتفاق النووي الإيراني، وإعلان ترامب العودة إلى الحظر خلال 180 يوماً من الانسحاب.
ومن بين كبار الخاسرين، من الانسحاب من الاتفاق النووي، شركات صناعة الطيران في أوروبا وأميركا، وعلى رأسها كل من شركة «إيرباص»، وشركة بوينغ الأميركية.
وطلبت شركة طيران «إيران إير» 100 طائرة من إيرباص و80 طائرة من شركة بوينغ الأميركية و20 محركاً توربينياً من شركة «أيه.تي.أر»، وكانت إيران تأمل في تمويل هذه الصفقات عبر مصارف أوروبية.
وفي فرنسا، وقعت شركة رينو الفرنسية للسيارات شراكة مع إيران لاستثمار 660 مليون يورو في السوق الإيراني. وكانت رينو قد اختارت مصنعًا موجودًا بالفعل في مدينة سافيه، على بعد نحو 120 كلم جنوب غرب العاصمة الإيرانية طهران، ليكون مقراً للمشروع المشترك، وذلك بعد تطويره وتحديثه.
وبحسب عقد الشراكة الذي أعلنت عنه طهران وقتها، تستحوذ رينو على 60% من حصص الشركة الجديدة، بينما تمتلك «هيئة التحديث والتنمية الصناعية»، وهي هيئة حكومية إيرانية، 20% وشركة بارتو نيجين ناسيه وهي شركة إيرانية خاصة الـ20% المتبقية.
ويستهدف المشروع إنتاج 150 ألف سيارة سنوياً، على أن يرتفع الإنتاج لاحقًا إلى 300 ألف سيارة.