على خلفية الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، ارتفعت أسعار النفط أكثر من 2%، ليسجل برنت أعلى مستوياته في ثلاث سنوات ونصف بعد إعلان دونالد ترامب عن عقوبات اقتصادية ضد إيران.
ولامست العقود الآجلة لخام برنت في وقت ما أعلى مستوياتها منذ نوفمبر 2014 عند 76.75 دولار للبرميل، وبلغ السعر 76.52 دولار للبرميل، مرتفعا 1.67 دولار بما يعادل 2.2 % عن الإغلاق السابق.
وقالت وكالة «رويترز» للأنباء، إن أسعار النفط سجلت 80 دولارا للبرميل، للمرة الأولى منذ نوفمبر 2014 بفعل المخاوف من أن تتراجع الصادرات الإيرانية ليتقلص المعروض في سوق شحيحة بالفعل.
خسائر شركات النفط
قال إيجور سيتشن، الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، اليوم الجمعة، إن قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران قد يلحق الضرر بـ5% من إنتاج النفط العالمي.
ويرى الكثير من المحللين وخبراء الطاقة أن العقوبات الأمريكية على إيران هي سبب رئيسي لارتفاع أسعار برميل النفط، التي رغم أنها قد تضغط على الإنتاج الإيراني، إلا أن أوروبا وآسيا خاصة الصين، ستظل تتعامل مع إيران.
وربما تعوض الصين تراجع وارداتها من أنغولا بزيادة كميات النفط الإيراني إليها، كما أن الجمهورية الإيرانية ستجد هذه المرة منفذا في تركيا وقطر يسهل عليها الالتفاف على العقوبات الأميركية، فيما يتعلق بصادرات الطاقة عائداتها.
وتنتج فنزويلا حاليا نحو 1.4 مليون برميل يوميا من النفط (أي أقل بنحو 550 ألف برميل يوميا من حصتها المقررة)، ويساوي التراجع في إنتاج فنزويلا نتيجة العقوبات الأميركية والمشاكل الاقتصادية، التي تواجهها البلاد حصة السعودية من خفض الإنتاج ضمن اتفاق أوبك.
وتزامن الاستمرار في انخفاض إنتاج فنزويلا مع تراجع إنتاج أنغولا المستمر منذ نهاية العام الماضي تقريبا، إذ تراجع ما تشحنه أنغولا من النفط إلى آسيا (وتحديدا الصين أكر مستورد منها) بما يقارب 3 بالمئة في الربع الأول من العام.
مخاوف
وأكد وزير الطاقة السعودي التزام المملكة العربية السعودية باستقرار سوق النفط بعد الإنسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، وأشار أن السعودية ملتزمة بدعم استقرار سوق النفط للمنتجين والمستوردين على حد سواء.
وكانت مصادر في أوبك وقطاع النفط أبلغت «رويترز» أن منظمة البلدان المصدرة للبترول قد تقرر زيادة إنتاج النفط لتعويض تراجع المعروض من إيران وفنزويلا، وسط مخاوف واشنطن إزاء موجة صعود في أسعار الخام.
وانخفضت أسعار النفط اليوم الجمعة مع تلميح روسيا إلى أنها قد تزيد إنتاجها تدريجيا، بعدما ظلت تفرض قيودا على الإمدادات بالتنسيق مع منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» منذ عام 2017.
من جانبه، قال كيريل ديمترييف، رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي اليوم الجمعة، إن بلاده قد تتحرك مع السعودية من أجل الحيلولة دون المزيد من الارتفاع في أسعار النفط.
وأضاف ديمترييف: «استفادت روسيا حقا من هذا الاتفاق مع السعودية وقد تلقت موازنتنا دخلا إضافيا من الاتفاق بلغ ثلاثة تريليونات روبل، أي ما يعادل 48.7 مليار دولار».
كيف ستتأثر إيران؟
من المفترض أن تبدأ العقوبات الأمريكية ضد إيران بعد 90 يومًا، حيث تستطيع الشركات الاستمرار بتحميل النفط الإيراني، لكن، يطلب منها خلال هذه الفترة خفض مشترياتها من النفط الإيراني، وإلغاء بعض العقود المستقبلية مع طهران.
بالطبع سيعني خفض الصادرات الإيرانية خلال هذه المرحلة الأولية ما بين 500 ألف برميل يوميًا و700 ألف، وستبدأ العقوبات الشاملة على الصادرات في نوفمبر المقبل، إضافة إلى مقاطعة شاملة من قبل الشركات العالمية لتطوير الحقول.
وفي تحليل لـ«الحياة» اللندنية، قالت إنه لا يتوقع أن تشارك الصين في المقاطعة هذه المرة، كما كان الأمر خلال المقاطعة السابقة، خصوصًا لاحتمال نشوب حرب تجارية بينها وبين الولايات المتحدة أشعلها الرئيس ترامب أخيراً.
وأضافت: «هناك احتمال أيضاً أن لا تشارك الهند بدورها في المقاطعة. ويذكر أن هاتين الدولتين الأسيويتين تستوردان أكثر من مليون برميل يومياً من النفط الإيراني، في حين يبلغ مجمل استيراد اليابان وكوريا الجنوبية نحو 20 في المئة من الصادرات النفطية الإيرانية».
وتستورد الدول الأوروبية نحو 330 ألف برميل يوميًا، وتستطيع هذه الدول الحصول على الإمدادات النفطية من الدول الخليجية ذات طاقات إنتاجية فائضة، تعوض النقص في الإمدادات الإيرانية، ومن ثم المحافظة على استقرار ميزان العرض والطلب العالمي.
تكمن أهمية الدول الأوروبية في المقاطعة بما توفره في مجالي الشحن البحري والتأمين، وكي تؤثر المقاطعة على الاقتصاد الإيراني، يتوجب وقف تصدير نحو مليون برميل يوميًا، وتستطيع إدارة ترامب حجب هذا الحجم من الصادرات من خلال النظام المالي والتأمين.
كما أن استخدام الولايات المتحدة نفوذها في معاقبة الشركات التي تخالف العقوبات التي فرضتها، برهن على نجاحه في التجارب السابقة، فالتعامل في تجارة وصناعة النفط يتم بالدولار، ويتوجب التعامل مع المعاملات الدولارية من خلال نيويورك.