فوكس نيوز
يقول مقتدى الصدر رجل الدين الشيعي المستقل الذي انتصر ائتلافه السياسي على مرشحي إيران المفضلين، حيث جاء في المقدمة في الانتخابات الوطنية، أنه يريد تشكيل حكومة تضع العراقيين أولًا.
وأعلنت اللجنة الانتخابية فى وقت مبكر من يوم السبت أن الداعية المحارب الذى تحول إلى الشعبوية، والذى ندد منذ فترة طويلة بالنفوذ الإيراني والأمريكي فى العراق، قد هزم منافسيه.
الصدر-الذي يُعرف بأنه قاد التمرد ضد القوات الأمريكية بعد غزو 2003- لم يرشح نفسه للحصول على مقعد ومن غير المحتمل أن يصبح رئيسًا للوزراء، ولكنه سيهيمن على عدد كبير من المقاعد وقد بدأ بالفعل محادثات غير رسمية حول تشكيل الحكومة.
وقال صلاح العبيدي، المتحدث باسم تحالف مقتدى الصدر “سائرون”، لوكالة أسوسيتد برس أن سيادة العراق ستكون “المبدأ التوجيهي” للحكومة الجديدة. وقال أيضًا: “نحذر أي دولة أخرى ترغب في التدخل في السياسة العراقية من المساس بالشعب العراقي”.
ومع ذلك، فحتى مع تمكن الصدر من ترشيح رئيس وزراء ووضع الأجندة السياسية للأعوام الأربعة القادمة، إلا إنه سيجد أن خياراته ستقوض بواسطة إيران. فالسلطة الشيعية الإيرانية تجد من يتماشون معها من السياسيين الأقوياء في العراق، وهي تحاول حشدهم ككتلة لتقويض الصدر. فصعوده يهدد مطالبات إيران بالتحدث باسم الأغلبية الشيعية في العراق، وهي سابقة يمكن أن تدعم الحركات الشيعية المستقلة في أماكن أخرى. وما على المحك أيضًا هو أعلى المناصب الوزارية -التعيينات السياسية التي هي مصدر للرعاية والشرطة والقوة العسكرية.
وقد حافظ الصدر نفسه على نفسه بعيدًا عن الإعلام نسبيًا، لكنه ظهر يوم الخميس مع رجل الدين المنافس عمار الحكيم، الذي ابتعد عن إيران في السنوات الأخيرة، ليقول أن الرجلين يتقاسمان رؤى مماثلة للحكومة المقبلة، في حركة تبدو وكأنها موجهة ضد إيران. وقد أرسلت طهران قائدها العسكري الإقليمي الأعلى، الجنرال قاسم سليماني، من أجل تشكيل ائتلاف للموازنة أمام الصدر، بحسب قائد ميليشيا شيعية عراقية على دراية بالاجتماعات. ولن تقبل إيران بتشكيل كتلة شيعية تهدد مصالحها. وقال القائد الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المناقشات: “هذا خط أحمر”.
وعلاقة الصدر مع إيران معقدة، فعلى الرغم من أنه حافظ على علاقات وثيقة له مع القيادة السياسية والدينية الإيرانية، إلا أنه قد تصدى في السنوات الأخيرة لتدفق الذخائر الإيرانية إلى الميليشيات الشيعية في العراق، مع الحفاظ في الوقت نفسه على ما يسمى بكتائب السلام الخاصة به في مدينة سامراء شمالي بغداد.
وقد اشتبكت مليشيا جيش المهدي التابعة فيما سبق للصدر، والتي كانت على رأس التمرد ضد الولايات المتحدة، بعنف مع منظمة بدر المدعومة من إيران في العقد الماضي. وقامت المليشيات بسد الثغرات التي خلفها الجيش العراقي عندما تخلى الجنود عن مواقعهم في مواجهة حملة تابعة لجماعة الدولة الإسلامية في صيف عام 2014. وفي السنوات التالية، وصدت الميليشيات -بالتنسيق مع القوات البرية العراقية المدعومة من الولايات المتحدة- مقاتلي داعش. وأعلن العراق النصر على الجماعة في العام الماضي. وقال الصدر أنه يريد أن تندمج الميليشيات مع قوات الأمن الوطني، وهي خطوة قد لا تتقبلها إيران بسهولة.
كما ثار غضب إيران بانفتاح الصدر الأخير مع السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللاتي تخوضا حروبًا بالوكالة ضد طهران في سوريا واليمن. فقد التقى الصدر مع أمراء المملكة العربية السعودية وأبو ظبي في أغسطس، مما دفع صحيفة كيهان الإيرانية المتشددة إلى اتهام الصدر “ببيع نفسه” إلى آل سعود.
ومن غير المحتمل أن يتمكن الصدر من تشكيل ائتلاف حاكم من دون وجود جماعات سياسية متحالفة مع إيران، والتي لديها أصوات كافية لتشكيل تحالفها الخاص الذي يمكن أن يتحدى حق الصدر في تعيين رئيس وزراء.
وقد فاز تحالف انتخابي من الميليشيات المسماة “فتح” برئاسة هادي العامري قائد تنظيم بدر، بسبعة مقاعد أقل من جبهة الصدر فقط. فقد حصل “سائرون” على 54 مقعدًا في الجمعية الوطنية العراقية المكونة من 329 مقعدًا، في حين أن عدد 165 مقعدًا هو المطلوب للمطالبة بأغلبية.
وتسيطر الميليشيات على وزارة الداخلية القوية في الحكومة المنتهية ولايتها، وتتوقع أن يكون لها نفس النفوذ في الجديدة.
ويبدو أن الصدر يميل إلى إقناع رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، الذي ينظر إليه على أنه وسطي عندما يتعلق الأمر بالمصالح الإيرانية والأمريكية، والذي يبدو متحيرًا بين الصدر والعامري. لكن طهران لا تزال تملك نفوذًا كبيرًا مع جبهة النصر التي يقودها “العبادي”، والتي تضم عدة شخصيات متحالفة مع إيران.
وقال دبلوماسي غربي كان يتحدث إلى الجهات المعنية: الحلفاء السياسيين الإيرانيين في العراق سيحاولون الضغط على تلك الشخصيات من أجل التخلي عن العبادي، وتدمير تحالف الصدر إذا لم يَرُق التشكيل لطهران. وتحدث الدبلوماسي بشرط عدم الكشف عن هويته. وهذا يعطي إيران -والعبادي- قدرة للتأثير على الصدر لتهدئة مواقفه ضد الميليشيات وإيران.
ويقول كيرك سويل، ناشر في صحيفة “من داخل العراق” السياسية، أن أدائه الأول في صندوق الاقتراع يعني أن رئيس الوزراء المقبل سيتعين عليه إدخال قانون الخدمة المدنية الذي دافع عنه الصدر باعتباره حلًا للفساد المستشري في العراق. لكن هذا لا يعني أن مجلس الوزراء أو البرلمان سيوقع عليه. وأكمل سويل: “لن تكون هناك أغلبية تؤدي عملها. ستكون هناك حكومة ائتلافات مختلطة، ولن تكون أكثر استقرارًا من الأخيرة”.