حلّ تحالف «سائرون» الذي يجمع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر والحزب الشيوعي وبعض أحزاب التكنوقراط على أساس مكافحة الفساد، في المرتبة الأولى بـ54 مقعدا.
ووفقاً للنتائج النهائية التي أُعلنت اليوم، فإن كتلة «الفتح»، بقيادة هادي العامري، قائد فصائل الحشد الشعبي المدعوم من إيران، جاءت بالمركز الثاني بحصولها على 47 مقعدا.
وحصلت كتلة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي «تحالف النصر» على 42 مقعدًا، وكان «العبادي» يأمل في ولاية ثانية، بعد قيادة الكفاح ضد مقاتلي تنظيم «داعش».
وهذه أول انتخابات يشهدها العراق منذ إعلان هزيمة تنظيم «داعش» في ديسمبر الماضي، ومازال هناك نحو 5000 عسكري أمريكي بالعراق لدعم قواته التي قاتلت التنظيم.
تحركات الصدر
وتضم قائمة «سائرون» حزب الاستقامة الذي يقوده مقتدى الصدر بالإضافة إلى ستة تكتلات غالبيتها علمانية، أبرزهم الحزب الشيوعي العراقي.
ولن يتولى الصدر رئاسة الحكومة لأنه لم يترشح، ومن المرجح أن يلعب دورا في تشكيل الحكومة، ويعد الصدر خصما لأمريكا وإيران على السواء.
وبحسب بيان صادر عن مكتب «الصدر»، استقبل الزعيم الشيعي، بمقر إقامته في مدينة النجف سفراء تركيا والأردن والسعودية وسوريا والكويت.
وخلال اللقاء الذي عقد بمناسبة حلول شهر رمضان، قال إن علاقات العراق مع دول الجوار «ترتكز على قاعدة أساسية، أننا أصدقاء لا أعداء».
ويحتاج الصدر لثلاثة أحزاب ليتمكن من تشكيل الحكومة، في الوقت الذي تأملتا بريطانيا وأمريكا فوز العبادي، مع أن الصدر قال ذات مرة إنه سيسانده.
ووصلت نسبة المشاركة بالانتخابات البرلمانية 44.5 % من الناخبين المسجلين بحسب لجنة الانتخابات، وهو ما يقل كثيرًا عن الانتخابات السابقة.
هادي العامري
أثبتت تصريحات علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي للشؤون الدولية، خلال زيارته بغداد في 17 فبراير، أن إيران لن تترك الانتخابات العراقية دون محاولات الهيمنة عليها.
واعتمدت الاستراتيجية الإيرانية على محاصرة، حيدر العبادي انتخابيًا، في ظلّ توجهاته ذات الميول الأمريكية، بطريقة متعاكسة تمامًا مع نهج نوري المالكي، الذي رهن العراق كاملًا لإيران.
وبالفعل أبرزت الجمهورية الإيرانية رجلها القوي في العراق هادي العامري، قائد الحشد الشعبي، على رأس كتلة انتخابية، ليكون الأقوى لتنفيذ مصالح إيران، وضبط إيقاع العبادي الأعوام القادمة.
ماذا يحدث الآن؟
صحيفة «التايمز» نشرت تقريرًا لمراسلها لشؤون الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر، يقول فيه إن لعبة تشكيل الحكومة في العراق باتت بعد الجولة الانتخابية الأخيرة، سباقا بين أمريكا وإيران.
ويشير التقرير، إلى أن قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، زار العاصمة العراقية بغداد؛ في محاولة منه لتجميع تحالف، عقب فوز الزعيم الشيعي المعارض لإيران مقتدى الصدر في الانتخابات.
ويورد الكاتب أن الصحافة العراقية ذكرت أن «سليماني»، تحدث مع الكتلة التي جاءت في المرتبة الثانية بزعامة، هادي العامري، الذي قاد ائتلافًا لمحاولة إنقاذ التأثير الإيراني في العراق.
وتفيد الصحيفة بأن المبعوث الأمريكي الخاص للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة بريت ماكغيرك، وصل إلى كوردستان؛ لإجراء محادثات مع القادة الكورد.
ويجد التقرير أن ظهور المسؤولين الإيراني والأمريكي في العراق يؤكد الرهانات التي تعول عليها أمريكا وإيران لتشكيل حكومة يمكنهما التعامل معها كل على حدة.
صعوبات
جيرمي بوين، محرر شؤون الشرق الأوسط في «بي بي سي عربي»، قال سيواجه من يفوز في الانتخابات ويصبح رئيسًا للوزراء صعوبات جمة، ليس فقط لإعادة إعمار العراق، بل المحافظة على توحيد البلاد واتخاذ خطوات لمنع عودة العراق إلى حرب أهلية، وليحدث هذا الأمر، يجب أن تنجح الحكومة الجديدة في جذب ثقة جميع العراقيين.
وأضاف «بوين» في مقال نشره «بي بي سي عربي»: «يعتقد معظم الناس أن منافس (عبادي) الأكثر جدية لرئاسة الوزراء هو (هادي العامري) الذي يرأس قائمة الفتح التي أصبحت المرجع السياسي لمقاتلي الحشد الشيعي ومؤيديهم، ويعتقد المنضوون تحتها أن الشعب العراقي سيظهر امتنانه لتضحيات الحشد في الحرب ضد تنظيم الدولة».