خلال الحرب العراقية الإيرانية، أسس الحرس الثوري الإيراني «فيلق القدس»، وضم تشكيلات عسكرية ترتبط مهامه بالعمليات العسكرية والاستخباراتية الخارجية خارج الحدود الإيرانية.
في 1980 قال «الخميني» قائد الثورة الدينية الشعبية، التي أسقطت شاه إيران محمد رضا شاه بهلوي عام 1979، عن «فيلق القدس»: «الوصول من القدس يبدأ بكربلاء العراقية».
حاولت قوات فيلق القدس البحث عن طريق فلسطين، عبر لبنان وسوريا واليمن والبحرين والعراق، وأشاد القادة الإيرانيين بسقوط هذه الدول في قبضتها، لكنها لم تصل إلى القدس حتى الآن.
وفي تصريحات له نهاية 2015، تفاخرَ النائب عن مدينة طهران علي رضا زاكاني في البرلمان الايراني بأن بلاده تسيطر الآن على أربع عواصم عربية هي: صنعاء وبيروت ودمشق وبغداد.
الخميني والقضية الفلسطينية
تعود علاقة النظام الإيراني مع القضية الفلسطينية إلى منتصف السبعينات، كما يشير هاشمي رفسنجاني في مذكراته «حياتي»، الذي التقى ياسر عرفات بمساعدة من موسى الصدر في بيروت للاستفادة من التجربة الفلسطينية في المقاومة والحشد.
وفتح الفلسطينيون دورات تدريبية للإيرانيين حينها، وما إن تمكن «الخميني» من إسقاط نظام الشاه في 1979، حتى كانت طائرة ياسر عرفات أولى الطائرات التي تحط في طهران، متفاخراً بتدريب عشرات الآلاف من «الحرس الثوري».
وتسلم رئيس السلطة الفلسطينية، ياسر عرفات من إيران مقر سفارة «إسرائيل» التي كان نظام «الشاه» يعترف بها وقتها، واستبدل «الخميني» ذلك الاعتراف باعترافها بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني.
وسرعان ما تبدلت المواقف مع بدء الحرب العراقية-الإيرانية، حيث وقفت المنظمة على الحياد، وهو ما أثار الخميني، فقام بإغلاق مقر المنظمة في «الأهواز» ومنع لقاء القيادات الفلسطينية هناك، وعانت العلاقة من ركود لم يزل حتى اليوم.
متى يذهب فيلق القدس لفلسطين؟
التصريحات الإيرانية حول فلسطين والقدس لم تنتهي منذ قيام نظام الثورة الإسلامية، بعد سقوط نظام الشاه، لكنها أثبتت حتى الآن أنها تخدم الأهداف الإيرانية فقط، وهو ما ظهر جليًا في التدخلات الإيرانية بالدول العربية.
وعلى الرغم من وجود سبب قوي لتواجد «فيلق القدس» داخل فلسطين يتمثل في القرار الأمريكي بنقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة، إلى أن تعليق الحرس الثوري جاء ليس على قدر المستوى ومكرر.
وأعلن الحرس الثوري، في بيان صدر أمس الاثنين، أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس «سيسرع زوال إسرائيل، وسيكون كابوسا للإسرائيليين لن ينجوا منه إلا عبر الحياة في الملاجئ»، وذلك وفقاً لوكالة أنباء فارس الإيرانية.
وتعهد البيان الحرس الثوري بزيادة الدعم للشعب الفلسطيني، مؤكداً أن خطوة نقل السفارة لن توفر الأمن لـ«إسرائيل»، بل ستكون بداية لموجة جديدة من مواجهة السياسات الأمريكية وداعميها في المنطقة، وبداية لاندلاع أزمات جديدة.
واستنكر الحرس الثوري قتل «إسرائيل» للعشرات من الفلسطينيين في قطاع غزة وإصابة المئات في مسيرات العودة، متعهداً بزيادة الدعم «للشعب الفلسطيني ومقاتليه ومجاهدي انتفاضة القدس من الآن وصاعدا».
مواجهه خاسرة
في الايام القليلة الماضية، وبعد قرار الرئيس الأمريكي الإنسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، حدث أول هجوم إيراني على مرتفعات الجولان التي تحتلها «إسرائيل».
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن قوات إيرانية قصفت صواريخ على مواقعه في مرتفعات الجولان السورية المحتلة، وأضاف أن الحرس الثوري الإيراني أطلق 20 صاروخا.
وبعد ساعات رد جيش الاحتلال الإسرائيلي بضربات أعنف، وقال وزير الحرب، أفيجدور ليبرمان، إن «إسرائيل» ضربت كل البنية التحتية الإيرانية في الأراضي السورية.
واعتبرت «إسرائيل» أن فيلق القدس الذراع المسؤولة عن العمليات الخارجية للحرس الثوري هو الذي أطلق الصواريخ، وأن قاسم سليماني هو من أمر بتنفيذ الهجوم.
وحسب مصادر سورية، فإن الرد الإسرائيلي على صواريخ إيران تمثل بعشرات الضربات الصاروخية التي أصابت موقع رادار ومواقع دفاع جوي سورية ومستودعا للذخيرة.
مواجهات غزة
شهدت منطقة قطاع غزة احتجاجات منذ نهاية مارس الماضي، مع إحياء الفلسطينيين لـ«يوم الأرض» وإطلاق ما عرف بـ«مسيرات العودة»، قتل فيها المئات من المحتجين وأصيب الآلاف.
وارتفعت حصيلة الاشتباكات، التي اندلعت بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة أمس إلى 55 قتيلا، وأكثر من 2700 مصاب، بحسب بيان من وزارة الصحة الفلسطينية.
وحمل مدير سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أيه) الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسؤولية مجزرة الاحتلال بحق غزة.
وقال جون برينان -الذي ترأس «سي آي أيه» خلال الفترة بين مارس 2013 ويناير 2017- إن «حالات القتل بقطاع غزة نتيجة تجاهل ترامب ونتنياهو التام لحقوق الفلسطنيين وطنهم».