تواجه -ما تسمى- بشرطة الأخلاق في إيران موجة انتقادات واسعة بعد انتشار مقطع فيديو، تظهر فيه بعض الشرطيات وهن يضربن امرأة شابة بعنف بعد جدل حول وشاح رأسها، مما أثار الغضب العام.
وقد استنكر المسؤولون الحكوميون والمشرعون في إيران سلوك الشرطيات اللاتي ظهرون في المقطع، الذي تناولته كل وسائل التواصل الاجتماعية منذ وقت مبكر من يوم الخميس، وقد تمت مشاهدته ملايين المرات.
وفي الفيديو، الذي يُعتقد أنه تم تسجيله على هاتف محمول، يمكن رؤية امرأة شابة وصديقاتها يتجادلن مع بعض الشرطيين من الذكور والإناث في حديقة، بشأن حجاب المرأة على ما يبدو.
وتُرى الشابة بعد ذلك وهي محاطة باثنتين من الشرطة، يأمرنها بالبقاء في الزاوية، بعدما قامت بانتقاد تصرفهن دون خوف. وتصاعد الموقف حين تبادلن معها الشتائم. ويُسمع في الفيديو إحدى الشرطيات وهي تدعو الفتاة بـ “حيوانة”، بينما الأخرى ترد بوصفها بكلمات قريبة من “جاهلة” و “قليلة الحياء”. بعدها تقوم شرطية بمهاجمة الفتاة وضربها بغضب. بعدها تُسمع صرخات عالية بينما تحاول صديقات الفتاة التدخل وحمايتها.
تحقيق شامل
بعد وقت قصير من انتشار الفيديو، أمر عبد الرضا رحماني فضلي، وزير الداخلية، بإجراء “تحقيق شامل” في ما أشار إليه في تصريح رسمي بأنه “صدام غير مألوف لضابط من الشرطة الأخلاقية”. وقال البيان أن الحادث وقع بعد أن استخدمت الشابة “الألفاظ النابية” ضد شرطيات كن يحاولن حثها على الالتزام بالقانون.
وانتقدت معصومة ابتكار، نائبة رئيس شؤون المرأة، الشرطة في تغريدة، قائلة أنها “أدانت” السلوك العنيف “الذي لا يستحقه أي إنسان”.
ويُلزم القانون الإيراني النساء بتغطية شعرهن بالكامل وارتداء الملابس الفضفاضة لإخفاء معظم أجسادهن. وعلى أرض الواقع، ترتدي النساء الإيرانيات اللواتي لديهن معتقدات دينية قوية الحجاب بغض النظر عن الإلزام القانوني به. أما النساء اللاتي تعتبرن أنفسهن أقل تدينًا، فهن لا يلتزمن بقواعد الزي بصرامة.
صراع متكرر
ظهر شريط الفيديو بعد شهور قليلة من حملة احتجاجية لم يسبق لها مثيل ضد قوانين الحجاب في إيران، حيث وقفت بعض النساء عاريات الرأس، فوق صناديق المرافق في الشوارع، ولوحن بأوشحة رؤوسهن على أطراف عُصي.
وخلال الاحتجاج، انتُقِدت الشرطة لما قام به ضابط دفع بمتظاهرة من فوق إحدى الصناديق، مما أدى إلى إصابة في ساقها.
غير أن حادثة يوم الخميس لم تكن احتجاجًا، بل أحدث واقعة في الصراع المتكرر بين بعض النساء الإيرانيات و “شرطة الأخلاق”.
خلال فترة رئاسة محمود أحمدي نجاد، عينت قوة من الشرطة خصيصًا لفرض قانون الحجاب، كوسيلة لمكافحة ما وصفه المحافظون الدينيون بـ “الحجاب السيئ”. لكن لم يتخلص الرئيس حسن روحاني من شرطة الأخلاق هذه، رغم وعوده بالأمر في مرحلة ما، هو فقد قيد من سلطتها. وقد انتقدت حكومته المركزية بشكل متكرر استخدام القوة في فرض الحجاب.
خسارة للجانبين
وردًا على المقطع الذي شوهد عبر الإنترنت، دعت شهیندخت مولاوردی، مساعدة الرئيس الخاصة لحقوق المواطنة، إلى “تغيير النهج” فيما يتعلق بالحجاب. وقالت طيبه سيافاشي، وهي مشرّعة إصلاحية، في سلسلة من التغريدات أن ما تفعله شرطة الأخلاق هو “خسارة للجانبين”، وأن الحادث يوضح نوع العنف الذي يسلب “الحد الأدنى من الأمان” الذي اكتسبته النساء في السنوات الأخيرة.
وليس واضحًا مدى قوة تأثير روحاني عندما يتعلق الأمر بشرطة الأخلاق، التي هي جزء من قوة الشرطة النظامية. ففي الجمهورية الإسلامية، الشرطة جزء من القوات المسلحة التي لا يتم اختيار قادتها من قبل الرئيس.
وقد تم مسبقًا نشر العديد من مقاطع الفيديو المشابهة لهذا الفيديو، لكن رد الفعل على الأخير، كان الأقوى حتى الآن.
وقال مراقب سياسي إيراني طلب عدم الكشف عن هويته: يتعلق الأمر بمدى إدراك الناس لما يحدث في العالم الحقيقي؛ ومقدار القوة المتاحة لهم عن طريق المعلومات وطرق مشاركتها؛ مقدار رغبتهم، وحماستهم لاتخاذ مواقف بشأن الأمر. أعتقد حقًا أن حالة الوعي اختلفت عما كانت عليه حتى قبل عامين”.