Al Jazeera
وصلت التوترات بين إيران والولايات المتحدة حول سوريا إلى أعلى معدلاتها منذ بدء الحرب الأهلية في البلاد في عام 2011. في حين أن الدولتين كانتا قد أعربتا مراراً عن سخطهما إزاء وجود الآخر في سوريا، إلا أنهما لم يصلا إلى نقطة المواجهة العسكرية حتى الآن.
ففي حين استهدفت الولايات المتحدة المقاتلين الموالين للرئيس بشار الأسد، الذين هددوا حلفاءها الأكراد وقواعدهم الجوية، إلا أنها لم تهاجم بشكل مباشر ضباط الحرس الثوري الإيراني، الذين يسيطرون على الميليشيات الموالية للأسد، ويعملون كذلك مع الوحدات العسكرية السورية. وبالمثل، في حين أن إيران حذرت الولايات المتحدة من التدخل في سوريا، إلا أنها لم تطالب الجماعات التي كانت تحت سيطرتها باستهداف الولايات المتحدة.
في الأشهر الأخيرة، برزت أسئلة حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستواصل سياستها في عدم مواجهة إيران في سوريا؟
في الشهر الماضي، عين الرئيس الأمريكي ترامب جون بولتون، وهو من أشد منتقدي إيران، كمستشار جديد للأمن القومي. بولتون الذي عُرف في عهد جورج دبليو بوش باسم المدافع عن حرب العراق، ورد أنه قد ضغط على ترامب من أجل اتخاذ موقف أكثر عدوانية ضد إيران. كما أثارت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، القلق بشأن تصعيد الصراع، عندما قالت أن كان أحد أولويات حكومة ترامب هو منع إيران من ترسيخ أقدامها في سوريا.
وبدورها، فقد تعهدت الميليشيات المدعومة من إيران باستهداف التواجد الأمريكي في سوريا.
وقال جو ماكرون من المركز العربي في واشنطن: “ما نشهده حاليا هو المحاولة الأكثر جدية من قبل المستشارين المتشددين والمحافظين لإشراك الولايات المتحدة بشكل مباشر في الحرب السورية، وهي محاولة تعكس المخاوف الإسرائيلية من خطط انسحاب الولايات المتحدة من سوريا” موضحًا كذلك أن موقف المتشددين ليس مقبولًا من الكل. وأكمل: “ترامب نفسه والبنتاجون يقاومان هذا الإغراء، وإسرائيل ستواصل على الأرجح في المستقبل القريب خوض معاركها الخاصة ضد إيران”.
وعلى الرغم من تصعيد التهديدات، فإن فكرة الصراع الشامل بين طهران وواشنطن لا تروق كلا الطرفين، كما يقول الأستاذ سكوت لوكاس من جامعة برمنجهام. وقال أيضًا: “لا توجد رغبة عند أي من الجانبين للبحث عن صراع أوسع عمدًا، لأن بهذه الطريقة سوف تكون التكاليف أكثر من الفوائد. وبدلاً من ذلك، فيبدو أن كلًا من إيران والولايات المتحدة سيستمران في سياسة التمادي”.
وأكمل موضحًا: ” هناك دائمًا احتمال حدوث صراع طفيف، ويمكننا رؤية هذا من خلال تمادي الطرفين، ولكن حتى الآن لم يتصاعد الأمر بين الدولتين إلى صراع عسكري أوسع” وأعطى مثالًا عن الأمر بالهجمات الأمريكية على الميليشيات المدعومة من إيران عندما قامت بالاعتداء على قاعدة جوية تسيطر عليها الولايات المتحدة بالقرب من الحدود الأردنية في مايو 2017.
وفي حين أن الولايات المتحدة وإيران لا يرغبا في الحرب مع بعضهما البعض في هذا الوقت بالتحديد، فإن هذا لا يعني أنهما لا يبحثان عن طرق أخرى لتبطل تأثير كلًا منهما في سوريا، كما يقول لوكاس، موضحًا أن لكلا البلدين تأثير على القوى المقاتلة في سوريا؛ إيران من خلال ميليشياتها، والولايات المتحدة من خلال القوات الديمقراطية السورية التي يهيمن عليها الأكراد.
وتابع أن الولايات المتحدة يمكنها أن تضغط أيضًا على إيران للحد من دورها في سوريا من خلال العقوبات، في حين أن طهران قد تسعى إلى استغلال الموارد الطبيعية السورية لمواجهة الإجراءات العقابية الأمريكية.
في انتظار الولايات المتحدة
في السنوات السبع منذ بداية الحرب الأهلية السورية ، أسست إيران لنفسها عميقًا داخل البلاد، من خلال قيادة ميليشيات من عشرات الآلاف من المقاتلين.
وقد رسخت الولايات المتحدة نفوذها في شمال البلاد، حيث تحكم قوات سوريا الديمقراطية، وفي الجنوب على طول الحدود الأردنية.
لكن الرأي العام الأمريكي تحول بشكل ساحق ضد التدخل العسكري المستمر في دول الشرق الأوسط.
وبالنسبة للبعض في إيران، فهناك اعتقاد بأن ثمن الوجود الأمريكي في دول الشرق الأوسط لا يمكن أن تتحمله واشنطن.
وقال البروفسور محمد ماراندي من جامعة طهران “تعتقد إيران أن استمرار وجود قوات الاحتلال الأمريكية في سوريا أمر مكلف لها. بجانب أنه أمر يغضب السوريين، ويجعل الولايات المتحدة عُرضة للخطر، وأخيرًا لا يمكنها تحمل كلفته”.