سي إن بي سي
من المتوقع على نطاق واسع أن يؤدي اختيار الرئيس دونالد ترامب لجون بولتون كمستشار للأمن القومي إلى مزيد من التشدد في سياسة أمريكا الخارجية تجاه الدول الخارجة عن القانون مثل كوريا الشمالية وإيران. أما باكستان، وهي الدولة التي طالما كانت شوكة في جانب واشنطن، يمكنها أن تتأثر أيضًا.
وحذر الخبراء من أنه لو قام بولتون المتشدد والمحافظ، الذي من المقرر أن يتسلم عمله الأسبوع المقبل، باتخاذ خطوات صارمة ضد إسلام آباد، فإنه من المحتمل أن يقوم هذا بدفع البلد الواقع في جنوب آسيا إلى التقرب من روسيا والصين وإيران.
وكانت إسلام أباد حليفًا مهمًا للولايات المتحدة أثناء حربها على الإرهاب في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، ولكن العلاقات الثنائية ساءت في السنوات الأخيرة، حيث تطالب الولايات المتحدة البلاد بفعل المزيد لمحاربة مقاتلي طالبان المعروفين باسم شبكة حقاني.
في وقت سابق هذا العام، علقت إدارة ترامب المساعدات العسكرية والأمنية لباكستان. ويعتقد الكثيرون أن الرئيس يمكنه تصعيد الأمر، فيقوم بتجريد باكستان من وضعها كحليف أساسي خارج حلف الأطلسي، أو إعلان إسلام أباد دولة راعية للإرهاب.
وقال عزير يونس مدير مكتب شركة الأعمال العالمية الاستراتيجية أولبرايت ستونبريدج في جنوب آسيا: “قد تتحول وجهات نظر بولتون المتشددة إلى لغة أكثر حدة ضد باكستان.”
وحذر يونس من أن إتباع نهج سياسي عدائي ضد باكستان كزيادة هجمات الطائرات بلا طيار، والعقوبات الاقتصادية، والعزلة الدبلوماسية، سوف تصعب فقط من وضع باكستان، ويجعلها تتقرب أكثر لقوى إقليمية أخرى، مثل بكين وموسكو وطهران. وقد زادت الدول الثلاث، التي تشهد حاليًا علاقات غير ودية مع واشنطن، من نفوذها في باكستان في الأشهر الأخيرة.
فموسكو وإسلام آباد تعملان على تعزيز التعاون بينهما في المجال العسكري والطاقة، بينما قاد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وفدًا سياسيًا اقتصاديًا في العاصمة الباكستانية الشهر الماضي لمناقشة تعزيز العلاقات بينهما. وتتمتع دولة جنوب آسيا أيضًا بعلاقات استراتيجية مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تنعكس في مشاريع البنية التحتية المشتركة مثل الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني.
يأتي ذلك في الوقت الذي يخطط فيه البيت الأبيض لفرض عقوبات جديدة على موسكو، ويقترح فرض تعريفة جمركية صارمة على السلع الصينية، ويدرس إمكانية إلغاء اتفاقية نووية قد تزيد من احتمالية قيام الولايات المتحدة بعمل عسكري ضد طهران.
وهناك إشارات أخرى على أن عداء الولايات المتحدة يمكنه بالتأكيد أن يدفع باكستان إلى أحضان بكين وموسكو وطهران. وهذا ما اتفقت عليه سحر خان،وهي زميلة الأبحاث في معهد كيتو.
وقالت خان إن بولتون يخاطر بخلق مزيد من التوتر في العلاقة بين الولايات المتحدة وباكستان، التي وصلت بالفعل إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق. وأكملت أن فهم بولتون لباكستان يستند إلى فكرة ثنائية مفادها أن هناك نوعين فقط من الجهات الفاعلة في باكستان: “الإسلاميون وغير الإسلاميين”. وأضافت: “الواقع على الأرض أكثر تعقيدًا”.
ونُقِل عن بولتون، وهو سفير أمريكي سابق لدى الأمم المتحدة، قوله في فبراير، إنه إذا وقعت الترسانة النووية الباكستانية في أيدي المتطرفين، فسيكون الأمر بمثابة إعطاء إيران منشطًا.
إسلام أباد هي أيضاً لاعب حاسم عندما يتعلق الأمر بالجهود الأمريكية في أفغانستان، حيثما يقضى حوالي خمسة عشر ألف جندي أمريكي ما يقرب الستة عشر عامًا هناك منذ الغزو الأمريكي. لذا، فالإجراءات الصارمة على باكستان قد تكون سيفاً ذا حدين لواشنطن. وقالت يونس: “باكستان لديها بعض النفوذ على الولايات المتحدة، وفي نهاية الأمر بإمكانها أن ترد عن طريق تعطيل الإمدادات الأمريكية إلى أفغانستان، وبالتالي تقويض الأهداف العسكرية الأمريكية في أفغانستان”.
لكن لا يتفق الجميع على أن بولتون سيحمل الضغط على إسلام أباد. فأشار جوناه بلانك، كبير علماء السياسة في مؤسسة راند كوربوريشن غير الربحية، إلى أن بولتون خدم في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش في منصب وكيل وزارة الخارجية لشؤون نزع الأسلحة ، لكنه كان صامتًا بشأن باكستان في ذلك الوقت.
في ذلك الوقت، كان انتشار الأسلحة النووية هو تخصص بولتون، وكانت باكستان أكبر ناشر للأسلحة النووية في العالم، ولكنه بكل بساطة “نظر إلى الاتجاه الآخر، بينما كانت باكستان متورطة في الانتشار النووي” بحسب بلانك، الذي قال إن اهتمام بولتون كان يركز على دول أخرى معادية للولايات المتحدة، وهي إيران والعراق وليبيا وكوريا الشمالية وحتى كوبا.
وتابع بلانك: “ما لم يحدث لبولتون تغيير مفاجئ جدًا في موقفه، فلا يوجد سبب لنتوقع أن يكون الآن أكثر صرامة مع باكستان، مما كان عليه عندما كان وكيل وزارة الخارجية لشؤون نزع الأسلحة”.