رفعت الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام من وتيرة تهديداتها في وجه إيران، حيث أعلنت أنها ستلجأ إلى التحرك بشكل أحادى ضد إيران بعدما استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار غربى فى مجلس الأمن الدولى ينتقد إيران ويتهمها بالتقاعس عن منع وصول أسلحتها إلى جماعة الحوثى فى اليمن.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكى هيلى للصحفيين خلال زيارة إلى تيجوسيجالبا عاصمة هندوراس «إذا كانت روسيا ستواصل التستر على إيران فسوف تكون الولايات المتحدة وحلفاؤنا بحاجة إلى اتخاذ إجراء من تلقاء أنفسنا. إذا لم نحصل على إجراء فى المجلس فسوف يتعين علينا عندئذ اتخاذ إجراءاتنا».
ولم تعلن هيلي نوعية الإجراء المرتقب إستخدامه، لكن هناك عدة أسباب تمنع أمريكا من التحرك عسكريا ضد إيران نستعرضها عبر هذا التقرير..
صعوبة الحرب المباشرة
اللواء حسام مظلوم الخبير العسكري، أكد على صعوبة أن تنطوي المواجهة مع إيران على حربٍ مباشرة عبر حدود البلدين، بل إنّ على المهاجم ارسال قواته الى منطقة تبعد آلاف الكيلومترات عن البرّ الأميركي، ونشرها على مسافة طيران من إيران، وتأمين طرقٍ آمنة للتزويد الجوي بالوقود، والسيطرة على بحيرة ضخمة – هي الخليج العربي – يقلّ عرضها في كثير من الأماكن عن المئتي كيلومتر وعمقها عن الخمسين متراً.
اشتباك غير متطور
وأشار مظلوم إلى في تصريح لـ«إيران خانة» إلى أن «كل من إيران والصين، يضعان نصب أعينهما أن الهجوم الغربي ضدهما سيقابل بالرفض من قبل حلفاء ممثلين في دول عظمى سواء روسيا أو فرنسا أو بريطانيا أو ألمانيا، وتلك القوة ستمنع الولايات المتحدة الأمريكية ببسط لسيطرة الكاملة على المجال البحري الذي يحيط بالبلد وحصاره وضربه».
أنظمة تسليح
و تشكل أغلب أنظمة التسليح الإيرانية تهديداً للقوات الأميركية، حيث ركزت إيران، ركّزت على استيراد الصواريخ الحديثة المضادة للسفن من الصين (من فئات «سي-801» و«سي-802») وتطويرها وبناء نسخ جديدة منها يفوق مداها الـ200 كيلومتر وبنظم توجيه متعددة.
المدمرات تحت مرمى الصواريخ الإيرانية
أما في منطقة الخليج، فالمسافة بين البرّ الايراني وقاعدة الأسطول الخامس في البحرين تقلّ عن 190 كيلومتراً، ما يعني أن أية قطعة اميركية في الخليج تقع ضمن مدى الصواريخ التي تطلقها الزوارق السريعة والطائرات، اضافة الى عددٍ ضخمٍ من المنصات الأرضية المتحركة التي تُنشر على طول الساحل الشرقي للخليج.
كما أن الغواصات الصغيرة، التي تنتجها الأحواض الايرانية بالعشرات، اعتبرها مراقبون بأنها كالألغام البحرية – تصير سلاحاً مخيفاً في الخليج الضحل، الذي يعجّ بالأهداف ولا يعمل فيه السونار بكفاءة – اضافة الى أنّ الغواصات الاميركية الضخمة لا تقدر اصلاً على العمل والغطس في أغلب أجزاء الخليج.
تهديد القواعد
وسبق وأكد بعض الايرانيين إنّ صاروخ «فاتح 110»، الذي يمتاز بالدقة وقد صدرت منه ثلاثة اجيالٍ على الأقل حتى الآن، يسمّى «صاروخ لبنان» بين الإيرانيين، لأن مداه ومواصفاته تناسب الساحة اللبنانية بشكلٍ كبير، كأنّه صُمّم لأجلها، غير أنّ «الفاتح» يضع ايضاً القواعد الاميركية في قطر والامارات والسعودية تحت تهديده (اضافة، بالطبع، الى المنشآت النفطية ومرافق التصدير التي تجاور هذه القواعد)؛ وايران تحتفظ، اضافة الى الفاتح، بأعداد هائلة من صواريخ «شهاب 2» و«شهاب 3»، بعد سنوات من تراكم الانتاج، والتي يمكن استعمالها في موجات كبيرة لإغراق الدفاعات الصاروخية – سواء في الخليج أو في افغانستان.
دراية طهران بنقاط ضعف الأمريكان
الدكتور محمد سعيد اللباد أستاذ الدراسات الإيرانية، أشار إلى أن هناك عاملان يلخصان أسباب التردد الأميركي في خوض المغامرة العسكرية ضد إيران: أوّلاً، صعوبة حصر الحرب وابقائها ضمن الحدود التي تريدها اميركا. وثانياً، لأنّ الحرب ضدّ إيران تهدّد بأن تكون المواجهة الأولى التي يخوضها الجيش الاميركي ضمن شروط «الحرب الحديثة»، بمعنى وجود خصمٍ لا ينتمي جيشه للقرن الماضي، بل يعرف مسبقاً نقاط القوة الاميركية ويحضّر الوسائل التقنية لإبطال مفعولها.
وأشار اللباد في تصريح لـ«إيران خانة»:«إلى أن الحرب ضد إيران لن تكون ميداناً مفتوحاً لاستعراض التكنولوجيا الأميركية المتفوّقة، بل إنّ الجيش الاميركي يعرف انّه سوف يدخل الى ساحةٍ يتمّ التشويش فيها على نظام «جي بي اس»، وقد لا تتمكن الطائرات من دون طيار من الاتصال بقواعدها عبر الأقمار الصناعية، بل إنّ اميركا قد تُحرم من الاستطلاع الفضائي والالكتروني – وهذه كلّها أركان أساسية في عقيدة الحرب الأميركية اليوم (من شبه المستحيل، مثلاً، استعمال الذخائر بعيدة المدى في غياب نظام الجي بي اس، فيصير البديل الوحيد هو التوجيه باللايزر أو عبر الكاميرات، ما يستلزم أن تكون الطائرة القاذفة، أو طائرة من دون طيار، في جوار الهدف وضمن مدى الدفاع الجوي).