يبدو أن موجات الاحتجاجات الإيرانية، لن تخمد بسهولة في ظل ارتفاع حدتها من حين لآخر، حيث بلغ الأمر إلى قيام محتج بدهس 5 شرطيين في العاصمة طهران، بعد اندلاع مظاهرات غاضبة في صفوف الدراويش، فيما رأى خبراء أن الإيرانيون يحتاجون عدة عوامل لإنجاح احتجاجاتهم.
ويقول الدكتور محمد اللباد، أستاذ الدراسات الإيرانية، إن الشعب الإيراني مختلف بطبيعته، فهو شعب صبور وهادئ، لذا نجح النظام في قمع الاحتجاجات السابقة، وهو ما يؤكد على أنه سيقوم بموجات أخرى، مضيفا «أننا الآن أمام عدة أشهر أو أسابيع طويلة من الموجات المتتالية، وأرى أن هذه الموجة الثانية جاءت لسبب جوهري؛ هو عدم رغبة النظام في السماع للمتظاهرين وعدم تحقيق النظام لأي مطلب من المطالب التي نادي بها المتظاهرون، وهو ما جعل «روحاني” يصف مصير النظام الحالي كمصير الشاه.
وأضاف اللباد أن الدلالات واضحة جداً وهي إن الإيرانيين أدركوا أن إيران في مرحلة السبعينيات كان مفترضاً أن تكون يابان جديدة أو كوريا جنوبية، ولكنها من وجهة نظر الإيرانيين تحولت إلى كوريا شمالية، مؤكدا أنه على النظام الإيراني الآن أصبح أمام حالة سقوط حر، سيسقط إن عاجلاً أو آجلاً، فهي مسألة وقت لا أكثر ولا أقل.
اختيار قائد للثورة
وحول الاستمرارية والنجاح شدد اللباد على ضرورة أن يختار الإيرانيون قائد ميداني لهم حتي يوحد شكل المظاهرات وأسلوب المطالب على الأرض في الداخل والخارج، بالإضافة إلى التنسيق فيما بين المدن لتخرج جموع غفيرة يصعب السيطرة عليها من قبل قوات الأمن.
وأشار إلى أن إحتمالات تجدد الاحتجاجات الشعبية في إيران لاتزال قائمة، وستتعمق وضعية الأزمة في إيران، وسيزداد تآكل شرعية النظام، خصوصاً أنه لم يعالج المظالم التي أخرجت الناس إلى الشوارع، ويستجيب للمطالب التي رفعوها، معتبرين أن نجاح النظام في قمع التظاهرات وإخماد جذوتها ما هو إلا تأجيل للمشكلة فحسب.
من سيخنار القائد
حول سيناريوهات الإنتقال السياسي المقبل واختيار القائد في الشارع الإيراني، رجح محمد سعيد عبد المؤمن، الباحث في الشأن الإيراني، أن هناك مجموعة كبيرة من «المؤسسات» المتنافسة ستتحكم بعملية إختيار القائد الجديد.
وأشار سعيد في تصريح لـ«إيران خانة»:«إن إيران تعاني اليوم ثلاث أزمات مركبة ومتداخلة: الهوية، وبناء الأمة، وبناء القوة، وأنها ستُبقى إيران تعاني حالة الإحباط واليأس، وتراجع منظومة القيم الاجتماعية، وإنحسار الثقة الاجتماعية، سواء بين مكونات المجتمع نفسه أو بين مختلف طبقات المجتمع والنظام الحاكم».
يذكر أن مشهد قتل 5 عناصر من قوى الشرطة وإصابة آخرين، بعضهم حرجة، بعد دهسهم بحافلة في العاصمة طهران، أعاد إلى الأذهان مايحدث في القدس حيث عمليات الدهس التي يقوم بها الفلسطينيين، فيما رأى خبراء أن حالة الدهس اليوم ستتحول إلى ظاهرة كما كانت في فلسطين العام الماضي.
وكانت عمليّات الدهس أحد الأسلحة الجديدة التي أضافتها الهبّة الشعبيّة الحاليّة إلى الرصيد النضالي الفلسطيني عبر تاريخه، فطوال سنوات من تغوّل آلة القمع الإسرائيلية، ومن صراع ظلّت العين فيه تقاوم المخرز؛ كان الفلسطينيّون يبتكرون أدوات نضاليّة جديدة، سرعان ما تخلق زخمًا ثوريًّا لدى الجماهير، بدءًا بالحجارة التي أشعلت الانتفاضة الأولى، مرورًا بما عُرف بـ«ثورة السكاكين»، والعمليات الاستشهادية، في تسعينيّات القرن الماضي، وصولًا إلى عمليّات الدهس الأخيرة.