جاءت زيارة وفد من القوة البحرية للحرس الثوري الإيراني إلى العاصمة القطرية الدوحة؛ للتأكيد على دعم إيران لقطر حكومة وشعباً، محمولةً بعدة رسائل إلى دول الحصار، منها التأكيد على الدعم العسكري لقطر في وجه أي عدوان محتمل، فضلا عن التحالف الاقتصادي والجغرافي بين قطر وإيران.
وقال نائب قائد القوة البحرية للحرس الثوري الإيراني العميد «علي رضا تنكسيري» في تصريح له على هامش معرض «ديمدكس 2018» في الدوحة: إن الظروف مهيأة لتنمية التعاون مع قطر، ونحن نسعى إلى مزيد من تعزيز العلاقات مع هذا البلد.
عدو عدو صديقي
في هذا الصدد يقول الدكتور محمد سعيد عبد المرمين – أستاذ الدراسات الإيرانية في تصريح لـ «إيران خانة»:« إن زيارة الحرس الثوري للدوحة تحمل 3 رسائل إلى مصر والدول الخليجية الثلاثة الإمارات والسعودية والبحرين، على رأسها الدعم العسكري الأجنبي الممثل في إيران، بالإضافة إلى تركيا وفق مبدأ: «عدو عدوي صديقي».
وأضاف سعيد أن «الرسالة الثانية إلى الغرب، في أن قطر لا تتوقف قوتها على الحماية الأمريكية والأوروبية، بل لها في منطقة الشرق الأوسط قوى كبيرة ممثلة في إيران تحميها من الحصار الخليجي».
وأشار إلى أن «الرسالة الثالثة تكمن في المعطيات الاقتصادية، حيث يمكن لإيران وقطر أن يُشكّلا أحد الحلول الاقتصادية سوياً، في ظل إغلاق الدول الخليجية للممرات المائية والجوية أمام قطر، لكن الأمر متاح أمام قطر في جو وبحر إيران».
علاقات قديمة
يذكر أنه في بدايات عام 2010، كانت الدوحة تطرق أبواب إيران، حيث زار أمير قطر السابق طهران، والتقى «خامنئي»، وقتها وقع خلال الزيارة اتفاقية أمنية أعقبها تبادل للزيارات بين مسؤولي البلدين، ومن بينهم وزير الدفاع، وإسناد القوات المسلحة الإيرانية العميد «أحمد وحيدي» الذي وقع مع قائد أركان القوات المسلحة القطرية اللواء «حمد بن علي العطية» على وثيقة التعاون العسكري بين البلدين.
ولم يقف التعاون العسكري عند هذا الحد بل كشفت طهران عام 2013 أن الدوحة لجأت إلى القوات الإيرانية؛ لتدريب خفر السواحل القطرية في مجال مكافحة المخدرات من قبل القوات الإيرانية، فضلاً عن مناورات لقوات خفر السواحل الإيرانية ونظيرتها القطرية في جزيرة «كيش» جنوب إيران.
وفي عام 2015، كانت الدوحة وطهران يبرمان أول اتفاق لتعزيز التعاون الأمني، حيث التقى في أكتوبر من العام نفسه قائد حرس الحدود الإيراني «قاسم رضائي» بمدير أمن السواحل والحدود في قطر «علي أحمد سيف البديد»؛ ليتفقا على بنود الاتفاقية الأمنية الكبرى.
واستعانت قطر بإيران من أجل تولّي بعض مهام الاستضافة لبطولة كأس العالم، المقامة في عام 2022، بحسب ما ذكرته مجلة «ذا إيكونوميست» البريطانية.
وتمتلك إيران ما يساعدها على استضافة مونديال 2022، مثل تواجد فنادق كثيرة في جزرها «قشم» و«كيش»، ستستوعب الكثير من المشجعين، ولكنها قد تفرض بعض الحظر على تناول الكحوليات في منتجعاتها.
ونرصد تسلسل تفصيلي للعلاقات العسكرية بين البلدين
1991
فور انتهاء حرب الخليج الثانية، التي كانت جرحا غائرا في قلب العرب، سارع أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل الثاني لدعم مشاركة إيران في الترتيبات الأمنية الجديدة للخليج بعد مرحلة الحرب، إلا أن دول الخليج رفضت ذلك.
وجاء هذا في ظل أزمة ترسيم الحدود بين قطر والسعودية، وبعد الاتفاق بين الدوحة وطهران على تقاسم الاستفادة من حقل غاز الشمال الموصوف بأنه أكبر حقل غاز في العالم.
2000
أمير قطر السابق حمد بن خليفة يزور طهران، كأول حاكم خليجي يتخذ تلك الخطوة منذ ثورة الخميني الإرهابية 1979.
2007
دعا أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني الرئيس الإيراني حينذاك محمود أحمدي نجاد لحضور مؤتمر قمة مجلس التعاون الخليجي العربي في الدوحة كضيف شرف، لإدخال إيران ضمن المنظومة الخليجية واختراق دول المنطقة أمنيا.
2009
تحدت قطر المشاعر العربية مرة أخرى، ووجهت دعوة إلى نجاد لحضور القمة العربية التي انعقدت بالدوحة، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة، أسفرت عن امتناع الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك عن حضور القمة.
وكان الهدف القطري من الدعوة إشراك إيران بشكل رسمي في الملف الأمني الفلسطيني؛ حيث كانت القمة تُعقد عقب الحرب الإسرائيلية على غزة.
2010
زار أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني إيران، ووقع اتفاقيات أمنية تتعلق بحراسة الحدود ومكافحة تهريب المخدرات ومكافحة الجرائم التي تقع داخل وخارج البلدين.
وأعقبتها زيارة وزير الدفاع الإيراني العميد أحمد وحيدي إلى قطر، واستقبله رئيس أركان القوات المسلحة القطرية اللواء حمد بن علي العطية، ووقعا وثيقة للتعاون الدفاعي، وصفها العطية بأنها «تعزز» أمن المنطقة.
وعلَّق الوزير الإيراني بالقول إن النموذج الراهن للعلاقات بين إيران وقطر يجب أن يتحول إلى قدوة لدول المنطقة.
2013
إبرام اتفاقية تعاون لحماية الحدود المشتركة وتدريب خفر السواحل القطرية ومكافحة والتهريب في لقاء قائد حرس الحدود الإيراني قاسم رضائي، ومدير أمن السواحل والحدود في قطر علي أحمد سيف البديد، على هامش لقاء لقادة حرس الحدود في إيران.
وفي ديسمبر من العام نفسه انعقد اجتماع للتعاون بين خفر السواحل الإيرانية والقطرية في جزيرة كيش جنوبي إيران، أعلن خلاله المسؤولون إجراء مناورات مشتركة، وتدريب خفر السواحل القطرية.
2015
توقيع اتفاقية أمنية وعسكرية باسم «مكافحة الإرهاب والتصدي للعناصر المخلة بالأمن في المنطقة».
كما وقع قائد حرس الحدود الإيراني قاسم رضائي ومدير أمن السواحل والحدود القطري علي سيف البديد اتفاقية «حماية الحدود المشتركة».
وعلى إثرها بدأ الحرس الثوري تدريب القوات البحرية القطرية.
2017
عقب إعلان الرباعي (مصر والإمارات والسعودية والبحرين) قطع العلاقات مع قطر يونيو/حزيران على خلفية دعمها للإرهاب، بدأت ملامح تطبيق الاتفاقيات السابقة تظهر على الأرض.
فبالإضافة إلى الدعم الاقتصادي الكبير من إيران لتعويض الدوحة عن خسائرها الاقتصادية من المقاطعة، تحدثت المعارضة القطرية عن وجود عناصر من مليشيا الحرس الثوري الإيراني لحراسة الأمير الحالي تميم بن حمد آل ثاني تحت غطاء التدريبات المشتركة.
2018
أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، يدعو إلى اتفاقية أمنية إقليمية، تضم إيران وتركيا، مع الدول العربية، بزعم أن ذلك ضروري للتعايش السلمي، ومنع الشرق الأوسط من الانهيار.
ورد عليه الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، بالسخرية، قائلا: «اللعب على التناقضات وإدارتها والذي ميّز سياسة قطر أصبح أكثر صعوبة وتكلفة، فالتوازن بين دعم الإخوان وغيرهم من المتطرفين واستضافة قاعدة العديد والتنازل عن السيادة لإيران وتركيا أصبح أكثر صعوبة».
وأمس الثلاثاء، وصلت عناصر من مليشيا الحرس الثوري الإيراني إلى قطر تحت لافتة المشاركة في معرض الدفاع البحري الدولي.
وصرح نائب قائد القوة البحرية لمليشيا الحرس، العميد علي رضا تنكسيري من هناك بأن بلاده تدعم الدوحة حكومة وشعبا.
وعدَّد تنكسيري مجالات التعاون في مجال تخصصه بين بلاده وقطر، منها مجال الدفاع الساحلي وخفر السواحل والمشاركة في المناورات العسكرية.
علاقات اقتصادية
يذكر أن العلاقات الاقتصادية والسياسية بين قطر وإيران، توطّدت من بعد «الأزمة الخليجية»، إذ فتحت إيران جسراً جوياً مع قطر؛ من أجل إمدادها بالمؤن الغذائية؛ لتقليل الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الدول الخليجية الثلاثة عليها.