أثارت حادثة اقتحام السفارة الإيرانية في العاصمة البريطانية لندن، من قبل أتباع مرجعية «الشيرازيين» الشيعية، الجدل، كام سلطت الضوء على أصل وماهية هذه الفرقة وتفاصيل خلافاتهم مع ولاية الفقيه، بالإضافة إلى نهجهم المتطرف تجاه المخالفين لهم عقائديا ومذهبيا.
وحادثة اقتحام السفارة جاءت احتجاجا على اعتقال السلطات الإيرانية الأربعاء الماضي، حسين الشيرازي، ابن صادق الشيرازي، المرجع الشيعي الشهير في قم، وذلك بسبب محاضرة سابقة وصف فيها المرشد الأعلى للنظام الإيراني علي خامنئي بـ «الفرعون».
وأفادت وسائل إعلام إيرانية أن عناصر من الأمن الإيراني أوقفوا السيارة التي كان يستقلها حسين الشيرازي في قم، واعتقلته بعنف وانهالت عليه بالشتائم، وألقت عمامته على الأرض ثم نقلته إلى مكان مجهول، بحسب هذه المصادر.
وكانت المحكمة الخاصة برجال الدين في قم، أصدرت حكما باستدعائه بعد الهجوم على النظام الإيرناني ، ومبدأ ولاية الفقيه حيث وصف في خطبة له منشورة عبر «اليويتوب» حكم الولي الفقيه بأنه يعادل حكم «فرعون» شارحا استبداد الدولة الدينية في إيران وأساليبها القمعية ضد المعارضين والمنتقدين وحتى المختلفين معها بالرأي.
من هم الشيرازية
الشيرازي الأب والابن هما من أحفاد المرجع التاريخي محمد حسن الشيرازي الذي كان في نهاية القرن التاسع عشر حرّم استخدام التبغ في سياق معارضته للاستعمار البريطاني حيث استحوذت شركة «تالبوت» البريطانية على احتكار التبغ في إيران.
رفض ولاية الفقيه
وترفض مرجعية الأسرة الشيرازية التي لها أتباع في #إيران والعراق والكويت وعدد آخر من البلدان ذات التواجد الشيعي، ولاية الفقيه بشدة وتنتقد حكم المرشد الإيراني علي خامنئي، لكنهم يطرحون أفكارا متطرفة تغذي الطائفية في المنطقة ولا يختلفون بشيء عن خطاب النظام الإيراني من حيث المبادئ الفكرية، بحسب ما يقول منتقدوهم.
واتسع نفوذ أسرة الشيرازي بعد الثورة الإيرانية عام 1979 حيث دعم المرجع محمد الشيرازي الخميني، قبل أن يتصاعد الخلاف بين الشيرازي والنظام الإيراني.
الحد من تنامي الشيرازيين
وفور انطلاق الأزمة مع خامئني بين النظام الإيراني وبدأ الحرس الثوري يحد من تنامي الشيرازيين بعد ما أيد محمد الشيرازي فكرة مجلس شورى الفقهاء بدل ولاية الفقيه المطلقة، كما رفض ولاية المرشد الحالي علي خامنئي.
و كان محمد الشيرازي يعارض فتوى خامنئي بتحريم التطبير (ضرب الرأس بالسيف في مراسم عاشوراء) حيث تم إغلاق حسينيات الشيرازي وتحجيم نفوذه، وهو الذي كان يخضع للإقامة الجبرية حتى وفاته عام 2001.
المرجع الحالي صادق الشيرازي
ويعتبر صادق الشيرازي حاليا هو مرجع الأسرة الأكبر وهو ثالث أبناء مهدي بن حبيب الله الشيرازي، حيث تصدى للمرجعية بعد وفاة شقيقه الأكبر محمد الشيرازي سنة 2001، وكان من المُتوقع أن يتصدى للمرجعية من بعده ابن أخيه محمد رضا الشيرازي غير أنه توفي قبل ذلك في بيته بمدينة قم الإيرانية في 1 يونيو 2008.
وصادق الشيرازي (76 عاماً) ولد في كربلاء بالعراق عام 1942 وقد تم تسفيره إلى إيران في سبعينيات القرن الماضي، وله قناة فضائية باسم قناة «المرجعية» الفضائية. يضاف لذلك حوالي 18 قناة فضائية و3 محطات إذاعية تروج لأفكاره، لا تخضع له مباشرة، ولكنها تنتمي لذات التيار العقائدي.
نشاط تنظيمي
عكفت طائفة الشيرازيون على توسيع نفوذهم في المنطقة العربية من خلال إنشاء منظمات سياسية وجمعيات دينية في بعض دول الخليج، تحت غطاء العمل الدعوي، حيث استقطبوا الكثير من المناصرين.
وساهموا بشكل فعال في تأسيس «الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين»، و«منظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية» – قبل حلهما لاحقا، حيث لا توجد لهما أي نشاط في الوقت الحالي- اللتين تعتبران أهم الحركات التابعة للشيرازية.
وبعد الضربة التي تلقاها الشيرازيون في إيران غيروا خطابهم بالخليج، وبدأوا يتبنون خطاباً معتدلاً مع الحكومات العربية. وعاد حسن الصفار للسعودية وتبنى الحوار مع السلفيين والدولة، وانتقل من مرجيعة آل الشيرازي إلى مرجعية آية الله السيستاني في العراق. كما دخل العديد من شيرازية البحرين في البرلمان وتصالحوا مع الحكومة.
أما النائب الكويتي صالح عاشور الذي يعتبر عراب الشيرازية بالكويت والمشرف على قناة «الأنوار» التي يديرها المليونير الشيرازي الإيراني الأصل، اسماعيل جنتي، فيعتبر وجها بارزا في قيادة هذا التيار هناك.
أفكار مغالية
يتبنى المتشددون الشيرازيون، وهم صقور التيار، وليس عامة جمهوره، يتبنون أفكارا تغالي في تقديس أهل البيت وحد تكفير مخالفيهم ويسمونهم «البكرية» و«العمرية» وتكفير أتباعهم ويسمونهم «البترية»، كما يعتبرون سب لم يقل بعصمة أهل البيت “واجب ديني واخلاقي».
تشدد
ويهاجم غلاة الشيرازيون كل من يدعو إلى التقارب مع السنة، ويستقطبون الأصوات الشيعية المتطرفة ولهم ماكينة إعلامية ضخمة تحتل حيزا كبيرا في الإعلام الشيعي الحماسي ولهم أنشط الفضائيات في إيران والأكثر انتشاراً في العالم الشيعي.
وبدأ التيار الشيرازي أخيرا بصراعات إعلامية مباشرة مع حزب الله وإيران منذ أربع سنوات، الأمر الذي يعده أنصار ولاية الفقيه خيانة للتشيّع الذي تقوده إيران بالمنطقة.
ويعتبر بعض رجال الدين مثل المرجع السيد كمال الحيدري أن بعض القوى العالمية تستغل الشيرازيين وخطابهم المتشدد لإشعال الحرب الشيعية السنية بالمنطقة.
التشيع البريطاني
ومنذ حادثة اقتحام سفارة إيران في لندن، أمس الجمعة، بدأت وسائل إعلام إيرانية خاصة تلك القربة من الحرس الثوري بهجوم عنيف ضد التيار الشيرازي ووصفته بـ «التشيع البريطاني».
ياسر الحبيب
وذكرت وكالة «فارس» الحكومية في تقرير لها أمس السبت، أن ما وصفته بـ«التشيع اللندني» هو حلقة الوصل بين الشيرازيين والاستعمار البريطاني، وكتبت أن “جماعة الشيرازي التي تترجم أفكارها المنحرفة وتبثها منذ سنين من منابرها الإعلامية وقنواتها الفضائية والتي يربو عددها على خمس عشرة قناة التي تستضيف معظمها بلدان مناهضة لإيران.
وأكدت الوكالة أن مجموعة «خدام المهدي» التي قامت الجمعة الماضية، بالاعتداء على السفارة الإيرانية في لندن، وتسللت إلى شرفة السفارة وأنزلت علم إيران ورفعت بدلا منه علم المجموعة ورفعوا صور الشيرازي وابنه، يتبعون لياسر الحبيب.