في الوقت الذي تمتاز العلاقة بين مصر ودول الخليج بالقوة، إلا أن مصر تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، تلتزم التحفظ في الأزمة الكبرى في المنطقة بين تلك الدول والجمهورية الاسلامية الإيرانية، فيما رأى مراقبون أن هناك عدة أسباب لذلك التحفظ على رأسه الإمساك بمنتصف العصاء للحفاظ على الدعم الخليجي و العلاقة مع روسيا من ناحية آخرى.
واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، بمطار القاهرة الدولي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي عهد المملكة العربية السعودية نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، والذي يقوم بزيارة رسمية لمصر تستغرق ثلاثة أيام، برفقة عدد من الوزراء وكبار المسئولين السعوديين.
و أكد السيسي في هذا الإطار على ما يشكله أمن دول الخليج من جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، مؤكدًا عدم السماح بالمساس به والتصدي بفعالية لما تتعرض له من تهديدات.
تلمحيات سابقة
ولطالما تواجه مصر تلميحات من جانب السعودية وبعض دول الخليج بوقوفها بصفِّهم ضد إيران في ظل تصاعد حدة التوتر مع خصمهم الإيراني، ويتضمن هذا أن تضع ثقلها العسكري -المتمثِّل في أكبر جيش عربي قائم- بالأزمة إذا ما بدت الحاجة له.
الخوف من معاداة روسيا
وفي هذا الصدد يقول الدكتور السفير عبد الله الأشعل وكيل وزارة الخارجية المصري الاسبق، :«من الواضح أنَّ مصر لا رغبة لها في التورُّط بنزاعٍ عسكري ولا تريد أن ترى ذلك التوتر القائم يُدخل المنطقة في دوَّامات معركة سعودية-إيرانية بتوكيل أطرافٍ أخرى، مثلما حدث في العديد من المعارك التي تُمزق الشرق الأوسط الآن».
وأشار الأشغل في تصريح لـ«إيران خانة»:«موقف القيادة المصرية حتى الآن موقفاً متوازناً، تُشير فيه إلى دعمها لحلفائها بالخليج، فيما تحاول أيضاً تهدئة التصعيد الذي يشنّونه ضد إيران، خاصة وأن الأخيرة تعتبر أهم خليف لروسيا في المنطقة كلها، ومعاداتها من معاداة روسيا خاصة وأن مصر لا تمتلك مقومات اقتصادية تستطيع أن تخفف بيها الخلافات مع موسكو كما تفعل المملكة العربية السعودية».
رفض المعاداة
وسبق وصرح السيسي بأن أي تهديد لأمن دول الخليج «هوَ تهديدٌ لأمننا الوطني الخاص»، مُحذرا إيران بأن تتوقف عن التدخُّل. لكنَّهُ كذلك قال إنّ «المنطقة “تواجه كفايتها من انعدام الاستقرار والتحديات بالفعل وليست بحاجةٍ لأزمة أخرى مع إيران أو حزب الله، ودعا لإقامةٍ حوار لحل الأزمة».
الخوف من التورط بأزمة معقدة
وألمح مراقبون مصريون أن النظام المصري بقيادة السيسي، يخشى من التورط في أزمة معقدة للغاية، حذروا صراحةً من التورُّط من أي نزاع عسكري يبدأه السعوديون؛ فكتب عماد حسين، الكاتب الصحفي بجريدة «الشروق» المصرية : «إنَّ واجب مصر الوطني هوَ أن تُخبر إخوتنا بأنَّنا نقف في صفِّهم للدفاع عن أمن السعودية، والخليج، والمنطقة بأكملها، لكنَّ هذا لا يعني أن ننجرَّ على أيديهم إلى حروبٍ ونزاعاتٍ، هي في جوهرها طائفية ولا فائدة فيها لأحدٍ سوى أعداء الأمة العربية».
ويتفق كلا من النظام المصري والسعودي على رؤى وأفكار واحدة، حيث ساندت الرياض السيسي بدعمٍ ماديٍّ وسياسي كبير، لكن ذلك لم يدفع السيسي للاندفاع نحو معاداة إيران مجاملة للسعودية
القرار ليس ملك للسيسي
وعن تصريحات الرئيس المصري، التي عبر خلالها عن رفضه الصريح لاستهداف «حزب الله» بأي عمل عسكري، علق المتحدث السابق باسم الخارجية الأميركية «آدم إيرلي»، بقوله إن «السيسي» يعتمد على المملكة العربية السعودية والإمارات للبقاء على قيد الحياة اقتصادياً وسياسياً، واعتراضه على استهداف «حزب الله» أو إيران ليس مهما.. !
ولفت المتحدث الأميركي السابق إلى أن المهم من وجهة نظره هو أن أمن السعودية معرض للخطر على يد «حزب الله» وإيران؛ وهو ذات الخطر الذي تتعرض له الإمارات العربية ودول الخليج الأخرى.. وبالتالي لابد من العمل لحماية هذه الدول عن طريق تصعيد النزاع والمواجهة مع إيران.
لا نحتاج لمصر
في المقابل، رد وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير»، على تصريحات «السيسي»، في مقابلة مع شبكة (CNBC) الأميركية، مساء التاسع من نوفمبر 2017، بقوله إنه يعتقد أن تصريح الرئيس المصري يتماشى مع ما يفكر به الجميع في المنطقة، إذ علينا أن نجد طرقاً للحد من نفوذ «حزب الله» وأضراره، وعلينا أن نجد سبلاً للضغط على أنشطة «حزب الله» ومشاركته في شؤون بلدان أخرى بناء على طلب إيران، وليس هناك تناقض في المواقف، رغم أن «السيسي» لم يتطرق إلى أي كلمة تتهم «حزب الله اللبناني» بالإرهاب.
كما بدا واضحاً من تصريحات «الجبير»؛ أن «السيسي» غير عازم على مساعدة المملكة في أي معركة ضد «حزب الله» بقوله: «إن لدينا عدداً كبيراً من البلدان في جميع أنحاء العالم، إن لم يكن جميع البلدان عدا إيران، تعارض أنشطة حزب الله وخطف حزب الله للدولة اللبنانية، وعليه لسنا وحدنا في هذا».. ما يعني أن السعودية قد عقدت العزم وبيتت النية للتحرك نحو لبنان، لكن من أرضية دولية أخرى ليست فيها أي مشاركة مصرية، فعلى من تتكأ الرياض في معركتها هذه ؟!