في اللغة الفارسية فإن كلمة قبيلة تعني “إيل أو إل” أصلها تركي وتطور معناها فيما بعد لتعني الولاية أو السلام أو الصداقة، وعثر على وثيقة باسم “نقوش أرخون” من عهد الأتراك السلاجقة في القرن الثاني الهجري تعد هي الأقدم من نوعها استخدمت فيها هذه الكلمة، كما ظهرت كلمات أخرى لتعني المعنى ذاته، والقبائل في إيران لها عديد من الخصائص المميزة، والتطورات الكبرى، إضافة إلى العادات التي تميزها عن اهل الحضر أو المدينة.
تصنيف
تتعدد القبائل والعشائر الإيرانية بشكل كبير وملحوظ، فكان لكل قبيلة ثقافة ولهجة وتقاليد مختلفة عن غيرها، وقد تم تقسيم هذه العشائر من جانب المؤرخين بناء على منشأ القبيلة القومي واللغوي والتاريخي ووضعها الحالي ومدى ترابطها، أما أقدم تصنيف تم للقبائل فهو تصنيف محمد حسين المتوفى في العصر الصفوي في فهرست الإحصاء المالي والعسكري، وقام في كتابه بتقسيم القبائل إلى قبائل إيرانية، وقبائل غير إيرانية.
كما فهرس القبائل والعشائر التابعة لكل وحدة داخل كل مجموعة بناء على التوزيع الجغرافي لها، كذلك قام بتقسيم القبائل الإيرانية إلى ست جماعات تعيش في الصحراء هي “اللور، كروس وكلهر ومكري، أكرا خراسان، جلاير خراسان، قرائي، جلايي” أما المجموعات غير الإيرانية فقد تم تقسيمها هي الأخرى إلى ست مجموعات هي “الأفشار والبيات والدنبلي، القاجار والقجر، الشقاقي، الزنكة، القراكوزلو، الشاهسيفيان”.
ظهرت تقسيمات عدة فيما بعد من جانب علماء إيران وكذلك فعل المستشرقون الغربيون، وذلك بناءً على اعتبارات عدة أكثر تعقيدًا من التقسيم السابق.
حياة القبائل
للقبائل الإيرانية أصول عدة، منها ما استمرت على أصلها ومنها ما تم اختلاطه مع الإيرانيين وصار فيما بعد إيرانيًا، أما حياة هذه القبائل فإنها تقسم لطريقتين طريقة الحياة المستقرة، والحياة المتنقلة، وغالبًا ترتبط حياة التنقل بالقبائل التي ترعى الحيوانات، فهم يبحثون دائمًا عن المناطق الدافئة أو المليئة بالعشب والكلأ من أجل إطعام حيواناتهم، بينما تسكن قبائل أخرى داخل القرى لتقيم المنازل بدلًا من الخيام، وتمتهن هذه القبائل الزراعة بشكل خاص، وهي تعد النوع الذي حافظ على نظامه القبلي حتى عصرنا الحالي.
وقد مرت القبائل بعدة تطورات خلال العصور المختلفة، وذلك نتيجة للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية داخل إيران، الأمر الذي قلل العشائر الرحل في إيران بشكل خاص خلال القرنيين الماضيين، وتعد أهم الأنشطة بعد الزراعة والرعي داخل هذه القرى هي الصناعات اليدوية التي تبرع فيها النساء غالبًا.
كما يتم تقسيم أماكن الرعي الخاصة بكل قبيلة بتحديم متقن، وذلك كي لا تدخل قبيلة في منطقة قبيلة أخرى، لذا عند هجرة القبائل تهاجر كل قبيلة في المربع المتفق عليه، بينما تقوم كل قبيلة بتربية الحيوانات التي تتناسب مع خصائص المكان الإقليمية، لذا صارت كل قبيلة تعرف بتربية حيوانات بعينها، وتعد هذه المهن هي عماد الاقتصاد الخاص بهذه القبائل، حيث تؤمن هذه الأعمال استهلاك القبائل، بالإضافة إلى تبادل السلع بين القبائل المختلفة للحصول على كل الاحتياجات اللازمة.
مساكن القبائل
كما ذكرنا هناك نوعين من المساكن، أحدهما ثابت والآخر متنقل، ومن أجل التنقل تنصب الخيم لسهولة حملها وتركيبها في المكان الجديد، وتصنع الخيام السوداء من وبر الماعز أو صوف الجمال، وذلك لمنع البرودة والمطر في الشتاء، ومنع الحرارة الشديدة في الصيف، وتستخدم القبائل خيام ذات شكل مستطيل أو على شكل نصف كرة، وهو شكل لم يتغير بتغير السنوات.
كما يتم تثبيت الخيم بالحلقات والمسامير الخشبية والحبال المصنوعة بالصوف لتثبيتها، وتقوم بعض القبائل ببناء سور من البوص أو القصب حول الخيمة، لحمايتها وسترها، غير أنها تزيلها في أوقات الصيف الشديدة من أجل مزيد من الهواء.
أما البيوت الدائمة التي بنتها القبائل فتتنوع كل منها بحسب المواد المستخدمة والغالبة في المنطقة، فالبيوت في المناطق الجبلية يتم بنائها بالحجارة، مع تسقيف السطح، أما منازل الصحراء فهي تبنى من الطوب اللبن وتبنى أسقفها على شكل قبة، أما المناطق الممطرة فتبنى بالخشب والحصير، ويبنى السقف مائلًا.
توزيع المهام
يتم تقسيم المهام بين الرجل والمرأة داخل القبائل بشكل متقن، حيث يعمل الطرفان، الرجال في إنتاج البضائع والنساء في تعمل لصالح الأسرة، و لا يتدخل طرف في شئون الطرف الآخرن، وإن كان هناك بعض المشاركات للنساء في أعمال الرجال، لكنها مشاركات لا تحتاج قوة بدنية كبيرة، وذلك مثل جني المحاصيل وجمع الصوف، وضرب الخيام وجمعها، وربط الأحمال وفكها.
كما أن هناك بعض من الأعمال خاصة بالنساء فقط مثل حلب لبن الماشية وصناعة منتجات الألبان، أما الرجال فيقومون بالصيد والقتال والرعي والبناء وتربية الماشية ودباغة الجلود، في حين يقوم الصبية من الجنسين برعي الأغنام وتربية الطيور، وجلب الماء والحطب، أما شيوخ القبيلة فمسئوليتهم المشاورة في الأمور السياسية والاجتماعية وحل النزاعات.