يرصد كتاب «صورة العرب في الأدب الفارسي الحديث» لجويا بلندل والذي ترجمه “صخر الحاج حسين، ومحمد ألتنجي” صورة العربي باعتبارها جانب من جوانب مسألة تعريف الذات الإيرانية نفسها بمصطلحات العربي، إلى جانب تقديم الكتاب قراءة للنصوص الأدبية الإيرانية، ويعالج هذه النصوص في سياقيها الأدبي والاجتماعي، بوصفها أكثر الجوانب تعبيرًا عن فكرته الأساسية.
تعريف الذات كانطلاقة
في الفصل الأول يحاول الكتاب أن يناقش مسألة “تعريف الذات” ودور الأدب في القيام بهذه المهمة، خاصة بسبب التخبط الذ نال من الإيرانيين بشأن هذه المسألة خصيصًا، فالهوية التي لم يكن لها تعريفًا ثابتًا أثرت بشكل كبير على نظر الإيرانيون لأنفسهم، وللآخر العربي والغربي أيضًان ثم يلقي الضوء على إيران نفسها كدولة متعددة الإثنيات، فعلى الصعيد الديموغرافي إيران عبارة عن دائرتين الأولى هي دائرة الفرس، والثانية هي دائرة الجماعات الأخرى، وهي جماعات كثيرة ومتنوعة داخل إيران مثل “الأكراد والأدريون والأتراك والتركمان واللور والبلوش وأخيرًا العرب” الأمر الذي يلقي بآثاره على عديد من النتائج المترتبة على هذا التمايز مثل اللغة.
في الوقت نفسه يقوم الكتاب بتوضيح بداية النزعة القومية الإيرانية عندما وجد الإيرانيون أنهم يتخلفون عن ركب الحضارة العالمية بشكل ملحوظ بالنسبة لهم، خاصة مع بداية القرن التاسع عشر مرورًا بالقرن العشرين، كما يبحث أيضًا في العلاقة القائمة بين العرب والإيرانيين، بداية من أزمة التعريف، والأفكار المسبقة من كل طرف ناحية آخر، إضافة إلى التأثير والتبادل بين الطرفين، وأهمية وجود العرب داخل إيران، خاصة مع دخول الإسلام.
نماذج من كتاب
وداخل الفصلين الثاني والثالث، المعنوين باسم “كتابات الرجال: آراء الرجال) و (كتابات النساء: آراء النساء) يعرض الكتاب فيهما الروايات الفارسية والقصص القصيرة والمقالات والقصائد التي كتبها أدباء إيران في القرن العشرين، وذلك بمصطلحات صورة العربي التي تتضح لديهم، مع تأكيدهم على أدب المرحلة البهلوية الذي كان بين عامي “1921 و 1979) أي قبل الثورة الإسلامية في إيران.
ومن أهم الأعمال التي ركز عليها الفصل الثاني كانت أعمال تخص كتاب مثل “الكاتب النثري وصاحب المقالات محمد علي جمال زادة وصادق هدايت الذي يعد أشهر كتاب إيران وكذلك القاص والروائي صادق جوباك ووالشاعران مهدي أخوان ساليس ونادر نادربور” في حين يركز الفصل الثالث على كاتبات أبرزهن “الشاعرة فروغ فرخ زادة و طاهره سفرزاده و القاصة الروائية سيمين دانش فشار”، ويوضح الكتاب أنه في الوقت الذي تختلف فيه الكتابات النسائية عن كتابات الرجال، فهناك أيضًا بعض الخلافات التي جاءت بين هذه الأعمال وبعضها.
في حين يناقش الفصل الرابع، والذي جاء بعنوان “رجل في الوسط” أعمال جلال الدين أحمد، الذي حاول أن يتخذ موقفًا وسطيًا بين هذه الكتابات، كما يعد جلال كاتبًا نثريًا هامًا، إضافة إلى كونه الانقد الاجتماعي الأكثر أهمية في إيران من أواخر الخمسينات حتى وفاته، حيث كتب ليس دفاعًا عن وجهة نظر جامدة، بل من أجل طرح الأسئلة في المقام الأول.
نتائج
وأخيرًا، في الفصل الخامس، وهو خاتمة الكتاب يقوم الكاتب برصد النتائج التي توصل إليها، كما يحاول فهم التطابف في رؤية العربي لدى الكتاب الرجال واختلافه عن رؤية الكاتبات النساء من خلال النماذج التي سبق وعرضها، ويقترح عدة سبل لدراسة الهوية الإيرانية عن طريق دراسة تمرد الأدب الفارسي وجموده.