كل حدث في حياتك يمكن أن يكون نقطة البداية أو نهاية المشوار. أنت فقط من تحدد هل ستجتهد لتجعلها نقطة ارتكاز للانطلاق من جديد أم العكس، وهذا ما حدث في حياة بعض لاعبي كرة القدم، فالسجن بالنسبة لمن يمتهن هذه الرياضة يعني نهاية حتمية لمشواره الكروي وباب رزقه الوحيد، ولكن في حالة هؤلاء كان الأمر مختلفًا بعض الشيء وكانت ليست سوى مرحلة أو جرس الإنذار الذي انتبهوا له جيدًا وأعادوا المسار إلى نصابه الحديث.
الطليان مروا من هنا
وفي قصص لاعبي كرة القدم الإيطاليين بالأخص كثيرًا من الأدلة على ذلك، يأتي في مقدمتها بالطبع قصة اللاعب “باولو روسي”، فقبل كأس العالم نسخة إسبانيا لعام 1982 قام رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك بزيارة معسكر المنتخب الإيطالي وأبلغ المدير الفني للمنتخب أنه مستعد لتقديم أي شيء للفريق شرط أن يحصد لقب البطولة العالمية، فصدم المدير الفني الجميع بإجابته وطالبه بإصدار عفو عن المهاجم الايطالي “باولو روسي” الذي كان وقتها يقضي عقوبة داخل أحد السجون تصل إلى 3 سنوات بتهمة التلاعب بنتائج الدوري الايطالي.
وحينها سخرت الصحافة الإيطالية من الطلب الغريب لمدرب المنتخب الإيطالي لكن رئيس الوزراء كان له رأي مغاير فالبفعل وافق على إصدار العفو وخرج “روسي” من السجن ومثل منتخب بلاده بنهائيات البطولة.
ولا تنتهي دارما هذه القصة عند هذا الحد فما حدث بمباريات منتخب الأزوري بالبطولة العالمية كان أكثر درامية، فاللاعب الايطالي لم يحالفه التوفيق في المباريات الأولى للفريق وبدأت الاتهامات تطوله وتطول مدربه بحجة أن الفترة التي قضاها داخل السجن أثرت على مستواه بشكل كبير، وهذه بالتأكيد النهاية الحزينة لمسيرة لاعب كان يتوقع له أن يقدم للساحرة المستديرة أكثر بكثير مما وصل اليه.
ولكن ما حدث بعد الدور الأول والثاني من العرس المونديالي وبالتحديد في مبارة ربع النهائي التي جمعت منتخبه ومنتخب البرازيل أكدت أن هذا اللاعب خرج من السجن ليسطر التاريخ لإيطاليا بفضل أهدافه الثلاث في هذه المباراة، حيث تخطيت إيطاليا البرازيل المرشحة الأولى للقبل في ذلك التوقيت وصعدت إلى مباراة نصف النهائي لتوجه المنتخب البولني، ويأتي مجددًا ويحرز هدفين يضمنان الفوز لمنتخبه ويصعد بهما إلى نهائي البطولة كما يحرز مجددًا ضد المنتخب الألماني ويضمن اللقب لمنتخبه أولًا وثانيًا لقب هداف البطولة.
ما حققه “روسي” لمنتخب بلاده كان بمثابة الإنجاز وقصة جيدة ستروى للأطفال مستقبلًا، إلى جاني حصوله على تقدير الجميع لدرجة أن رئيس الوزراء الإيطالي عرض عليه أن يحمل لقب رئيس وزراء البلاد لمدة يوم تكريمًا لما قدمه على غير المتوقع، ولكنه رفض وقتها وطالبه بإصدار عفو عن باقي من في السجون.
ولأن الواقع دائمًا ما يبهرنا بقصص نظن في بعض الأحيان أنها ضربًا من الخيال، فبعد ثمان سنوات فقط من حكاية “روسي”، جاء لاعب إيطالي آخر ليكرر نفس القصة بكل مشاهدها، ونتحدث هنا “سالفوتوري توتو سكيلاتشي”، فالسجن هنا أيضًا موجود وكأس العالم هي أيضا الحاضنة للأحداث ولقب الهداف كذلك موجود، ولكن الاختلاف يكمن في أن “اسكيلاتشي” كان قد خرج من السجن قبل فترة من استدعائه للمنتخب الإيطالي بعد أن قضى عقوبة سنتين بسبب إحدى التهم الاخلاقية، غير أن إيطاليا لم تتوج باللقب في النهاية بعد مجهوداته.
فعلى منوال بيزورت حينما استدعى روسي، قام المدير الفني للمنتخب الايطالي وقتها أزيليو فيتشيني بنفس المغامرة واستدعى المهاجم المغمور الذي لا يملك في سيرته الذاتيه سوى مباراة دولية وحيدة وسجن عامين، ووقتها أيضًا كل التوقعات أكدت أن سيلاتشي إذا وفقه الحظ فإنه لن يكون إلا بديلًا طيلة عمر البطولة.
وبالفعل بدء البطولة على مقاعد البدلاء، ولكنه نزل إلى أرضية الميدان سريعًا خلال المبارة الأولى لمنتخب بلاده ضد النمسا وبالتحديد في الشوط الثاني وكان التعادل السلبي يسطير على المبارة وقتها، ولكن مع نزول الإيطالي تبدل الأمر واستغل احدى الكرات الطولية وأحرز هذف الاول والأخير في تلك المبارة مهديًا نقاط المباراة الثلاثة لمنتخب بلاده.
وبعدها توالت مشاركات “اسكيلاتشي” بالتشكيلة الرئيسية لمنتخب بلاده ليشكل ثنائية مرعبة لجميع المنتخبات بينه وبين أسطورة الكرة الايطالية “روبرتو باجو” ساهمت بشكل كبير في حصول الأزوزري على المركز الثالث بالبطولة وحصد “اسكيلتشي” للقب هداف البطولة.
نجم الأرسنال
مسيرة رائعة يحظى بها اللاعب الإنجليزي “توني إلكساندر آدامز” مع ناديه أرسنال ومنتخب بلاده، ولكن ما لا يعرفه البعض أن نجم الأرسنال أودع بالسجن لمدة 6 شهور، بعدما حطم سور حديقته بسيارته التي كان يقودها مخمورًا.
وفي الوقت الذي كان يظن الكثيرون أن اللاعب ينهي مسيرته الكروية نهاية ليست بالسعيدة خاصة في ظل المنافسة التي كان يلاقيها في فريقه من قبل العديد من اللاعبين الطامعين في مركزه بالتشكيلة الأساسية للفريق، امتثل ادامز للعقوبة وأظهر مرونته في تحويل الصعاب إلى قصص نجاح ليخرج بعد نصف العقوبة فقط لحسن سيره وسلوكه داخل السجن، ويخرج ليحجز لنفسه مكانًا بالتشكيلة الرئيسة لمدربه الفرنسي “أرسين فينجر” من جديد، ويقدم معه موسمًا أكثر من رائع ساعد أرسنال وقتها في تحقيق ثنائية الدوري الإنجليزي وكأس الاتحاد الانجليزي.
يوم واحد يكفي
واستمرار مع لاعبي الدوري الإنجليزي الأشهر والأقوى عالميًا فأسطورة نادي “مانشتر يونايتد” أحد أشهر من ارتدى الرقم 7 بالفريق اللاعب “إيريك كانتونا” يمتلك في تاريخه المليء بالأحداث قصة مشابهة، فالجميع كان يعلم عصبيته المفرطة التي لا يستطيع التحكم بها، وكانت سببًا في إيداعه بالسجن لمدة أسبوعين قضى منها يوم واحد فقط بالسجن على إثر اعتدائه على أحد مشجعي نادي “كريستال بالاس” بإحدى المباريات التي جمعت الفريقين.
لكن يبدو أن هذا اليوم كان كفيل ليعلم ملك مانستر كما يلقبه الجمهور الانضباط والتحكم بعصبيته، فمن بعدها التزم مع فريقه بصورة غير المعتادة وساهم ذلك في تحقيق مانشستر الكثير من الألقاب على المستوى المحلي والقاري أيضًا.
قصة إسلام أبو حمزة
في الوقت الذي كان ينتظره عقد من نادي تشيلسي الانجليزي غامر اللاعب الجاميكي “مارلون كينج” بمستقبله الكروي ولم يكبح جماحه بإحدى الملاهي الليلية، وتسبب ضربه لفتاة بكسر أنفها، ليودع بعدها في السجن، مما جعل الجميع وقتها يظن أن إيداع هذا المشاغب بالسجن لن يخلق منه سوى مجرمًا خطيرًا، ولكن ما حدث داخل جدرانه كان غير ذلك.
فوفقًا لصحيفة الديلي ميل البريطانية فإن اللاعب الجاميكي اعتنق ديانة الإسلام داخل السجن وسمى نفسه أبو حمزة طارق، وغير من سلوكه المتعارف عنه 180 درجة، وبعد خروجه من السجن التفت إلى مسيرته الكروية ولعب في عدة أندية إنجليزيه أشهرها هال سيتي واتفورد ونوتنيجها فورست حتى اعتزل عام 2013.