ضربت حالة الاحتقان السياسي والاستنفار الأمني، في طهران إلى التأثير بالسلب على العملة الإيرانية التي هبطت إلى أدنى مستوياتها أمام الدولار، حيث شهدت أسواق العملة يوم الأحد، هبوطا حادا وتاريخيا للتومان الإيرانى، حيث وصل سعر الدولار الواحد 4800 تومان، وذلك على خلفية التوتر مع الولايات المتحدة، حول تعديل الصفقة النووية المبرمة فى 2015.
وهناك عدة أسباب حددها خبراء في الاقتصاد لهبوط تلك العملة، أبرزها الاحتجاجات الإيرانية، فضلا عن ضعف القيمة الشرائية لـ«التومان» الإيراني من الأساس، وهروب المستثمرين والسيولة النقدية.
في البداية، نود أن نذكر بتاريخ العملة الإيرانية، والتي مرّت بطفرات وتغيُّرات عديدة في سعر الصرف منذ تسعينيات القرن الماضي، متأثرة بالطبيعة السياسية مع القوى الكبرى في العالَم، والحصار الاقتصادي الخانق الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية عليها منذ التسعينيات، وتبعه حصار دولي مع بدايات الألفية الثانية، ثم عقوبات غربية مغلَّظة منذ 2012 على أثر تطويرها برنامجها النووي، وكان أعمقها تأثيرًا هو فرض الحظر على الصادرات النِّفْطية، عصب الاقتصاد الإيراني والمصدر شبه الكُلِّيّ للعملة الأجنبية، بعد حصار أمريكي دام سنوات طويلة. ومع كل أزمة من الأزمات السابقة يتأثّر سعر صرف العملة الإيرانية أمام الدولار وباقي العملات الأجنبية.
كان قد رئيس حذر البنك المركزى الإيرانى ولى الله سيف الأسبوع الماضى من شراء العملة، كما اعتبر الرئيس حسن روحانى الأسبوع الماضى أيضا أن تقلبات سعر العملة لن تستمر طويلا.
وقررت إيران، في يوليو 2017، اعتماد التومان كعملة رئيسية في البلاد، بدلًا عن الريال، الذي أنهت التعامل به خلال اجتماع مجلس الوزراء.
ويساوي التومان عشرة ريالات، وأصبح آنذاك سعر صرف العملة الجديدة أمام الدولار الأمريكي 3266.8 بدلًا من 32668، أي أن القرار الجديد يلغي صفرًا واحدًا في العملة.
العلاقات السياسية
الدكتور فخري الفقي الخبير الاقتصادي، ومستشار صندوق النقد الدولي، قال في تصريح لـ«إيران خانة»:«إن تراجع العملة الإيرانية مرتبط بشكل كبير مع الأزمة الحالية و العلاقات السياسية مع الغرب على مدار عقود من الزمن أدّت إلى حصار تجاري دام طويلًا، وازادت حدة الأزمة بداية من عام 2012 مع حظر الصادرات النفطية، المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية في إيران».
وكانت المظاهرات اندلعت الخميس، 28 كانون الأول، في مدينة مشهد، احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية وتدخل إيران في شؤون الدول الإقليمية التي أفقرت الشعب، بحسب شعارات المتظاهرين.
الهروب من الاستثمار
السبب الثاني، حسب الفقي، ينمثل في استمرار تجميد أصول طهران في الخارج، والتي تصل إلى 125 مليار دولار، الأمر الذي يدفع كل المستثمرين إلى الهروب من الاستثمار في السوق الإيرانية خوفا من الخسائر المالية المتوقع حدوثها بنسبة كبيرة، نظرا لأن الاقتصاد الإيراني مرتبط بالفرمانات المحلية ولا يخضع بشكل كامل للقانون الاقتصادي الدولي
السوق الموازية
ويأتي تنامي دور السوق الموازية أو السوداء في إيران وعدم قدرة الحكومة على إحكام سيطرتها عليها، من ضمن أسباب تذبذب العملة المحلية، وفقا ما كشفه الخيبر المصرفي والاقتصادي، أحمد آدم، في حديثه لـ«إيران خانة».
وأضاف آدم، «هناك فارق كبير بين أسعار السوق الموازية و السوق الرسمية، جراء عدم مقدرة الحكومة على تلبية الطلب على العملة الأجنبية بشكل كافٍ، فيتوجه الطلب إلى السوق الموازية للإيفاء باحتياجاته من العملة ولكن بسعر أعلى من السعر الحكومي، ويصل الفارق إلى بين السعرين إلى نحو 20% أو أكثر في بعض الأحيان.
زيادة السيولة
ومن أبرز الأسباب أيضا، التي يوضحها آدم، هي ارتفاع نسبة السيولة النقدية في السنوات الأخيرة، دون غطاء نقدي و التي تطيح بالاستقرار المالي للدولة وترفع مستويات التضخُّم وتتراجع معها قيمة العملة مع الوقت، ففي شهر يونيو 2016 ارتفع حجم السيولة النقدية بـ29% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
القيود على التحويلات
وتعاني العملةا لإيرانية، من القيود والعراقيل المفروضة على التحويلات البنكية التي ما زالت موجودة عمليًّا حتى الآن وتؤثّر بدرجة ما على أسعار الصرف وترفع تكلفة الحصول على النقد الأجنبي ليرتفع سعره في النهاية.