في الوقت الذي تصاعدت فيه وتيرة الاحتجاجات الإيرانية، بحرق فروع للبنوك ومقرات لقوات «الباسيج»، بعد توقف التظاهرات في منتصف يناير الماضي، وخروج الألاف من المحتجين، في مدن كرج وتاكستان وأصفهان والأحواز وكرمانشاه وخرم أباد ومشهد ودهدشت. يضطر علي خامئني مرشد الثورة الإيرانية إلى مغادرة مقره الدائم بطهران إلى مكان سري.
وكانت تقارير صحفية إيرانية، أكدت أن «المرشد الأعلى للثورة علي خامئني، نقلته مروحية من مقر إقائمته الدائم بشكل سري».
وقال موقع «آمد نيوز» المعارض، أن «خامنئي، انتقل من مقره الدائم إلى مكان آخر بشكل سري، في ظل تظاهرات شهدتها بعض المدن الإيرانية مساء الخميس».
وأشار إلى أن ما يعرف بـ«بيت المرشد» طلب من الحرس الثوري الإيراني تجهيز مروحية لنقل خامنئي، حيث وصلت الساعة الـ01:30 بتوقيت طهران إلى ساحة خامنئي، و«أقلعت إلى مكان مجهول بعد مرور نصف ساعة من هبوطها».
وينقل الموقع عن «خبراء أمنيين» لم يسمهم استبعادهم وجود علاقة بين وصول المروحية إلى «بيت المرشد» مع المظاهرات التي شهدتها بعض المناطق الإيرانية.
ورأى مراقبون أن هناك عدة أسباب لنقل خامئني من مقر إقامته سرا، نستعرضها لكم..
الاغتيال
ويأتي على رأس الأسباب، هو شبح الاغتيال الذي قد يتعرض له خامئني، باعتباره أكبر الخصوم للمحتجين الإيرانيين، حيث طالبوا بإسقاط ولاية الفقيه وإلغاء نظام الملالي في بلادهم، كما أن منزله في طهران قد يعرضه للخطر.
وقال محمد سعيد عبد المؤمن، الخيبر في الشؤون الإيرانية، في تصريح لـ«إيران خانة»:«إن هناك عدة أسباب منها تأمين مرشد الثورة الإيرانية من الاغتيال، فضلا عن نقله بعيدا عن حالة الاحتقان السياسي والتظاهرات التي لم تهدأ بل زادت حدتها وانتقلت من السلمية إلى العنف».
وتابع:«التعدي على مقرات لقوات الباسيج إشارة إلى أن هناك استعداد نفسي للمتظاهرين بنقل الاحتجاجات من حالتها الاعتيادية إلى حالة أكثر عنفا، ما ينذر بمواجهة مسلجة مع المتظاهرين ومن ثم سيكون هناك خطرا على حياة قادة إيران على رأسهم خامئني».
السرطان
السبب المحتمل الثاني، هو تأثير مرض السرطان على صحة خامئني، حيث كشفت تقارير صحفية، في يناير الماضي عن تدهور الحالة الصحية لمرشد النظام الإيراني علي خامنئي، ونقله إلى العناية المشددة بسبب إصابته بالسرطان وتفشي المرض في جسده خلال الفترة الماضية.
وفي هذه الصدد يقول محمد سعيد عبد المؤمن، الخبير في الشؤون الإيرانية:«إن هذا السبب هو الأرجه تدهور الحالة الصحية لخامئني والتي من الممكن أن تكون بداية بوادر انهيار السلطة الإيرانية، بالتزامن مع الانتفاضة التي يشهدها الشارع ضد السلطة.
وأشار إلى أن العديد من التيارات الإيرانية تحيط بالمرشد حاليًا، وتخطط للسيطرة على الحكم بعد وفاته، كما أن الوضع الاقتصادي ليس مستقرا، فضلًا عن أن المعارضة ترى أن موت خامئني من شأنه أن يکون بداية لهزة سياسية عنيفة في النظام.
وكانت تقارير إيرانية رسمية قد كشفت في وقت سابق عن إصابة علي خامنئي بمرض سرطان البروستاتا، والذي وصل إلى مراحل متقدمة، حيث تم نقله إلى المستشفى 16 يناير الجاري.
الصراع الداخلي
وهناك سبب ثالث، يتمثل في حالة الاختلاف بين شقي السلطة الإيرانية، المتمثل في تيار المحافظين ممثلا في الرئيس الإيراني، حسن روحاني، والتيار الديني المتمثل في المرشد الأعلى للنظام الإيراني علي خامنئي.
وكان روحاني، حذر «ضمنيا» من ملاقاة مصير الشاه بسبب «عدم سماع صوت الشعب»، مدافعا في الوقت نفسه عن حقبة الخميني المرشد الأول للنظام ( 1979-1989).
ووفقا لموقع الرئاسة الإيرانية، فإن #روحانى قال في كلمة له الأربعاء الماضي خلال احتفال بمناسبة الذكرى السنوية لانتصار الثورة الإيرانية، إنه «لا يمكن لأحد أن يمنع الناس من التعبير عن الآراء والانتقادات وحتى الاحتجاج».
وأضاف الرئيس الإيراني أن سبب انهيار النظام الملكي في إيران هو «عدم سماع صوت نقد الشعب».
وتأتي تصريحات روحاني تعليقاً على موقف #خامنئي الذي ربط الاحتجاجات بالخارج و«مؤامرات الأعداء»، حسب وصفه.
وكان خامنئي قد انتقد في تصريحات سابقة كلا من الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني والرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، قائلاً إن «أولئك الذين بيدهم إدارة البلاد وشؤونها التنفيذية اليوم أو أمس، ليس لديهم الحق في تولي دور المعارضة والمنافسين، بل يجب أن يتحملوا المسؤولية».
وفي وقت سابق حمّل روحاني التيار المتشدد الذي وصفه بأنه «يريد فرض رؤيته على جيل الشباب»، مسؤولية اندلاع المظاهرات الاحتجاجية الأخيرة، في تصريحات فسرت على أنها تأتي في إطار محاولته ركوب موجة الاحتجاجات بهدف تعزيز مكانته لدى المرشد لتمكنه من تنفيذ بعض وعوده الانتخابية.
وقال روحاني خلال اجتماع حكومي، وفي كلمة له بثت عبر التلفزيون الإيراني إن «أسباب اندلاع الأحداث الأخيرة تكمن في ابتعاد المسؤولين عن الجيل الشاب وفرض نمط حياة الأجيال السابقة للأجيال الحالية».
واعتبر روحاني أن من يعتبرون مطالب المتظاهرين بأنها «اقتصادية فقط» يهينون الشعب، حسب تعبيره.
كما أن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، قد سبق روحاني بانتقاد خامنئي خلال رسالة وجهها للمرشد، محذراً مما وصفه بـ «خطر سقوط النظام» على ضوء الاحتجاجات الأخيرة واستمرار الاستياء الشعبي والضغوط الاقتصادية والسياسية.
وكان الشيخ مهدي كروبي، الرئيس السابق للبرلمان الإيراني وأحد زعماء الحركة الخضراء المعارضة والخاضع للإقامة الجبرية منذ 7 سنوات، قد وجه الثلاثاء رسالة إلى المرشد الأعلى للنظام الإيراني علي خامنئي، هاجمه خلالها بشدة، وقال إن الاحتجاجات الشعبية الأخيرة جاءت بسبب الظلم والفساد وعدم تحمل خامنئي المسؤولية كمرشد للبلاد طيلة العقود الثلاثة الماضية.
وباتت الأجنحة المتصارعة داخل النظام الإيراني تحمل بعضها البعض مسؤولية اندلاع الاحتجاجات الشعبية في محاولة للهروب من استحقاقات الجماهير المتذمرة، بحسب مراقبين.