في الفيلم الذي حمل عنوان «عن إيلي» والذي عرض عام 2009، يحكي «أصغر فرهادي» قصة قد تبدو في بدايتها اعتيادية للغاية، ولكنه ينفذ من هذا الجانب كي يحكي قصته الأهم، التي تبدو على قدر بساطتها تحمل جانبًا كبيرًا من التعقيد، ذلك التعقيد الذي لا ندري به تجاه ذواتنا حتى نختبره.
جوائز
حصل فيلم about elly على العديد من الجوائز، إذ نال الفيلم جائزة أفضل سيناريو في “Asia Pacific Screen Awards”، بالإضافة إلى فوزه بجائزة التحكيم الخاصة بأفضل مخرج في ” Berlin International Film Festival “، و”Silver Berlin Bear”.
وهو ما دفع لعرض الفيلم في دول أخرى غير إيران، على قائمتها أمريكا، والتي رغم احتضانها لهوليوود، إلا أن أفلام “أصغر فرهادي” بشكل خاص تمثل قيمة حقيقية داخلها.
أحداث
تدور أحداث الفيلم حول عدد من الأصدقاء يقررون السفر لقضاء وقت الأجازة سويًا عند البحر، وهناك تقرر إحدى الأبطال “زبيدة” بإحضار مربية ابنتها “إيللي” لقضاء الأجازة معها، وذلك كي تقربها من صديقهم “أحمد” الذي كان يعيش في ألمانيا ومتزوجًا من ألمانية، ولكنهما انفصلا.
بعد وصولهم تطلب “إيللي” المغادرة نظرًالإصابة والدتها بأزمة قلبية وإيداعها داخل إحدى المستشفيات، إلا أن زبيدة تصر على أن تقضي “إيللي” الأيام الثلاثة معهم مما يدفعها لأن تخبئ حاجيات إيللي حتى تثنيها عن قرار الذهاب، تمكث إيللي معهم، لتطلب منها إحدى السيدات أن تراقب الأطفال، تقف إيللي لمتابعتهم، ولكن الطفلتين تجريان لآبائهن من أجل إخبارهم أن أخوهن في الماء، ينقذه الرجال، ويبقى السؤال المطروح “أين إيللي؟”
يختلف الأصدقاء، يبدو كل الشخصيات السعيدة التي لم تعكر صفوها الأحداث السيئة على حقيقتها عندما تقابل الأزمة، حتى زبيدة المفعمة بالحياة تختلف فيما بعد، حتى إيللي التي لم يعد لها وجود فعلي داخل الفيلم تختلف بالنسبة إلينا، فمن خلال رحلة البحث عنها، سواء في البحر أو في الأنحاء، تحمل هذه المحاولات عددًا من الأخبار بجانب الأسئلة التي تنبت من رحم هذه الإجابات القليلة، إذ تتكشف شيئًا فشيئًا، بسبب كل الكذبات التي حاكتها من قبل، وهو الأمر الذي يجعل الجميع يحاول معرفة أين الحقيقة على وجه التحديد!
كما أراد فرهادي
أراد فرهادي تقديم الصورة المتغيرة خلال فيلمه، إذ يقول خلال إحدى الحوارات معه “إنني أبين كيف يتصرف الناس عندما يواجهون موقفاً صعباً” هكذا ينطلق المخرج والكاتب من أجل أن يعرض فكرته، فالفيلم الذي يبدأ في البداية برحلة تنبئ عن أحداث سعيدة، سيتغير في المنتصف، وسنرى التغيرات الدرامية التي تنتاب كل الأبطال دون استثناء.
رغم كل ما يقدمه الفيلم، إلا أنه ليس مما يقدمه هو مفاتيح شخصياته، فلن ينتهي الفيلم وكل الأحداث معلومة، وكل أسئلتنا عن الشخصيات تم الإجابة عنها، وهو أمر لم يغفل عنه الفيلم، بل شىء أراد “فرهادي” تقديمه، فهو نفسه الذي يقول حول فيلمه “لم يعد الجمهور اليوم يتفرج على الفيلم بسلبية. إنه يريد هامشاً حراً يستطيع أن يملأه بتفسيراته وتأويلاته”، ذلك لأنه يؤمن أن جزء من الفيلم يتم إكماله في عقول مشاهديه، وهو الأمر الذي يؤكده بقوله “إنني أحكي – عن عمد – نصف الحكاية فقط. النصف الآخر ينشأ في رأس المشاهد.”
تصوير
اختار “فرهادي أبطاله بعناية، وهو ما جعل فيلم بسيط مثل “عن إيللي” يحوز كل هذه الجوائز، فقد قامت بدور “زبيدة” الممثلة “ترانه عليدوستي” وهي ممثلة عالمية ليست في إيران فقط، استطاعت أن تقوم بدورها بعناية، خاصة أنه يدور يحمل طابعين مختلفين الأول مرح والآخر مكتئب بعد اختفاء إيللي، بالإضافة إلى مجموعة من الممثلين الإيرانيين الكبار شهاب حسيني الذي أدى دور أحمد، ماني حقيقي الذي قام بدور أمير، ومريلا زارعي التي مثلت دور شوهريه، كذلك بيمان المعادي في دور بيمان.
أما ميزانية الفيلم فلم تكن كبيرة، حيث لم تتعدى الـ 350 ألف يورو، ومع ذلك حقق إيرادات كبيرة، كما أن مكان التصوير كان في الغالب مكان واحد، ومع قلة أماكن التصوير، استطاع فرهادي أن يخرج من الملل الذي يملأ الأفلام من هذه النوعية، خاصة من أجل حكايته التي استغرقت المشاهدين بعد النصف ساعة الأولى من الفيلم.