مع استمرار العالم في مناقشة موجة الاحتجاجات الإيرانية الأخيرة، “وعدم وجود القيادة” كما يدعون، والطريق نحو الأمام، ليس هناك شك لدى كبار المسؤولين في النظام الإيراني حول من قاد، ولا يزال يقود، هذه الانتفاضة الأخيرة التي لا تزال مستمرة في هز أركان حكم الملالي.
وجعل المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أفكاره واضحة وضوح الشمس.
وقال رغم أنه استخدم مصطلحا مختلفا، “تم تنظيم هذه الأحداث” وتنفيذها من قبل منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة. وأضاف، “لقد أعدت [منظمة مجاهدي خلق] لهذه الأحداث منذ شهو” و “وسائل الإعلام في منظمة مجاهدي خلق دعت إلى ذلك”.
وتشتهر منظمة مجاهدي بأنها أول من يبلغ الحقيقة بشأن برنامج إيران النووي السري في عام 2002 وزيادة الوعي حول البعد العسكري المحتمل لهذا النشاط، وهو موضوع بنتظار توضيحا كاملا.
والمثير للاهتمام هو كيف تعكس تصريحات خامنئي تصريحات الشخصيات الأمريكية المؤثرة.
وقال نيوت جينجريتش، رئيس مجلس النواب السابق وهو شخص قريب جدا من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى اجتماع “تغيير النظام فى إيران” والذي عقده مؤخرا المجلس الوطنى لمقاومة إيران والذى يتخذ من باريس مقرا له، وهو الائتلاف الإيراني المعارض الوحيد، “إن المقاومة تحدث فرقا”. ومنظمة مجاهدي خلق تعد عضوا في هذه مجموعة.
وأضاف جينجريتش في الوقت الذي انضم اليه السيناتور الديموقراطي السابق روبرت توريشلي، “إن منظمة مجاهدي خلق تحدث فرقا. ولا يساورني أدنى شك في أنكم، على المدى البعيد، على الجانب الصحيح من التاريخ. إن المقاومة تنسج قوة هائلة معا في كلا من الدولة والعالم في دعم حق الاعتقاد بانك تستطيع ان تكون حرا”.
يذكر أن توقعات مشاركتهم في دعم حزبين المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق في واشنطن، يعتبر نادرا في هذه الأيام.
وقال السناتور تورشيلي، في إشارة إلى مريم رجوي رئيس المجلس الوطني للمقاومة، “هذه هي بداية الثورة، والنظام الذي يبقى في السلطة عن طريق قتل شعبه أيامه معدودة، وعندما اتصل روحاني بالرئيس الفرنسي ماكرون وطلب منه أن يضغط على منظمة مجاهدي خلق، فقد اتضح شيئا، إن هذه ليست ثورة بدون زعيم. إن الزعيم جالس هنا”
وأضاف، “أنا لا أتفق مع خامنئي في شيء سوى شيء واحد، وهو أنه يحمل المسؤولية لمنظمة مجاهدي خلق أو منظمة مجاهدي الشعب الإيرانية ويوجه اللوم إلى السيدة رجوي. وهو محق في ذلك. وقد تم التنظيم على مدار سنوات، وقد تم إنشاء شبكة، من خلال عدم المساومة أبدا مع النظام أو يكونوا جزءا منه. وقد حافظت منظمة مجاهدي خلق والسيدة رجوي على مصداقيتهم. لذا عند تمييزه لمنظمة مجاهدي خلق والسيدة رجوي، فهو محق لأن بالنسبة لمنظمة مجاهدي خلق والمجتمع الدولي بأسره الذي يدعمها، نتوجه جميعا إلى خامنئي لإنهاء هذا الكابوس”.
لقد شهد تاريخ إيران من الانتفاضات وثورة 1979 على وجه التحديد صعودا وهبوطا. إن الحركة الحالية تمر بمرحلة مماثلة اليوم وأية ادعاء حول أن هذه الجولة من الاحتجاجات قد وصلت إلى نهايتها لا أساس له من الصحة.
وقالت رجوي في كلمتها: “أظهرت الانتفاضة أن المجتمع الإيراني في حالة انفجار، واضطراب بالإضافة إلى السخط، كما أظهرت أن النظام أضعف بكثير مما كان يلاحظ عليه. وأظهرت أن مليارات الدولارات المكتسبة بشكل مفاجيء من الاتفاق النووي لم تفعل شيئا لعلاج حالة عدم استقرار النظام. وأخيرا، أظهرت الانتفاضة أن شعب إيران يكره فصائل النظام ويريد الإطاحة به بالكامل”.
وبدعوة من العديد من المجموعات البرلمانية، واصلت رجوى جهودها يوم الاربعاء فى البرلمان الأوروبى بدعوة القارة الخضراء للخروج عن صمتها الخطير فى مواجهة الاحتجاجات الجارية فى ايران، ولجوء النظام الى العديد من اجراءات القمع.
جدير بالذكر أن خامنئي يدرك تهديد المعارضة الإيرانية ولا يضيع الوقت في تحديد المصادر الرئيسية لورطات نظامه التي تدعم وتوجه عمليات الاحتجاج الأخيرة. وعلى مدار عقود، قام اللوبي المؤيد لنظام إيران والذي يتخذ من الغرب مقرا له، بالتعبير عن كل مافي وسعهم من اشمئزاز، خاصة فيما يتعلق بمجاهدي خلق.
ونشر موقع لوبيلوج مقالا نُشر لاحقا من قبل موقع إيران إنتيرلينج، والذي يقال أنه يدار من قبل عملاء معروفون من وزارة الاستخبارات الإيرانية لشيطنة قراءات المعارضة الإيرانية، أن التجمعات التي نظمت في الخارج مؤخرا تضامنا مع المتظاهرين الإيرانيين “ينظمها مجموعة هامشية، شبه طائفية”، في إشارة إلى منظمة مجاهدي خلق.
وبهذا اللجوء إلى الصحافة الصفراء، لم يذكر المقال حقيقة أنه لم يكن هناك أي تحالف أو مجموعة إيرانية أخرى قادرة على عقد مثل هذه التجمعات المنظمة، ورفض مناقشة حملة المجلس الوطني للمقاومة التي تدعو إلى اتخاذ إجراءات دولية للضغط على طهران لإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، وخاصة المحتجزون مؤخرا والذين يفوق عددهم الـ 8 آلاف.
وحقيقة أن هذه الأصوات تنفخ أبواقها حرفيا في هذا الصدد لا تثير الدهشة فحسب، بل تضعنا أمام السؤال عن السبب؟
إن الجواب بسيط. ويتمثل في أن النظام الإيراني يواجه مأزقا كبيرا، ويشعر بضغوط متزايدة بسبب المعارضة الداخلية والعزلة الدولية.
وردا على انذار ترامب الأخير الذى مدته 120 يوما لتحسين الاتفاق النووى الإيرانى بعد التنازل عن فرض العقوبات “للمرة الاخيرة”، تبحث فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة تدابير تستهدف برنامج إيران للصواريخ الباليستية والتدخل فى دول الشرق الاوسط.
وأكثر من أي وقت مضى، أبدى الشعب الإيراني استعداده للتغيير الديمقراطي. وقد آن الأوان للحكومات التي تتبع سياسات التهدئة مع النظام الإيراني اتخاذ نهجا جديدا.
ويجب على واشنطن وأوروبا أن يقودا المجتمع العالمي نحو تقديم الدعم للشعب الإيراني والاعتراف بالمعارضة الإيرانية المتمثلة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في دعوتها لتغيير النظام وانتخاب حكومة تمثيلية.
يذكر أن الشعب الإيراني قد تحدث ولا يزال يثبت مطالبته المشروعة بتغيير النظام للترحيب بجمهورية ديمقراطية وعلمانية. وينبغي لتلك البلدان التي تواصل استرضائها لطهران أن تضع جانبا المصالح التي لا يمكن الاعتماد عليها على المدى القصير وتبدأ في التفكير في مصالحها طويلة الأجل.
وكتب “باسكال كوقويز” الفرنسي مؤخرا في مقالة افتتاحية يصف الاحتجاجات الأخيرة بأنها “بركان”.
وأضاف، “عندما تندلع، لم يعد من الممكن احتواؤها، وقد تنخفض شدة النيران، لكنها ستستمر في الاندلاع. للأبد.
يذكر أن خامنئي لديه مخاوف حقيقية من المجلس الوطني للمقاومة، لكونه أكبر تحالف للمعارضة الإيرانية يتمتع بدعم ساحق على جانبي الأطلسي، وله صلات متجذرة بشبكة واسعة من المؤيدين داخل البلاد. وقد وفر ذلك الوسائل اللازمة للمجلس الوطني للمقاومة لكي يصبح القوة الرائدة في تغيير النظام بمخطط واضح لمستقبل ديمقراطي لإيران.
وفيما يتعلق بهذا الموضوع الحتمي للغاية، يجب أن نستمع بشكل فعلي إلى كلمات خامنئي.