بدأت موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة فى ايران فى نهاية ديسمبر بأحد المعاقل المحافظة بالبلاد وهى المدينة الثانية مشهد. وهي موقع ضريح الإمام الرضا الذي يستقطب أكثر من 20 مليون من الحجاج الشيعة سنويا، وتضخم عدد سكان المدينة ليصل إلى حوالي 3 ملايين في السنوات الأخيرة.
وقد تردد أن المنافسين المتشددين للرئيس الإصلاحي الإيراني حسن روحاني قاموا بتنظيم مظاهرات في الشوارع من قاعدتهم القومية والدينية مشهد. ويعتقد عازار تشاكور، وهو عالم اجتماع حضري عمره 50 عاما، حيث وقام والده بالحج إلى المدينة والدراسة في وقت لاحق هناك، أن هذا يقلل من شأن الفجوة الاجتماعية الآخذة في الاتساع.
ارتفاع نسبة عدم المساواة
وهناك نخبة يرتبط العديد منها بمؤسسة أستان قدس الخيرية التي تدير الضريح، ويستفيدون من مجموعة من الفنادق الفاخرة والتطورات في المنطقة المحيطة بالموقع المقدس. وقال تشاكور، “إن معدل التغير السريع قد أكد على عدم المساواة”. وأضاف، “يمكن للناس أن يروا كلا من عملية التسويق، وتراكم رأس المال، وربما الاختلاس. ولكن هذا النوع من التنمية الاقتصادية يعتبر نعيم بالنسبة للمحافظين الذين يديرون المدينة”.
وبالنسبة للفقراء الريفيين الذين يتوافدون إلى مشهد كحجاج وكثير منهم يقدمون القوة العاملة، فإن هذه الثراء في مكان مقدس قد يبدو نفاقا. ويقول تشاكور، “الكثيرون متدينون، ويلاحظون عدم المساواة في الحياة اليومية”. وأضاف “لذلك لا اعتقد أن هذه هي نهاية الاحتجاجات”.
مشهد في أرقام
598,657 متر مربع – حجم مزار الإمام رضا، وهو أكبر مسجد في العالم حسب المساحة.
55٪ من الفنادق الإيرانية في مشهد.
90٪ من الزعفران في العالم يأتي من إيران.
التاريخ في 100 كلمة
يذكر أن الإمام رضا قتل مسموما في عام 818، ووضع قرية خراسان الصحراوية الصغيرة على خريطة الحج. وازدادت البازارات ووسائل الراحة لتلبية حاجة المصلين في مقر ضريح الامام، و أصبحت مشهد (بمعنى “مكان الاستشهاد” في اللغة العربية) مدينة ملحوظة من قبل الغزو المغولي في القرن الثالث عشر. وقد طمع الأوزبكيون في هذا المركز الديني المتسع بما فيه الكفاية ليحتلوه خلال القرن السادس عشر، لكنه عاد إلى أيدي الفارسيين حينما جعلها الأفشاري القوي نادر شاه عاصمة له. وبدأت العديد من السلالات في عهد رضا شاه بإدخال الحداثة على مشهد في أوائل القرن العشرين، حيث تم إدخال أول محطة توليد للكهرباء والحافلات وتعداد رسمي للسكان، الذي وصل إلى 76,471 شخص. وقد انفجرت منذ ذلك الحين.
ثقافة فرعية رئيسية
إن أرستوقراطية الإمام الثامن أبعدت الإيرانيين العاديين عن ديمغرافية الحج، ويقول تشاكور، “الناس من القرى والمدن الصغيرة لا يجدون أماكن مناسبة للإقامة. إنهم لا يستخدمون هذه الفنادق كثيرا، وذلك لأنها مكلفة للغاية. وكانوا يذهبون إلى منازل صغيرة جدا في ممرات ضيقة “. وحتى مع التحول الأخير إلى تقديم الطعام للحجاج الدوليين، فإن إشغال الفنادق، الذي قيل أنه وصل حاليا إلى 20٪، أصبح مشكلة.
ومع التوترات الأخيرة مع المملكة العربية السعودية وزيادة خفض عدد الزوار الأجانب، أصبح اعتماد المدينة على السياحة الدينية واضحا بشكل مؤلم. وبالتالي غير مرجح أن يكون هناك حركة تعطي الحجاج مزيد من الأسباب ليهيموا حول مدينة مشهد. وأصبحت المدينة معروفة بالملاهي المائية العديدة، بالنسبة لأولئك الذين يحبون متابعة الوضوء بمسابقة للتزلق على الماء. ويقول تشاكور، “كحاج، تحتاج فقط للذهاب مرة أو مرتين إلى الضريح. بعد ذلك سيكون لديك الكثير من وقت الفراغ. لذا فالممارسات الدينية والترفيهية مرتبطة ببعضها البعض هنا”.
كيف تكون مشهد ملائمة للمعيشة؟
يتزايد الحرمان، خارج حي “الأقليات الغني”، بشكل مثير للقلق. وقد أدى النمو الهائل الذي شهدته مشهد، والذي تجاوز الحد الأقصى البالغ 22000 هكتار الذي وضع في خطتها الشاملة لعام 1995 بنحو الثلث، إلى جعلها عرضة بشكل خاص إلى انتشار الأحياء الفقيرة. ويعتقد أن ما يصل إلى 33٪ من سكان المدينة مكتظين في 22٪ من مساحة أراضيها. ويعتقد البعض أن النسبة سترتفع إلى الثلثين في السنوات المقبلة.
وبالنسبة لأولئك الذين يعيشون في المناطق، والبنية التحتية وتوفير الخدمات الأكثر فقرا بمشهد، يوجدون على بعد ميل من طريق السير، حيث أن 800,000 في أحيائها الـ 42 “المهمشة” لديهم أمكانية وصول إلى مستشفى واحد، وفي بعض الأماكن يمكن لـ 16,000 الوصول إلى صيدلية واحدة. وبجانب أوقات التنقل الطويلة إلى أعمال البناء غير الرسمية في المركز، وصلت أسباب الاضطرابات المدنية إلى نقطة تمركز واضحو. ويقول تشاكور، “هناك شعور بالإحباط واليأس. وأضاف، “لك أن تتخيل الشاب الذي يريد أن يبدأ حياته المهنية في هذه المدينة، ولا يمكنه سوى الحصول على وظائف مؤقتة وغير مستقرة”.
داخل رواق المدينة
يذكر أن آستان قدس رضوي، التي تمتلك 43٪ من أراضي المدينة ولها سلطة كالفاتيكان في الضريح، تقوم أحيانا بممارسة قوتها بأسلوب غامض في مشهد. ومن الأمثلة على ذلك وجود مشاحنة مع السلطات المدنية في عام 2011 حول برنامج الفن العام الذي تم زركشته حول المدينة منذ الثورة.
وفي يونيه من ذلك العام، تم بين عشية وضحاها تبييض جدارية تبلغ مساحتها 200, 2 متر مربع تصور مشاهد من كتاب الشاهنامه، وقصيدة ملحمية للفردوسي (المرتبط بمشهد). وكان المشروع الذي تبلغ قيمته 000 30 دولار قيد العرض في ميدان فردوسي وبولفاد، والاثنين أماكن عامة، ولكن الجدران نفسها كانت مملوكة من لآستان القدس التي اعترضت على التماثيل العلمانية. وبعدم القدرة على تحدي القرار، أعادت البلدية رسم الجدارية في مكان آخر بعد عامين.
وكان للحراس الثوريون قولهم من خلال إنشاء جداريات شاهنامه الخاصة بهم على الجدران مقابل منشأة آستان القدس مباشرة. إن الفن العام وسيلة للمؤسسة وغيرها من الهيئات الدينية لتذكير السكان بالمباديء السماوية وقوتهم الدنيوية. ةيقول تشاكور، “يمكنك ملاحظة أنهم يحاولون الحفاظ على أخلاق المدينة عند مستوى بصري معين”.
ما هو القادم بالنسبة للمدينة؟
التفكير في غير الضريح وربط بقية المدينة بوسائل النقل العام الفعالة. وافتتح في عام 2011 خط مترو أول، يصل الغرب بالجنوب الشرقي (الأول في إيران للتوصيل إلى مطار)، وبدأت المرحلة الأولى من الخط الثاني في فبراير من العام الماضي. وتعمل آلات حفر الأنفاق حاليا على الخط الثالث، بالإضافة إلى فرعين آخرين وهناك نظام خط حديدي أحادي قيد النظر.
جدير بالذكر أن التمويل الصيني يغطي معظم خطوط الكهرباء الجديدة التي يبلغ حجمها 926 كيلومترا والتي ستربط بين مشهد وطهران بحلول أوائل 2020. وتعتبر هذه الخطوة مهمة بالنسبة لمبادرة “حزام واحد، طريق واحد” في الصين، وهي ليست مجرد طريق للحج الذي تنتمي إليه المدينة.