عادت أزمة الاتفاق النووي الإيراني إلى الطاولات السياسية الدولية خلال الأيام السابقة منذ اندلاع الاحتجاجات في طهران بداية من 28 ديسمبر 2017، الأمر الذي فتح الباب أمام التساؤلات عن أسباب عدم اتخاذ الولايات المتحدة الأمركية قرار بإلغاء الاتفاق النووي الإيراني.
ويسعى ترامب إلى تعديل الاتفاقية بإضافة بعض البنود مثل السماح بشكل تام لخبراء الأسلحة النووية التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالدخول إلى كافة المناطق العسكرية السرية الإيرانية التي تم رصد أنشطة نووية فيها وليس فقط المنشآت الإيرانية النووية الرسمية.
يذكر أنه بعد مفاوضات ماراثونية، بين إيران، والقوى العظمى بشأن البرنامج النووي الإيران، توصل الطرفان بفيينا، في يوليو من 2015، إلى اتفاق تاريخي نهائي، يقضي بتقييد البرنامج النووي الإيراني على المدى الطويل، مع وضع حد لتخصيب اليورانيوم لا يتجاوز عتبة 3.76 بالمئة.
وفي مقابل ذلك، تحصل إيران على رفع تدريجي للعقوبات الدولية المفروضة عليها، وهو رفع مشروط بمدى وفائها في التزاماتها في الاتفاق النووي.
مما يعني استمرار تجميد الأصول الإيرانية في الخارج لمدة ثماني سنوات، واستمرار حظر السفر على معظم الأفراد والهيئات التي شاركت في البرنامج النووي لمدة خمس سنوات.
أعطى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة، «فرصة أخيرة» للاتفاق النووي الإيراني، بالموافقة على استمرار تجميد العقوبات السابقة بموجب الاتفاق، لكنه قرر في الوقت نفسه فرض عقوبات جديدة مرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان وبرامج تطوير الصواريخ على 14 فردا وكيانا إيرانيين.
وأكد ترامب أن هذه هي «المرة الأخيرة» التي سيوافق فيها على قرار تجميد العقوبات بموجب الاتفاق النووي، إذ يحتاج القرار إلى تجديد الموافقة عليه كل 120 يوما. وقال: «رغم رغبتي الشديدة في الانسحاب من الاتفاق إلا أنني لم أفعل ذلك بعد، وحددت مسارين للتقدم: إما إصلاح الأخطاء الكارثية في الاتفاق أو ستنسحب منه الولايات المتحدة».
وحدد خبراء عدة أسباب تدفع أمريكا للتفكير جيدا قبل اتخاذا أي قرار
الصواريخ الباليستية
من جانبه، يؤكد الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولي، في تصريح لـ«إيران خانة»:«إن إلغاء الاتفاق النووي، يهدد الفكر الأمريكي، وسيصيبها بالقلق دوما خشية من تطوير إيران برنامج صواريخها الباليستية التي قد يصل مداها إلى 500 كيلومتراً، وهي النقطة التي يرغب ترامب في ضمها إلى الاتفاقية.
تهديد إسرائيل
وأضاف اللاوندي إلى أن الخطورة الكبيرة من الاتفاق النووي على أمريكا، هو تهديد «ابنتها الغير شرعية» إسرائيل، نظرا لما تمثله من عداء مع طهران.
مواجهة روسيا
وتأتي مواجهة روسيا، من أبرز المخاوف الروسية، حيث رأى الدكتور مدحت حماد، الخبير بالشأن الإيراني في تصريح لـ«إيران خانة»:« إن ترامب لن يجرؤ على إلغاء الاتفاق وإنما يريد إلقاء الكرة في ملعب الكونغرس، فبفرض انسحاب أمريكا من الاتفاقية فإن ذلك لن يجعل لا أوروبا ولا الصين ولا روسيا تنسحب منها وبذلك لن يكون لأمريكا حلفاء في هذا الموقف، كما أن باقي الأطراف ليس من المتوقع أن تشارك في أي عقوبات على طهران خصوصاً أن العديد من الشركات ولاسيما الألمانية تضررت كثيراً من وقف التعامل مع إيران التزاما بقرار العقوبات الاقتصادية».
واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أمس الجمعة، أن «الاتفاق النووي الإيراني سيكون غير قابل للاستمرار في حال قررت الولايات المتحدة الانسحاب منه، كما هدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب».
وقال لافروف في مؤتمر صحفي في مقر الامم المتحدة في نيويورك «لا يمكن المضي بهذا الاتفاق في حال قرر احد المشاركين فيه الانسحاب منه من طرف واحد».
وتابع «سينهار ولن يكون هناك اتفاق جديد”، قبل ان يضيف “اعتقد بان الجميع يعرفون ذلك».
غياب البدائل
وتابع:«الولايات المتحدة الأمريكية لن تجد بديل لإلغاء الاتفاق، لأنه حينها سيصل الأمر إلى فتح الباب أمام حل عسكري لاحقاً، وهو أمر ترى أوروبا أنه ليس من مصلحتها وكذلك الصين وروسيا وهي الأطراف التي ترى أن إيران ملتزمة بما ورد في الاتفاقية وتتعاون بشكل جيد في هذا الإطار».