يعد كتاب الأدب الفارسي الذي ترجمه “حسين مجيب المصري” ونشر في الهيئة المصرية العامة للكتاب من أهم الكتب التي أرخت الأدب الفارسي، وكتبه في الألمانية المستشرق الألماني باول هورن، ثم ترجمه عن العربية حسين مجيب المصري، تخرج من قسم الأدب العربي واللغات الشرقية، ويعد رائد الأدب الإسلامي المقارن في مصر والعالم العربي، كما التحق بقسم لغات الشعوب الإسلامية في معهد الدراسات الشرقية، وحصل على الدكتوراه منه، وصار أستاذًا جامعيًا، وتعد رسالة الدكتوراه الخاصة به أول درجة دكتوراه تمنحها جامعة القاهرة في الأدب التركي.
أما سبب اختيار المترجم لترجمة هذا الكتاب فقد أوضحه في البداية بسبب “فرط إعجاب بحسن التبويب وإمكان الأخذ منه في غير ماد للفكر ولا إعنات للرواية، كما راقني منه إشراق الدلالة في سهولة ويسر، واستيعاب المادة في جمع لشتيت أصولها وفروعها، على نحو يكون به الإدراك في عموم وشمول” ويقع الكتاب في نسخته العربية داخل فصلين وهي نفسالتقسيمة الألمانية التي اعتمدها كاتب الكاتب.
الأوستا
بعنوان “الأوستا” وهي كتابالزرادشتيين المقدس وهو يحتوي اليوم على خمسة أقسام هي “الونديداد – اليسنات – اليشتات – الخردة أوستا – الويسبرد” وهي الأجزاء التي بقيت بعد الفتح الإسلامي ثم ألحقت به أجزاء جديدة في عهد الملك أردشير الساساني، وقد اختار المؤلف “الأوستا” على وجه التحديد لأنها أقدم الكتب عند الفرس، والتي يغلب عليها الطابع الأدبي، مما أثر على الأدب الفارسي، كما يلقي المؤلف الضوء في نفس الفصل على الديانة الزرادشتية مقسمًا ومعرفًا كتابها المقدس، ومكزًا بشكل خاص على الفقرات التي تتمتع بلغة أدبية وخيال شاعري، مثل الأجزاء التي تكلمت عن الجنة والنار في عبارات تتميز بالخيال الشعري.
وأهم قسم في “الأوستا” هو “الكات ها” التي تعد جزء من اليسنات، والجاتات هي أناشيد منظومة مقفاة، يبلغ عددها سبعة عشر نشيدًا، وينسبها البعض إلى زرادشت نفسه، و تعد من الأعمال الغنائية لأن بها الكثير من العواطف الدينية، مما جعل العديد يقولون أن زردشت أول من قال الشعر من الفرس.
كما كان الأوستا هو الكتاب الأول الذي دون فيه القصص القومية والحماسية والأساطير الدينية وأقدمها، أماأهم جزء فيها هو “اليشتات” وهي التي فيها كثير من هذه القصص والملاحم، غيرأنه زيدت فيها بعض الكلمات الزائدة، التي فصلها الباحثون فيما بعد عندما اكتشفوها.
كما قدم المؤلف تأثير ذلك النص على الأدب الفارسي بعد الإسلام، خاصة في الشاهنامة التي كتبها الفردوسي في القرن الرابع هجري، وكتبت في ستين ألف بيت، وهذا التأثير من الأوستا على الشهنامة نجده في الأساطير والتاريخ وحتى في البناء العام للقصة وفي تفاصيلها أيضًا ، فالملك جمشيد هو “يمه” في الأوستا، والضحاك هو نفسه الثعبان في الأوستا الذي كان في الأوستاباسم “ازي دهاك”.
الخطوط الفارسية القديمة والأدب البهلوي
وبعنوان “الخطوط الفارسية القديمة والأدب البهلوي” يأتي الفصل الثاني، والذي يتناول الخطوط الفارسية التي وجدت منقوشة على الأحجار وغيرها من الآثار الفارسية القديمة، وهيآثار تؤكدأن الفرس كان لديهم أدب قومي.
كما أوضح المؤلف أن هذه الخطوط قد تأثرت بالخطوط البابلية والآشورية، كما سجلت انتصارات الملوك في المعارك الحربية واستيلائهم على البلاد المغلوبة، ثم تناول المؤلف أيضًا الأدب البهلوي أو الفهلوي، وهو الأدب الذي انتشر في بلاد فارسفي العهد الساساني بشكل خاصة قبل دخول الإسلام، وينسب إلى اللغة البهلوية التي كانت لغة إيران الرسمية حتى القرن السابع، ومن جانبه قام هورن بتتبع السمات الأدبية في هذه الكتابات، وقارن بينها وبين ماكتب في الأوستا، وأوضح النتئج التي توصل إليها بناءً على هذه المقارنة وهي وجود نوع من النظم الشعري في تلك الكتابات التي غلب عليها الطابع الديني والوعظي.