تاريخ الجمهورية الإيرانية مع عقوبة الإعدام يحوي الكثير من القصص والحكايات والأرقام المفزعة والإدانات الحقوقية، واتهامات وضعت في وجه النظام الإيراني بأنه لم يكن عادلا في معظم عمليات الإعدام التي أقدم عليها منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 وحتى وقت كتابة هذة السطور.
وبالطبع نبدأ حديثنا بواقعة الإعدام الأشهر في تاريخ دولة الملالي والتي بدأت في التاسع عشر من يوليو عام 1988 واستمرت لخمسة اشهر لاحقة، نفذ خلالها النظام الإيراني الإعدام بحق آلالف السجناء السياسين أغلبهم من مؤيدي وأنصار حركة “مجاهدي خلق” والتي كانت مصنفة وقتها على أنها جماعة أرهابية.
وأغلبية التقارير التي تعرضت لهذه الواقعة التاريخية لا تشير إلى أعداد دقيقة لما أسفرت عنه حملة الإعدامات التي قامت بها إيران في ذلك الوقت، فسجلت منظمة العفو الدولية أسماء ما يقارب 5 آلاف سجين اختفوا في ذلك التوقيت.
ويشار إلى أن الإعدام كان سببا في اختفاء هؤلاء، في حين المنظمات المعارضة للنظام الإيراني تشير إلى أن السجناء السياسين الذين أعدموا في هذة الفترة تتراواح أعدداهم بحد أدنى 8 آلاف سجين وبحد أقصى 30 آلف سجين سياسي.
واذا كانت الأرقام نقطة خلاف في هذة الواقعة، فما تؤكده التقارير المتناولة لهذا الحدث، أن السلطات الإيرانية أحاطت عمليات الإعدام تلك بسياج من السرية والتكتم، وكانت النية مبيتة لإنكار علاقتها باختفاء هؤلاء السجناء السياسيين، ولكن تمكن عدد من السجناء الهرب وفضح تلك العمليات التي وصفت باللاإنسانية؛ لأنها تمت دون محاكمات عادلة.
وبعيدا عن تلك الواقعة، فقبل عامين أصدرت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية تقريرًا يفيد بأن السلطات الإيرانية نفذت حكم الإعدام بحق 1900 شخص خلال عام 2015، وفقا لها التقرير الذي تصدره المنظمة بشكل دوري سنوي، فإن هذا الرقم يعني أن معدل 3 أشخاص يوميًا يتم إعدامهم بمختلف السجون الإيرانية.
الكارثة الحقوقية لم تتوقف عند ذلك الحد، فنفس التقرير أشار إلى أن الإعدامات في دولة الملالي أرقامها تزداد للأسف عامًا بعد الآخر.
في نفس العام طالبت عدد من المنظمات الحقوقية الإيرانية السلطات بإيقاف الإعدامات وتخفيف أحكام المدانين بالترويج للمخدرات وتعاطيها وكذلك توقيق ومحاسبة التجار المخدرات الرئيسين المرتبطين بشخصيات كبيرة بالنظام الإيراني لحل هذه المعضلة جذريا بدلا من زيادة أحكام الإعدام، لكن هذا الطلبات قوبلت من قبل السلطات بإعدام ما يقارب الـ 70 شخصا وفق تقرير صادر من قبل حملة الدفاع عن السجناء السياسين ومعتقلي الرأي في إيران.
نفس العام أيضا شهد قيام السلطات الإيرانية بإعدام 22 سجينا، إثر تنظيمهم اعتصام في سجن “قزل حصار” بمدينة كرج جنوب طهران، لمطالبة المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي بالعفو عنهم وتخفيف حكمهم من الإعدام إلى السجن المؤبد ونفس الطلب قوبل بالفرض أيضا ونفذ بحق هؤلاء الإعدام في ذات اليوم الذي قدمت به طلباتهم.
وقبل ذلك بعام كان قد نفذت السلطات الإيرانية عقوبة الإعدام بحق الإيرانية ريحانة جباري التي نالت قضيتها اهتمام عالمي ومحلي، بعد أن صدر بحقها حكم بالإعدام قبل ذلك بسبع سنوات على أثر اتهامها بقتل مسئول إيراني كبير.
وصدر في حق هذة القضية روايتين، الأولى توضح أن الفتاة الإيرانية تعرضت للتحرش الجنسي من قبل هذا المسئول وعلى أثر ذلك أقدمت على قتله؛ في محاولة منها للدفاع عن شرفها.
أما الرواية الثانية فتؤكد أن السيدة الإيرانية كان لديها نية مبيتة على مقتل هذا الرجل بدليل أنها اشترت السكين الذي طعنته به قبل هذة الواقعة بيومين وأنها؛ وفقا لما جاء بالتحقيقات وان كانت الكثير من المنظمات الحقوقية أكدت أن هذة الاعترافات التي أدلت بها السيدة الإيرانية خرجت منها بعد ضغوط مورست عليها.
أحدث سطور وقائع الإعدامات كشف عنها التليفزيون الإيراني قبل أيام حينما بث تقريرًا تليفزيونيًا يوضح أن إيران حكمت بالإعدام بحق المواطن أحمد رضا جلالي بعدما أدين بالتجسس لحساب إسرائيل مقابل حصوله على إقامة بالسويد.
وخلال التقرير أعلن المدعي العام لطهران عباس جعفري دولت أبادي، أن المشتبه به حكم عليه بالإعدام لتمريره معلومات عن البرنامج النووي لإيران لصالح عملاء في الاستخبارات الإسرائلية الموساد مقابل الحصول على إقامة بالسويد، وحتى الآن لم تعلن إيران عن تنفيذ الحكم.